Tether تفاجئ الأسواق وتصبح من أكبر مالكي الذهب في العالم    تعاون مصري صيني لتعزيز الابتكار في مجال الصحة الحيوانية    وزير الخارجية ونظيره الباكستاني يبحثان تعزيز العلاقات الثنائية بالمجالات السياسية والاقتصادية    صندوق مكافحة الإدمان: تقديم الخدمات العلاجية ل 130601 مريض إدمان «جديد ومتابعة» مجانا وفي سرية تامة    بعد إيداعه مستشفى الأمراض النفسية: التقرير الطبي يؤكد سلامة قوى العقل للمتهم بقتل زوجته لاعبة الجودو أمام طفليها بالإسكندرية    تأجيل محاكمة المتهمة بتشويه وجه عروس طليقها فى مصر القديمة ل20 نوفمبر    "ذات.. والرداء الأحمر" تحصد جوائز مهرجان القاهرة الدولي للطفل العربي    الرعاية الصحية: 800 ألف تدخل جراحي من خلال 43 مستشفى تابعة للهيئة    ليفربول يحلم بصفقة نجم بايرن ميونخ لخلافة محمد صلاح    محافظ الجيزة يُطلق المهرجان الرياضي الأول للكيانات الشبابية    التعليم العالى تقرر إلغاء زيادة رسوم الخدمات لطلاب المعاهد الفنية.. تفاصيل    انخفاض أسعار البط ببورصة الدواجن اليوم    فرص عمل جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 500 دينار عبر وزارة العمل    الأرصاد تكشف حالة الطقس حتى الخميس: خريف معتدل وارتفاع تدريجي في الحرارة    الصحة العالمية تحذر: 900 حالة وفاة في غزة بسبب تأخر الإجلاء الطبي    الليلة عرض أولى حلقات ليلة فونطاستيك مع أبلة فاهيتا على MBC مصر    تعرف على إصدارات مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي في دورته العاشرة    الصحة العالمية: 900 وفاة في غزة بسبب تأخر الإجلاء الطبي    وزيرة التنمية المحلية تفتتح أول مجزر متنقل في مصر بطاقة 100 رأس يوميا    الرئيس التنفيذي للمتحف الكبير: إطلاق مدونة سلوك قريبا.. وسنضطر آسفين للتعامل وفق حجم الخطأ حال عدم الالتزام    بتكوين تمحو معظم مكاسب 2025 وتهبط دون 95 ألف دولار    «الطفولة والأمومة» يتدخل لإنقاذ طفلة من الاستغلال في التسول بالإسماعيلية    أسعار الفراخ في البورصة اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    استمرار رفع درجة الاستعداد القصوي للتعامل مع الطقس الغير مستقر بمطروح    مصرع شخص صدمته سيارة مسرعة بطريق القاهرة الفيوم الصحراوي    معاش شهر ديسمبر 2025.. اعرف الموعد ومنافذ الصرف    مصر الرياضية تتلألأ بمليارية سوبر وماراثون تاريخي    لاعب دورتموند يسعى للانتقال للدوري السعودي    «حكايات من الصين المتطورة: لقاء مع جوان هو» في أيام القاهرة لصناعة السينما| اليوم    عمرو سعد يكشف تطورات الحالة الصحية لشقيقه أحمد بعد حادث العين السخنة    تعليمات عاجلة من محافظ الشرقية لتأمين اللجان الانتخابية وحماية الناخبين    لو مريض سكر.. كيف تنظم مواعيد دواءك ووجباتك؟    تجديد الاعتماد للمركز الدولي للتدريب بتمريض أسيوط من الجمعية الأمريكية للقلب (AHA)    في ذكرى وفاته| محمود عبدالعزيز.. ملك الجواسيس    أمريكي يعتدي على شباب مسلمين أثناء الصلاة في ولاية تكساس.. فيديو    نشرة مرور "الفجر".. انتظام مروري بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    عمرو حسام: الشناوي وإمام عاشور الأفضل حاليا.. و"آزارو" كان مرعبا    حارس لايبزيج: محمد صلاح أبرز لاعبي ليفربول في تاريخه الحديث.. والجماهير تعشقه لهذا السبب    الدفاع السورية: تشكيل لجنة تحقيق لتحديد مكان إطلاق الصواريخ على دمشق    مدفعية الاحتلال تقصف شرق مدينة غزة ومسيرة تطلق نيرانها شمال القطاع    طرق حماية الأطفال ودعم مناعتهم مع بداية الشتاء    جامعة القناة تقدم ندوة حول التوازن النفسي ومهارات التكيف مع المتغيرات بمدرسة الزهور الثانوية    الصين تحذّر رعاياها من السفر إلى اليابان وسط توتر بشأن تايوان    الأهلي يستأنف تدريباته اليوم استعدادًا لشبيبة القبائل بدوري الأبطال    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية لقرية أم خنان بالحوامدية    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الشرطة السويدية: مصرع ثلاثة أشخاص إثر صدمهم من قبل حافلة وسط استوكهولم    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمحل عطارة في بولاق الدكرور    حكم شراء سيارة بالتقسيط.. الإفتاء تُجيب    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    مقتل 7 أشخاص وإصابة 27 إثر انفجار مركز شرطة جامو وكشمير    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    باحث في شؤون الأسرة يكشف مخاطر الصداقات غير المنضبطة بين الولد والبنت    جوائز برنامج دولة التلاوة.. 3.5 مليون جنيه الإجمالي (إنفوجراف)    زعيم الثغر يحسم تأهله لنهائي دوري المرتبط لكرة السلة    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد 12 عاما من رحيله : الاحتفال بفتحي غانم وتحديثه للرواية العربية
نشر في صباح الخير يوم 25 - 05 - 2011

احتشد المثقفون المصريون للاحتفاء بالكاتب والروائي الراحل فتحي غانم «1924-1999» في احتفالية نظمتها لجنة القصة بالمجلس الأعلي للثقافة وافتتحها الدكتور عز الدين شكري أمين عام المجلس الأعلي للثقافة. وقد تناول المثقفون المصريون جوانب إبداع فتحي غانم وهو من أبرز الرموز الأدبية المعاصرة في الثقافة المصرية، وأسس رؤيته المتميزة لواقع مجتمعه وصراعاته فأنتج فناً راقياً وأدباً روائياً مهموماً بقضايا لم تزل تفرض نفسها علي الواقع حتي الآن.
وعلي مدي جلسات بحثية تناولت جوانب إبداعه افتتحها الروائي الكبير خيري شلبي رئيس لجنة القصة بقوله: «فتحي غانم هو العلامة الأبرز في تحديث الرواية العربية من خلال مغامراته الكثيرة في ابتداع أشكال جديدة للرواية»، ودعا الروائي خيري شلبي إلي الاهتمام بإعادة طبع الإنتاج الروائي والقصصي لفتحي غانم.
وتحدث د. جابر عصفور عن أهم القضايا الفكرية والإبداعية في أعمال فتحي غانم ومنها: العقل الإنساني وحدوده، والحقيقة: هل هي نسبية أم مطلقة؟ فقد رأي أن الحقيقة الروائية ليست مطلقة ونحن نعرفها من خلال أوجهها المتعددة فكانت روايته «الرجل الذي فقد ظله» رواية أصوات تروي رؤيتها للأحداث من وجهات نظر مختلفة، كما اهتم بقضية الإرهاب الديني في روايته «بنت من شبرا»، ورواية «الأفيال»، وأضاف جابر عصفور إن فتحي غانم كان يملك الرغبة الدائمة في الكتابة وأنه كان يحتشد للكتابة بحيلة طريفة وهي أنه كان ينسخ عدداً من صفحات رواية «البحث عن الزمن الضائع» لمارسيل بروست - بالفرنسية - وعندما يحتشد للكتابة يتوقف عن النسخ بالفرنسية ويبدأ الكتابة بالعربية وهو نوع من الاحتشاد الفكري والفني.
- الجبل
وقد تحدث الروائي يوسف الشاروني عن رواية «الجبل» لفتحي غانم مقارناً بينها وبين رواية «يوميات نائب في الأرياف» لتوفيق الحكيم، ويري الشاروني: أن غانم وجد في حكاية أهل الجبل اصطداما خطيرا بين إنسانية صادقة ساذجة حائرة وبين مدنية سطحية قلقة فجعل بطل روايته ينتقل من صفة المحقق القانوني إلي إنسان يشعر بما يقع علي الآخرين من ظلم، وتعود جذور الرواية إلي قصة حقيقية عندما رفض أهالي قرية «القرنة» الانتقال من قريتهم «الجبلية» إلي قرية نموذجية تبنيها الحكومة للأهالي، وكان قد صممها المعماري حسن فتحي وتقع القرنة علي الضفة الغربية للنيل.
أما الناقد شوقي بدر يوسف فقد تحدث عن طرح بعض روايات فتحي غانم أسئلة عدة في مواجهة إشكالية العنف ومنها رواية «حكاية تو» وطرح فيها سؤالاً مهماً هل العنف يولد التمرد أم أن التمرد هو الذي يولد العنف؟، وقد أراد فتحي غانم بهذه الرواية أن يكشف الستار عما كانت تمارسه السلطة من قهر وقمع غير معلن علي نُخب المثقفين والمناضلين في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، وقد كانت صيحة تحذير وإدانة للنظام في ذلك الوقت كما يقول شوقي بدر يوسف.
- تلك الأيام!
أما د. أماني فؤاد فتناولت رواية «تلك الأيام» وقالت: يدير فتحي غانم لعبته السردية بمهارة فاستطاع في هذه الرواية أن يذيب الشخصيات المتشابهة الأقدار والظروف معاً علي الرغم من اختلاف الزمان واستطاع في الوقت ذاته أن يبقي لكل شخصية خصوصيتها في سرد مكثف حميم مختزلاً مناطق واسعة من الحكي ومناقشاً فكرة العجز عند أبطاله خاصة بطل روايته سالم عبيد، والعجز رغم إدراك موطن العلة يؤدي إلي عدم القدرة علي المواجهة وظهر ذلك جلياً في مواقف شخصيات رواية «تلك الأيام».
-الرجل المناسب!
أما الروائي د. محمد إبراهيم طه فقد تحدث عن ملامح السرد القصصي في مجموعة «الرجل المناسب» وقال: إن قصص فتحي غانم أقرب إلي الإيقاع الروائي منها إلي الإيقاع القصصي، وتعتمد بنية قصصه في مجملها علي الشخصية القصصية بشكل أساسي، فالشخصية هي البطل وهي عماد القصص وليست الفكرة ولا الحدث، وقصصه في الغالب تكشف عن مظاهر الزيف، والكذب، والادعاء والوصولية كما تفضح افتقاد أصحابها إلي الرؤية الصحيحة لنفسها وللعالم، وقصصه تحدث في زمن قصير لكنها تتناول فترة زمنية طويلة يظهر فيها فتحي غانم قدرات واسعة علي استخدام تيار الوعي، والمونولوج الداخلي لينتقل خلال هذه الفترة الطويلة بحرية وبلا ترتيب زمني.
- مفتاح الشخصيات بيد القارئ!
وتناول د. يسري عبدالله في دراسته: «آليات الخطاب الروائي في رواية «زينب والعرش» فألقي الضوء علي الملامح السردية في تنوعها الخصب عند فتحي غانم، ومن ملامح السرد في روايته تلك: «توظيف آلية التوالد الحكائي حيث تناسل الحكايات بحيث تفصح عن مكنونات الشخصية، وكذلك اعتمد غانم تقديم مشهدية بصرية واضحة في روايته، كما حرص علي تقديم مكثف لشخصياته عبر مفاتيح عبارة عن جمل مكثفة وموحية تعطي مفتاح الشخصية ليد القارئ.
- قط وفأر في قطار!
ورواية «قط وفأر في قطار» هي آخر روايات فتحي غانم، وقد صدرت عام 1995، ومن خلال دراسة في هذه الرواية لكاتبة هذه السطور، أري أن هذه الرواية تتناول علاقة المثقف بالسلطة وهي تعالج أزمة المثقف الذي يبدو متأرجحًا بين ضميره وولائه، بين مسئوليته الاجتماعية وعلاقته بالسلطة من خلال شخصية المحامي المثقف الذي يلعب الشطرنج مع الزعيم، ويبرر تدخله في شئونه وتفاصيل حياته مبررًا للسلطة كل ما تفعل متمثلة في الزعيم، وعند وفاته يقوم المحامي برحلة في قطار تتنازعه نفسه كما قط وفأر، فتذهب نفسه أشتاتًا ويذهب في رحلة خيالية لمقابلة الزعيم في العالم الآخر ليسأله التمتع بملايين سرقها هذا المحامي، ولكن الزعيم لا يجاوبه ويتركه لضميره لأن الزعيم مشغول بحل الخلافات العديدة بين مجلس قيادة ثورة يوليو، وهنا يتخلص المثقف من دور الممثل وخوف الجبان ليتحمل مسئوليته ويرفض الملايين، فهي رواية ضمير حي أبرز فيها غانم وعيه بالدور الاجتماعي للمثقف وبالدور المزدوج الذي يمكن أن يتورط فيه إذا ساير السلطة أو مشي في ركابها.
- شهادات معاصريه
وقد أدار الروائي فؤاد قنديل جلسة الشهادات التي أسهم فيها عدد من الكتاب والنقاد الذين عرفوا فتحي غانم عن قرب فتحدثت الكاتبة والروائية زينب صادق فقالت: عاصرت فترة رئاسة تحرير فتحي غانم لمجلة «صباح الخير» وهو أول من عرضت عليه روايتي الأولي «شهور صيف» لأعرف رأيه فيها، ولقد ظلت الرواية عنده ستة أشهر، وفوجئت به يكتب عنها في «صباح الخير» وكانت الرواية تقدم الفتاة المصرية في عهد جديد هو عهد الثورة، وكانت هذه الخطوة المشجعة لفتحي غانم دفعة قوية لي في الانطلاق إلي الكتابة الروائية والقصصية معًا.
أما الناقد عبدالرحمن أبوعوف فقد أثار اهتمام الحاضرين باعترافه بأنه كان من الذين ظلموا فتحي غانم نقديًا! وبرر ذلك بقوله: كان فتحي غانم شبه معزول عن النقاد، فلقد كان الأدباء يجلسون معنا نحن النقاد، عرفنا وعايشنا يحيي حقي، ونجيب محفوظ، ويوسف إدريس، وقد تسببت عزلة فتحي غانم وصمته في انصراف النقاد عنه مع أنه من أبرز كتاب الرواية في عالمنا العربي، وقد كتبت عنه فيما بعد.
أما الروائي سعيد الكفراوي فقال إنه لم يعرف فتحي غانم بشكل شخصي لأنه عزوف ولكنه تأثر عميقًا بروايته «الجبل» الذي انفتحت علي فضاء الأسطورة، وكان فيها عالم مشوق وصراع محتدم، وفتحي غانم هو ابن الحقبة الليبرالية في تاريخ مصر، وابن ثقافتها المستنيرة في فترة الأربعينيات والتي كان من ثمارها قيام ثورة يوليو.
أما د. سامي سليمان فقد تحدث عن مساحة التجريب الواسعة عند فتحي غانم ضاربًا المثل برواية «الغبي» التي كتبها عام 1966 ولم تنشر في مجلة «صباح الخير» إلا عام 1993 مشيرًا إلي أن تاريخ كتابة الرواية يؤكد أنها كانت مغامرة جديدة في الكتابة حيث لم تكن الرواية تكتب بهذا الشكل في الستينيات، وهي تعتمد علي فكرة: أن الراوي الكاتب عثر علي أوراق شخص مجهول حيث يدورالسرد علي عدة مستويات.
وقد أسهم بالجلسات البحثية العديد من الدارسين ومنهم: د.عفاف عبدالمعطي التي قدمت دراسة عن الشخصية الانتهازية في أدب فتحي غانم، والناقد حسين عيد الذي قدم رؤية حول تطور شخصية رجل الدين في عالم فتحي غانم، ود. عبدالسلام الشاذلي وتحدث عن «البنية الفنية والدلالة السياسية في «تلك الأيام»، ود.عبدالرحيم الكردي الذي تحدث عن مزايا السرد في رواية «الرجل الذي فقد ظله»، كما أدار الجلسات نخبة من المثقفين والنقاد: د. صلاح فضل، والروائي يوسف القعيد، ود.محمد بدوي، وقد أسهم في هذا المؤتمر د. زبيدة عطا زوجة الروائي الراحل فتحي غانم فألقت كلمة الأسرة.
ومن الإنصاف أن نقول إن فتحي غانم انتقد السلطة وتمرد عليها وكشف الكثير من ممارساتها السلبية من خلال أدبه الروائي والقصصي بحيث يمكننا القول أن رواياته: روايات ضمير مثقف، أما كتاباته الصحفية فهي تحتاج إلي دراسة عميقة من المتخصصين لأنها قد تفتح ملفًا مهمًا وهو علاقة المثقف بالسلطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.