عمره 3 قرون ومسلح ب8 مدافع «أرمسترونج» وطوله 125 مترًا وعرضه 13 مترًا أقل «عبدالناصر» لاستقبال القوات العائدة من اليمن و«السادات» في رحلته إلى إسرائيل.. وشهد واقعتى عز «إسماعيل وفاروق» اليخت «قصر ملكى عائم» والأكاديمية البحرية أنهت صيانته وجهزته للعبور يخت «المحروسة»، ولك أن تسميه «بطل حفل افتتاح قناة السويس الجديدة»، شارك في افتتاح قناة السويس مرتين على التوالى، ويعد افتتاح القناة الجديدة 6 أغسطس المقبل المشاركة الثالثة له، إذ أنهت الأكاديمية البحرية بالإسكندرية عمليات صيانة القصر الملكى العائم وتجديد المعدات والمحركات الداخلية له، وكذا إعادة دهان جسم اليخت بلونه الأبيض المميز، إذ من المقرر أن يشق مياه القناة الجديدة حاملًا على ظهره الرئيس عبد الفتاح السيسى في مشهد يعيد للأذهان الافتتاح الأسطورى للقناة عام 1869. لا يعد المحروسة مجرد يخت بحرى عادى، بل أحد القصور الملكية العائمة بما يحتويه من مقتنيات وأثاث ومشغولات ومفروشات يرجع تاريخها إلى ثلاثة قرون مضت، حيث تم بناء اليخت في عهد الخديو إسماعيل لاستخداماته الخاصة، وذلك بعد أن أهدى الخديو اليخت الملكى «فايد جهاد» للسلطان العثمانى عبد العزيز خان بمناسبة قدومه إلى مصر لتهنئته بتولى العرش. تعليمات الخديو كانت واضحة بشأن بناء يخت لا يضاهيه في الفخامة والحجم والسرعة يخت آخر في عصره، وهو ما حدث بالفعل، إذ تولت شركة «samuda» بلندن بناء اليخت ببدن من الحديد عام 1863، وتم تدشينه إبريل عام 1865 وسمى يخت «المحروسة» وطوله 125 مترًا، وعرضه 13 مترًا، وحمولته 3.417 طن، ويسير بالبخار، مستخدما وقود الفخم، وكانت سرعته 16 عقدة ومسلح ب8 مدافع من طراز أرمسترونج. ويعتبر «المحروسة» أسطورة حقيقية في وقته، فلم يسبق أن بنى يخت بهذا الحجم أو حتى ما يقاربه، إذ يتكون من خمسة طوابق، الطابق السفلى يضم الماكينات والغلايات وخزانات الوقود، والطابق الرئيسى به غرف الجلوس والمطابخ والمخازن والجناح الشتوى والقاعة الفرعونية إضافة إلى جناح الأمراء والأميرات. بينما يضم الطابق العلوى الأول مقدمة اليخت والمخطاف والأوناش وصالة الطعام وصالة التدخين، أما الطابق العلوى الثانى فيضم سطح المدفعية والحديقة الشتوية والجناح الصيفى والصالة الزرقاء. فيما يشتمل الطابق العلوى الثالث على «الممشى والعائمات»، وكذا يحتوى على أربعة مصاعد منها المصعد الخاص بالجناح الخصوصى كما يحتوى على جراج خاص بسيارة الملك. وكان يتم التعامل مع «المحروسة» كأى قصر ملكى، فتم شراء الأثاث الفاخر له من دول أوربا وإنجلترا وفرنسا، واحتوى على قطع أثرية نادرة. وفى عام 1868 أقل اليخت «المحروسة» الخديو إسماعيل إلى مرسيليا لدعوة رؤساء وملوك وأمراء أوربا للمشاركة في احتفالات افتتاح قناة السويس للملاحة الدولية لأول مرة في التاريخ، واشترك في 17 نوفمبر 1869 في افتتاح قناة السويس وعلى متنه العديد من الشخصيات المهمة من الأمراء والملوك والرؤساء، ومنهم الإمبراطورة أوجينى إمبراطورة فرنسا وزوجة نابليون الثالث. أما الرئيس جمال عبد الناصر فاستخدمه في كل تنقلاته بين الدول المختلفة بدلا من الطائرة خوفًا من استهدافها ومحاولة اغتياله، فكان يستخدم ذلك القصر العائم في زياراته التاريخية، إذ أبحر «المحروسة» حاملا جمال عبد الناصر لزيارة الجزائر ثم يوغسلافيا، كما أبحر اليخت من الإسكندرية إلى بورسعيد وعلى ظهره عبد الناصر لاستقبال القوات العائدة من اليمن. كما أبحر مرافقا الباخرة سوريا التي أقلت عبد الناصر والرئيس الروسى خروشوف والرئيس العراقى عبد السلام عارف والرئيس الجزائرى أحمد بن بيلا. وفى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، أبحر اليخت نحو خمس رحلات مهمة للغاية، بل تعتبر أهم رحلات اليخت على الإطلاق، الرحلة الأولى هي مشاركته في مناورة بحرية، وعلى ظهره السادات والعاهل السعودى الراحل الملك فيصل عام 1974. وفى احتفال عالمى مهيب، بتاريخ 5 يونيو 1975 أعاد السادات افتتاح قناة السويس، بعد إغلاق استمر 8 سنوات في أعقاب حرب 1967، وفى 4 سبتمبر 1979 وصل اليخت إلى ميناء حيفا وعلى ظهر ه الرئيس السادات في زيارة رسمية إلى إسرائيل في إطار اتفاقية السلام بين البلدين وهى واقعة تاريخية، ألقى فيها السادات خطابه الشهير أمام الكنيست الإسرائيلى. كما شارك يخت «المحروسة» في واقعتى عزل، الأولى في عام 1879 إذ أبحر اليخت مقلًا الخديو إسماعيل للإقامة بإيطاليا، وذلك بعد عزله عن حكم مصر، والثانية في 26 يوليو، حيث أقل اليخت الملك فاروق الأول بعد قيام ثورة 1952 في مصر وتنازله عن العرش، وذلك للإقامة في إيطاليا مثل جده الخديو إسماعيل.