أول سفينة عبرت «القناة» فى نوفمبر 1869 وعلى متنه «الخديو إسماعيل».. وداخلها «بيانو أثرى» إهداء من الإمبراطورة «أوجينى» زوجة نابليون عبارة عن «قصر عائم» طوله 145 مترا.. ومكون من 5 طوابق وحديقتين و4 مصاعد وجراج سيارات.. وهو ضمن أكبر عشرة يخوت فى العالم يحوى مجسماً من الفضة إهداء من شركة «إنسالدو الإيطالية» باسم اليخت وشعار الزواج الملكى بالذهب الخالص حمل الملك عبدالعزيز آل سعود عام 1946 من السعودية لزيارة مصر.. و«شاه إيران» أثناء قدومه لمصر للزواج من «الأميرة فوزية» فى عهد «السادات» كانت أشهر رحلاته الافتتاح الثانى ل «القناة» عام 1975 وزيارته «ميناء حيفا» عام 1979 بعد كامب ديفيد محمد المالحى كنسر عملاق، يرسو اليخت «محروسة» أمام قصر رأس التين العريق بالإسكندرية، حاملا سجلا حافلا بالذكريات فى بحار التاريخ وذاكرة مصر، موثقا وشاهدا أمينا للحظات الفرح والألم ل «مصر المحروسة» وكأنه «جبرتى» يدون التاريخ، ويحفظه فى قرار أمين، بمياه البحور والمحيطات. قرابة 150 عاما ولايزال «القصر العائم» برونقه وبهائه، وذاكرته الفولاذية فى حفظ تاريخ «المحروسة» بفضل رعاية القوات البحرية له، حيث يستعد خلال أيام لتوثيق مشاهدات افتتاح العبور الثانى، لقناة السويس الجديدة، وعلى متنه الرئيس عبد الفتاح السيسى، وضيوف مصر، من ملوك وأمراء ورؤساء دول، مثلما كان أول سفينة تعبر «القناة» عند افتتاحها صباح يوم 17 نوفمبر عام 1869 وعلى متنها الخديو إسماعيل والإمبراطورة أوجينى وقتها وأمراء وملوك أوروبا. فى نحو 107 صفحات يحوى كتاب «اليخت محروسة - رحلة مع اليخت الملكى» الصادر عن مكتبة الإسكندرية نهاية العام الماضى، للباحث محمود عزت، توثيقا رائعا وأمينا بالصور النادرة والوثائق لليخت الملكى سابقا، بينها المخاطبات الخاصة بالأميرالى جلال علوبة- قائد اليخوت الملكية بينه وبين الملك الأسبق فاروق بخصوص حالة اليخت- وتكليف قيادة القوات البحرية ل«علوبة» بالإقلاع باليخت وعلى متنه «فاروق» وأسرته عقب ثورة يوليو، فى رحلته الأخيرة للمنفى بإيطاليا. ويحمل الكتاب فى مقدمته إهداء أنيقا بقلم الدكتور إسماعيل سراج الدين- مدير المكتبة- لقادة وضباط وجنود القوات البحرية المصرية، لرعايتهم الأمينة ل «اليخت» الذى يعد أقدم سفن العالم، التى ما زالت تبحر، بل إنه يعتبر من أكبر اليخوت فى العالم، حيث جاء ترتيبه عام 2013 السابع عالميا، ضمن أكبر عشرة يخوت فى العالم. تم بناء اليخت فى عهد الخديو إسماعيل، وبدأت شركة «SAMOUDA» بلندن بناء اليخت ببدن من الحديد فى عام 1863 ميلادية، وتم تدشينه فى إبريل عام 1865 ميلادية وسمى اليخت «محروسة- وهو الاسم الذى كان يطلق على مصر وقتها من قبل المؤرخين» وكان فى ذلك الوقت طوله (125مترًا) وعرضه (12مترًا) وحمولته تزن 3.417 طن. ويسير بالبخار مستخدمًا وقود الفحم، وكانت وسيلة الدفع عبارة عن بدالات جانبية (طارات)، وكان له مدخنتان ومسلح بثمانية مدافع من طراز «أرمسترونج» فضلاً عن كونها من أساليب الزينة لليخت، وكانت كذلك من وسائل حماية اليخت من أى إغارة بحرية، وسافر طاقم اليخت من المصريين لاستلامه والعودة به إلى الإسكندرية فى أغسطس من عام 1865م. ويعتبر اليخت «محروسة» أسطورة حقيقية؛ فلم يسبق أن بُنى يخت بهذا الحجم أو حتى ما يقاربه، حيث يتكون من خمسة طوابق؛ وهى، الطابق السفلي: يضم الماكينات والغلايات وخزانات الوقود، والطابق الرئيسي: يضم غرف الجلوس والمطابخ والمخازن والجناح الشتوى والقاعة الفرعونية، إضافة إلى جناح الأمراء والأميرات، والطابق العلوى الأول: يضم مقدمة اليخت والمخطاف والأوناش وصالة الطعام وصالة التدخين، أما الطابق العلوى الثاني: فيضم سطح المدفعية والحديقة الشتوية والصيفية والجناح الصيفى والصالة الزرقاء. أما الطابق العلوى الثالث «الممشى والعائمات»: حيث يحتوى اليخت على أربعة مصاعد منها المصعد الخاص بالجناح الخصوصى، كما احتوى على جراج خاص بسيارة «الملك» ذات اللون الأحمر الملكى. عام 1867 استُخدم اليخت لقيادة الأسطول المكون من عشر سفن فى نقل الحملة المرسلة لإخماد الثورة بكريت، وفى نهاية عام 1867 سافر الخديو إسماعيل باليخت «محروسة» لحضور المعارض الفنية المقامة بباريس. فى عام 1868 أقل اليخت «محروسة» الخديو إسماعيل إلى مرسيليا لدعوة رؤساء وملوك وأُمراء أوروبا للمشاركة فى احتفالات افتتاح قناة السويس للملاحة الدولية لأول مرة فى التاريخ. فى 17 نوفمبر عام 1869 اشترك اليخت فى افتتاح قناة السويس للملاحة البحرية للمرة الأولى، وعلى متنه العديد من الشخصيات المهمة من الأمراء والملوك والرؤساء، ومنهم الإمبراطورة أوجينى إمبراطورة فرنسا زوجة نابليون الثالث. وفى هذه المناسبة أهدت الإمبراطورة أوجينى للخديو إسماعيل «بيانو أثرى» صنع خصيصًا لها فى (شتوتجارت) بألمانيا عام 1867، وهو ما زال بحالته الأصلية حتى الآن وموجود باليخت. فى عام 1872 أُرسل اليخت «محروسة» إلى لندن؛ حيث تمت زيادة طوله 40 قدمًا، وأصبح طوله (125مترًا)، بعدها وفى عام 1879، أبحر اليخت «محروسة» مقلاً الخديو إسماعيل للإقامة بإيطاليا، وذلك بعد عزله عن حكم مصر، وتولى ابنه «توفيق» باشا الحكم من بعده. وفى عام 1899، أبحر اليخت من الإسكندرية إلى بورسعيد مقلاًّ الخديو عباس حلمى الثانى للاحتفال بإزاحة الستار عن تمثال المهندس الفرنسى «فردنان ديليسبس»؛ الذى أشرف على عملية حفر قناة السويس، وفى يناير 1905 أُرسل اليخت إلى ترسانة «جلاسكو» باسكتلندا لتغيير ماكيناته وتركيب ثلاث ماكينات توربينية، وكان اليخت «محروسة» هو السفينة الثانية فى العالم التى تم تركيب هذا الطراز الجديد من الماكينات بها، وأصبح اليخت بمدخنة واحدة بعد أن كان له مدخنتان. فى عام 1912 تم تركيب التلغراف اللاسلكى باليخت لأول مرة، وفى 27 فبراير عام 1912، نقل اليخت المهاجرين الأتراك من تركيا إلى الإسكندرية بعد قيام الثورة التركية بقيادة الزعيم التركى مصطفى كمال أتاتورك، وفى 12 يوليو عام 1914، نقل اليخت «محروسة» الخديو عباس حلمى الثانى إلى تركيا؛ حيث مُنع من العودة بأوامر سلطات الاحتلال الإنجليزى. واستمر اليخت بالبقاء بميناء «الأستانة» حتى 3 يناير 1919؛ نظرًا لنشوب الحرب العالمية الأولى. فى يونيو 1919 أُرسل اليخت إلى ميناء «بورت سمث» بإنجلترا؛ حيث تم تعديل شكل المؤخرة، وزيادة طوله (8 أمتار) ليصبح 145 مترا، ومن المحطات التاريخية المهمة فى تاريخ اليخت، قيامه خلال الفترة من 16 فبراير إلى 21 فبراير عام 1946، بالإبحار وعلى متنه الملك الراحل عبد العزيز آل سعود- ملك المملكة العربية السعودية- لزيارة مصر والعودة مرة أخرى إلى السعودية، وكان فى استقباله الملك فاروق وجُهِّز له استقبال عسكرى حافل بميناء السويس، كذلك حمله «شاه إيران السابق» محمد رضا بهلوى، أثناء حضوره لمصر، لعقد قرانه على الأميرة فوزية عام 1936. فى 26 يوليو عام 1952 أقلَّ اليخت «محروسة» الملك فاروق الأول وأسرته إلى منفاه ب«إيطاليا» بعد قيام ثورة 1952 فى مصر وتنازله عن العرش؛ وخلال عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، شارك «اليخت» فى غالبية أسفاره وجولاته الخارجية، وقام عام 1955 بنقل بعثة الحج إلى المملكة العربية السعودية ذهابًا وإيابًا لأداء فريضة الحج. وفى 18 يوليو عام 1956، تم تغيير اسم اليخت «محروسة» ليصبح اسمه اليخت «الحرية» بأمر رئاسى من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وشارك فى عدة رحلات رئاسية، منها إلى دبر وفنيك، سبليت، بولا، برند يزى مقلاًّ الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لزيارة يوغوسلافيا، وإيطاليا. وفى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، أبحر اليخت «الحرية» حوالى خمس رحلات - تعتبر هى أهم رحلات اليخت على الإطلاق- ففى عام 1974شارك اليخت فى المناورة البحرية للقوات البحرية، وعلى ظهره الرئيس الراحل محمد أنور السادات والعاهل السعودى الراحل الملك فيصل، وفى 5 يونيو 1975شارك اليخت فى الافتتاح الثانى لقناة السويس، وعلى ظهره الرئيس الراحل محمد أنور السادات.