التعديل الوزارى الذي أجراه الرئيس الجزائرى عبد العزيز بوتفليقة يوم الخميس، الماضى كان متوقعا بكل تأكيد ولكن لم يسبقه هذه المرة أي تسريبات مثلما حدث في المرات السابقة. ويعد هذا التعديل الوزارى السابع عشر منذ تولى الرئيس بوتفليقة مقاليد السلطة في عام 1999 وقد أملته الظروف الراهنة والتصميم على اعتماد الكفاءة كمعيار لاستمرار الوزراء في مناصبهم. وبقراءة متعمقة لهذا التعديل نجد فيه استحداث منصب مدير ديوان رئيس الوزراء بدرجة وزير والذي أسند إلى مصطفى كريم رحيل وهو ما يعنى أنه الرجل الثانى بعد رئيس الوزراء عبد المالك سلال الذي يتولى مهام السلطة التنفيذية إضافة إلى مايسند إليه من تكاليف نيابة عن الرئيس الجزائرى. ويشمل التعديل أيضا ترقية الوزير المنتدب للشئون المغاربية والأفريقية عبد القادر مساهل إلى وزير الشئون المغاربية والأفريقية والتعاون الدولى وهو مايمكن أن يسبب تداخلا مع مهام وزير الخارجية رمطان لعمامرة الذي احتفظ بمنصبه في التعديل الجديد حسبما يرى المحللون السياسيون... وهو ماجعل أيضا البعض يتساءل عما إذا كان ذلك بهدف الرغبة في تقليص صلاحيات لعمامرة وهو ماستثبته الأيام المقبلة. ومن بين الأمور البارزة في التعديل الوزارى هو إفلات الوزير عمار غول، وزير النقل في الوزارة السابقة، من الاستبعاد على مدى التعديلات السبعة عشر منذ أن كان وزيرا في عهد حكومة أحمد بن بيتور عام 1999... فقد أسندت إليه في التعديل الأخير وزارة السياحة والصناعات التقليدية، وأن عمار غول قد تولى على التوالى: وزارة الصيد والموارد المائية /1999/ ثم وزيرا للأشغال العامة 2002 في ظل حكومة على بن فليس والتي احتفظ بها على مدى 11 عاما ثم وزيرا للنقل وأخيرا وزير السياحة والصناعات التقليدية. وما يثير الدهشة، أن هذا التعديل الوزارى كان صفعة قوية لحزب جبهة التحرير الوطنى الحزب الحاكم في السلطة، حيث كان عمار سعيدانى الأمين العام للحزب هو الخاسر الأكبر في هذا التعديل ولم يكسب حزبه وزارات إضافية ولكن تم فقط استبدال وزير من حزب جبهة التحرير الوطنى بآخر من نفس الحزب. ومنذ أن تولى سعيدانى رئاسة الحزب في أغسطس 2013 بعد الإطاحة بعبد العزيز بلخادم وهو يطالب بأن تشكل غالبية الحكومة من أعضاء حزبه باعتباره حزب الأغلبية في البرلمان بل وكان يطالب بأن يكون رئيس الوزراء عضوا في الحزب. وقد دأب في كل تعديل وزارى على ابداء عدم رضاه عن التعديل وكان يصف الحكومة بأنها حكومة تكنوقراط... ويتساءل البعض: هل سينتظر عمار سعيدانى تعديلا آخر للحكومة بعد التعديل المرتقب للدستور إذا كان سينص على أن يتولى حزب الأغلبية في البرلمان تشكيل الحكومة ؟ لا أحد يعلم.. ولكن الشىء المؤكد الذي يعلمه الجميع أن التصريحات التي اطلقها سعيدانى في الآونة الأخيرة والتي ثبت عدم صحتها سواء إعلانه مرات عديدة بتعديل مرتقب في الوزراء أو الانتهاء من مراجعة الدستور إضافة إلى الهجوم على البعض لم تؤت ثمارها بل انقلبت عليه حيث بدأت مصداقيته تتراجع. وأخيرا يرى المحللون أن الاستغناء عن وزير الطاقة يوسف يوسفى جاء بسبب فشله في قضية الغاز الصخرى التي تثير اضطرابات في جنوبالجزائر منذ عدة شهور إضافة إلى النقص الحاد في الوقود الذي تشهده معظم الولاياتالجزائرية، أما وزير الرياضة محمد تهمى فيرى الكثيرون أن فشل الجزائر في تنظيم كأس الأمم الأفريقية 2017 هو السبب الرئيسى في استبعاده من الوزارة، بينما أدت شبهات الفساد التي اتهم بها البعض وزيرة الثقافة نادية لعبيدى ووزير المواردة المائية حسين نسيبب إلى إزاحتها من الوزارة الجديدة.