اجرى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة تعديلا وزاريا كما اعاد تنظيم اجهزة مهمة في المخابرات ما جعل المحللين يعتبرون ذلك عودة قوية لرئيس ظن الجميع ان المرض اضعفه وانه اصبح خارج حساب رئاسيات 2014. وشمل التغيير الوزاري اقالة ثلاثة عشر عضوا في الحكومة وتعيين احد عشر وزيرا جديدا منهم الفريق قايد صالح رئيس اركان الجيش نائبا لوزير الدفاع مع احتفاظه بمنصبه الاول ورمطان لعمامرة المفوض السابق للسلم والامن في الاتحاد الافريقي وزيرا للخارجية خلفا لمراد مدلسي والطيب بلعيز رئيس المجلس الدستوري وزيرا للداخلية خلفا لدحو ولد قابلية. وبحسب المحلل السياسي ناصر جابي فان "بوتفليقة استعاد مواقعه في اطار الصراع (مع خصومه) من خلال تعيين عمار سعيداني في منصب الامين العام لحزب جبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم) وكذلك القرارات المتعلقة بالمخابرات واخيرا هذا التعديل الحكومي.. هذه المؤشرات تبين ان بوتفليقة قوي". وتابع "نحن كملاحظين كنا ننتظر ان يحدث هذا في 2004 او 2005" اي بعد خروجه "منتصرا" من الصراع مع رئيس حكومته علي بن فليس المدعوم آنذاك من رئيس الاركان الراحل الفريق محمد العماري. وظل حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم منقسما في غياب الرئيس بوتفليقة بسبب المرض ولكنه بمجرد ان عاد فرض سيطرته ورايه على الجميع ودعم انتخاب عمار سعيداني امينا عاما رغم معارضة جزء كبير من اعضاء المكتب السياسي ومنهم وزراء في الحكومة. ودفع هؤلاء الوزراء الثمن باقالتهم دون اي اعتبار لكون حزبهم صاحب الاغلبية في البرلمان. وبالنسبة لناصر جابي فان بوتفليقة يسير البلاد على اساس "جهوي" وليس سياسي وهو "ما يفسر تعيينه للطيب بلعيز في وزارة الداخلية والطيب لوح في العدل" والاثنان من تلمسانالمدينة التي يتحدر منها الرئيس الذي يثق بهما كثيرا باعتبار ان الوزارتين هما المعنيتين مباشرة بتنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة في نيسان/ابريل من الناحية الادارية والامنية. وعلقت صحيفة الشروق الاكثر انتشارا في الجزائر (نصف مليون نسخة يوميا) الخميس على قرارات بوتفليقة بانه "من الواضح من هذا التعديل الحكومي وما سبقه من قرارات، ان القاضي الأول قرر قبل نحو ستة اشهر عن موعد الاستحقاق الرئاسي، تركيز كافة مقاليد صناعة القرار في الدولة بيده". وتشير الصحيفة الى ان الرئيس بالاضافة الى تعيين احد رجالاته على راس الحزب الحاكم "قام بتجريد دائرة الاستعلامات والامن (المخابرات) من أذرعها، اي مصلحة الصحافة ومصلحة امن الجيش ومصلحة الشرطة القضائية، والحاقهم جميعا بقيادة الأركان". والشرطة القضائية للمخابرات هي التي قادت التحقيقات في قضايا الفساد الكبرى واشهرها قضية سوناطراك المتهم فيها احد رجال الرئيس وزير الطاقة السابق شكيب خليل الذي اصدر القضاء الجزائري امرا دوليا بالقبض عليه مع ثمانية متهمين آخرين. واعلن حزب جبهة التحرير الوطني بقيادة عمار سعيداني صراحة دعمه لترشح بوتفليقة لولاية رئاسية رابعة في انتظار ان يتم ترتيب بيت حزب التجمع الوطني الديمقراطي حليفه في الحكومة، لانتخاب امين عام جديد في كانون الاول/ديسمبر خلفا للامين العام ورئيس الوزراء السابق احمد اويحيى. لكن بوتفليقة الذي يحكم البلاد منذ 1999 لم يعلن موقفه بعد من هذه الانتخابات، ما جعل ناصر جابي يعتقد انها "لم تحسم بعد". وقال "من الصعب على بوتفليقة الترشح لولاية رابعة لاسباب صحية محضة.. لكنه اذا اصر على ذلك فان البلاد مرشحة لهزات كبيرة". واضاف "لعله فعل كل هذا ليظهر انه قوي ويضمن خروجا آمنا، اذ لا يجب ان نغفل ان الرئيس مريض جدا وان الاطراف الاخرى لديها الكثير من الاوراق التي يمكن ان تستعملها". وسبق لبوتفليقة ان انتصر في كل المعارك السياسية التي خاضها ابتداء من اول ولاية له في 1999 عندما انسحب جميع المترشحين للتشكيك في مصداقية الانتخابات ثم في 2004 عندما واجه معارضة في حزبه حزب جبهة التحرير الوطني واخيرا في 2008 عندما غير الدستور ليتمكن من الترشح لولاية ثالثة. وما قام به في اليومين الماضيين يشكل "ضربة قوية لرئيس مريض وفي نهاية حكمه لا ينوي مغادرة السلطة قبل تهيئة الظروف لخليفته الذي سيختاره بنفسه" كما استنتجت صحيفة "ليبرتي". وبهذا يكون الرئيس بوتفليقة قد قام ، إلى حد الآن على الأقل، بتشفير كل المنافذ المؤدية إلى كرسي الرئاسة، آخذا في الحسبان كافة الاحتمالات التي قد تعترض طريقه، وهي ثلاثة لا أقل ولا أكثر، أولها: إما الترشح لعهدة رابعة في حال سمحت له ظروفه الصحية. وثانيها: تمديد العهدة الثالثة بسنتين أخريين، وهي من بين الاحتمالات المطروحة في حال لم تسمح الظروف الصحية للرئيس بوتفليقة بالترشح لعهدة رابعة، غير أن هذا الأمر مرهون بمضمون التعديل الدستوري الذي لا تزال تفاصيله غير معلومة إلى حد الآن، لكنها ليست من الصعوبة بمكان إذا أراد. وثالثها: أن يقف الرئيس بوتفليقة وراء مرشح يدفع به في السباق الرئاسي، ويهيئ له كافة الإمكانيات التي تمكنه من الوصول إلى قصر المرادية بشكل آمن وبعيدا عن أية مفاجآت محتملة.