أديب مصري وُلد بالقاهرة في 24 مارس 1924، ينتمي لأسرة بسيطة، تخرج في كلية الحقوق جامعة فؤاد الأول "القاهرة حاليًا" عام 1944، حيث عمل بالصحافة. إنه فتحي غانم، الأديب الذي يحاول أن يتعايش مع الصحفي، والصحافة بالنسبة له عمل، لكن الأدب حياة. ورغم كونه صحفيًا ورئيس تحرير لأكثر من جريدة، فقد حاول أن يروض الأديب الثائر في داخله الذي يدفعه أن يكون حرًا بلا قيود العمل والتزاماته ويتفرغ للفن والأدب. كان الأديب داخل الكاتب الراحل الكبير فتحي غانم يأخذ سمات من شخصية معينة أو مواقف أو حدث ارتبط بشخص ويدخلها في تكوينه الأدبي لتتحول إلى كائن يتحرك، لأنه ببساطة ليس كاتب سير. فتحي غانم الصحفي: بدأ عمله كمفتش في وزارة المعارف مع أحمد بهاء الدين ثم انتقل للصحافة، وكانت روز اليوسف هي المدرسة التي تعلم فيها الفن الصحفي، ولقد ذكر أنه في بداية عمله طلب منه كتابة موضوع والالتقاء بأسرة أحد الذين دبروا محاولة اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر من جماعة الإخوان في المنشية وحين ذهب وجد أسرة تعيش في حالة من البؤس والفقر الشديد فوصف ما رآه من مظاهر التعاسة والفقر مما أغضب القيادة السياسية، واعتبرت أنه سيؤدي إلى اثارة التعاطف مع المتآمرين. أصبح رئيسا لتحرير ورئيس مجلس إدارة جريدة الجمهورية، ولكن حبه الأكبر كان لصباح الخير وروز اليوسف، بسبب علاقة الحب والمودة التي كانت تربطه بالسيدة روز اليوسف، لقد كان يشعر أن روز اليوسف بيته الحقيقي. فتحي غانم الأديب: كتب العديد من الأعمال الأدبية، ولكنه عانى كثيرًا بسبب إسقاطات القراء، فكانت أكثر رواياته إثارة للتساؤل هي "رباعية الرجل الذي فقد ظله"، والتي تدور حول "يوسف السويفي" الشاب الذي أصبح رئيسًا للتحرير بأسلوب الغاية تبرر الوسيلة، ولقد نسبها البعض لشخصية صحفية شهيرة، ولكنه نفي ذلك، معللًا بأنه لا يؤرخ لأشخاص، ولقد سئل عن ذلك في ندوة في الكويت، بل إن الأستاذ محمد التابعي حين صدرت الرواية اتصل به، وقال له: إن البعض أخبره أنه كتب رواية عنه.. نفس الأمر بالنسبة لرواية "زينب والعرش" فكانت التساؤلات حول شخصية عبدالهادي وقال لي إن الأستاذ مصطفى أمين ذكر إنها تحمل ملامح من شخصيته، وكذلك شخصية يوسف التي نسبت لشخصيتين صحفيتين معروفتين. أما الشخصية التي أوحت له برواية "حكاية تو" فهو اليساري المعروف شهدي عطية وما تعرض له في السجن، وكذلك فإن روايته الأخيرة "صاحبة العظمة وصاحب الفخامة" استعمل فيها تكنيكيًا فنيًا جديدًا استمد بعض السمات من صديق له كاتب يساري معروف وشخصية صاحبة العظمة من بعض ملامح لشخصية عربية. واذا رجعنا لتجربته الأدبية الأولى في الرواية الطويلة وهي "الجبل" والتي لاقت نجاحًا كبيرًا تجدها تعكس تجربته كمفتش تحقيقات في وزارة المعارف بخصوص شكاوى من أهل القرنة ضد المهندس المعماري الشهير حسن فتحي، حيث سعي الأهالي بكل الوسائل لعدم ترك الجبل مصدر رزقهم الوحيد القائم على سرقة الآثار وبيعها، والرواية تعكس منظورا معينا، فلكي تدخل تغييرا في محيط حياة الأهالي وتدخل تحديثا يجب أن تنظر للبشر وحياتهم، وإيجاد مصدر رزق بديل من البشر أهم من المبني. ولقد تعرض لهجوم عنيف من احدي السيدات في حفل والتي اعتبرت الرواية هجوما على الدكتور حسن فتحي، وكانت رواياته تعكس صورة للتغيرات الاجتماعية والسياسية التي تطرأ على الساحة المصرية. في روايته "كثير من العنف قليل من الحب" التي تعكس أوضاع المجتمع المصري، وما دخل عليه من تطورات وانفتاح وتأثيرها على الشعب المصري. أما قصة الأفيال التي تنبأ بموجة الإرهاب في السبعينات، وانتهت باغتيال السادات، وكيف يتحول الضابط المسئول عن متابعة خلايا الإرهاب إلى أحد قادته، ولقد تحولت الرواية إلى مسلسل، ولكن الرقابة آنذاك قامت بحذف أكثر من عشر حلقات منه، إلا أنه اتصل بوزير الإعلام الذي أمر بإعادتها. فتحي غانم فنان في تعامله مع البشر هاديء الطبع إلا حين يكون في حالة إعداد وكتابة لاحدي رواياته، فيصبح كتلة من الأعصاب والأحاسيس وأي تصرف بسيط يثير ثائرته. رغم أن الجو الصحفي بطبيعته جو يدخل الفرد في دائرة العلاقات الاجتماعية فإنه كان يميل للعزلة، وكانت هوايته الرئيسية لعب الشطرنج في نادي الجزيرة، وكان أحد أبطال مصر في تلك اللعبة. كان صلاح حافظ من أقرب الناس إليه وأدهم حنين وعلاء الديب وكامل زهيري ود.جابر عصفور، ود.صلاح فضل، إضافة إلى الحاجة سعاد مدير الإدارة لروز اليوسف. تعرض للوقف عن العمل والعزل في عهد الرئيس السادات هو وصلاح حافظ بسبب ما يسمي بانتفاضة الحرامية، حيث خرجت روز اليوسف عن المألوف في بقية الصحف، وكتبت أن الانتفاضة وراءها سوء الأحوال الاقتصادية فعزله من رئاسة التحرير ومنعه من الكتابة ولقد أفادهما في التفرغ لكتابة "سيناريو زينب والعرش". كان حريصًا في آخر أيامه رغم مرضه على الكتابة والتواصل مع قراء روز اليوسف وصباح الخير، وقد واجه حقيقة مرضه بكل شجاعة وايمان، وكان الشيء الوحيد الذي يحرص عليه ألا يراه أحد في فراش المرض ضعيفًا، ولذلك كان يرفض الزيارة، والوحيد الذي سعد بلقائه والتقاه قبل وفاته بأيام كان الرسام بهجت وكان سعيدًا به وأهداه رسما له كتب تحته من بهاجيجو إلى فتاتيحو. تقلد محمد فتحي غانم العديد من الوظائف منها: رئيس تحرير صباح الخير من عام 1959 إلى عام 1966، رئيس مجلس إدارة وكالة أنباء الشرق الأوسط، عام 1966، رئيس تحرير جريدة الجمهورية (1966 وحتى 1971)، رئيس تحرير روزاليوسف (1973 وحتى 1977)، وكيل نقابة الصحفيين (1964 وحتى 1968). الهيئات التي ينتمي إليها: عضو لجنة التفرغ. رئيس لحنة التحكيم بمهرجان السينما للرواية المصرية، عام 1990. شارك فتحي غانم كرئيس للمؤتمر الثامن لأدباء الأقاليم بالعريش، عام 1993. له العديد من المؤلفات منها: الروايات: الجبل من أين الساخن والبارد الرجل الذي فقد ظله تلك الأيام المطلقة الغبي زينب والعرش الأفيال قليل من الحب كثير من العنف بنت من شبرا ست الحسن والجمال. مجموعات قصصية: تجربة حب سور حديد. ترجمة بعض القصص إلى لغات أوربية متعددة، كما ترجمت رباعية الرجل الذي فقد ظله إلى الإنجليزية، وترجمة رواية الجبل إلى اللغة العبرية. نال فتحي غانم العديد من الجوائز والأوسمة: جائزة الرواية العربية، بغداد، عام 1989. وسام العلوم والآداب، عام 1991. جائزة الدولة التقديرية في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة، عام 1994. توفي عام 1999 عن خمسة وسبعين عامًا.