"اليخت الملكي" أمر الخديوي إسماعيل بإنشائه.. وتقوم القوات البحرية بتجديده ليكون شاهدا على افتتاح قناة السويس الجديدة «المحروسة» يخت عريق له تاريخ مشرف، عانق أمواج البحار قبل 144 عاما، ليشق طريقه في عرض البحر ويشهد على تاريخ مصر الحديث، يخت مليء بالذكريات، يرسو امام "قصر رأس التين" بالاسكندرية. تعود قصة بناء اليخت «المحروسة» إلى عام 1863 حين أمر الخديوي إسماعيل بإنشائه، وتم الانتهاء منه في إبريل عام 1865، وكان طوله 411 قدما وعرضه 42 قدما وحمولته 3417 طنا، ويسير بالبخار بوقود الفحم، ومسلح بثمانية مدافع من طراز «أرمسترونج». طوال السنوات التي احتضنت فيها مياه مصر يخت «المحروسة»، ظل غير متبرم من حمل ملوكها وسادتها ، وكان شاهدا أمينا على أحداث تاريخية كبرى. ففي عام 1869 سافر على متنه الخديوي إسماعيل لميناء مرسيليا بفرنسا لدعوة ملوك وأمراء أوروبا لحضور حفل افتتاح قناة السويس. "المحروسة" كان له السبق كأول قطعة بحرية في العالم تعبر قناة السويس عام 1869 وعلى ظهره الملوك والأمراء ، ومنهم الإمبراطورة أوجيني إمبراطورة فرنسا وزوجة نابليون الثالث، وأمير وأميرة هولندا وإمبراطور النمسا فرنسوا جوزيف ، وولي عهد ألمانيا الأمير فريدريك ، وحينها أهدت الإمبراطورة أوجيني «بيانو» أثري للخديوي إسماعيل ، كان قد صنع خصيصا للإمبراطورة في «شتوتغارت» بألمانيا عام 1867 ، وعزفت عليه بنفسها على ظهر اليخت ، وما زال موجودا حتى الآن بنفس حالته الأصلية. "المحروسة" كان له شرف اصطحاب الخديوي إسماعيل بعد عزله عن العرش عام 1879 إلى إيطاليا. وفي عام 1905 تم تعديل الشكل الخارجي وتطوير وسائل الدفع بترسانة إنجلترا ، حيث تم نزع «الطارات الجانبية» لتحل محلها «الرفاصات» وزود بأحدث توربينات بخارية في العالم. "المحروسة" شاهد على حدث تاريخى اخر وهو حمله لشاه إيران السابق محمد رضا بهلوي وهو في طريقه لعقد قرانه على الأميرة فوزية شقيقة الملك الراحل فاروق عام 1939. "المحروسة" يتكون من خمسة طوابق، يضم الطابق السفلي الماكينات والغلايات وخزانات الوقود، بينما يضم الطابق الرئيسي غرف الجلوس، المطابخ، المخازن، الجناح الشتوي، والقاعة الفرعونية إضافة إلى جناح الأمراء والأميرات، أما الطابق العلوي الأول فيحتوي على المقدمة، والمخطاف، والأوناش ، وصالة الطعام وصالة التدخين، ويضم الطابق العلوي الثاني سطح المدفعية، والحديقة الشتوية والصيفية، والجناح الصيفي والصالة الزرقاء، فيما يضم الطابق العلوي الثالث الممشى والعائمات، ويضم اليخت أربعة مصاعد منها المصعد الخاص بالجناح خاص لسيارة الملك الخاصة. "المحروسة" يعد أكبر يخت فى العالم بعد يخت الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم حاكم دبى. "المحروسة" تولى شرف قيادته 40 قائدا بحريا، ولهم الأميرالاي فردريك بك ، وتلاه عدد من أمراء البحار وآخرهم عقيد بحري أشرف سرور. "المحروسة" أطلق عليها أسم "الحرية" عقب ثورة يوليو 1952. وعلى الرغم من مرور 144 عاما على تدشين "المحروسة"، ما زال شبابه متجددا، وبحسب العديد من الخبراء فإنه يحتفظ بقدرته على الإبحار، وتتجدد ذكريات "المحروسة" فى 2015 على يد الرئيس عبد الفتاح السيسي الذى قرر أفتتاح قناة السويس الجديدة بقيادة المحروسة ليضيف له صفحة جديدة تاريخية ، ويكون "يخت المحروسة" شاهدا عليها.