انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية الإعلام وتكنولوجيا الاتصال جامعة قنا    أمين البحوث الإسلامية يتفقّد منطقة الوعظ ولجنة الفتوى والمعرض الدائم للكتاب بالمنوفية    رئيس جامعة قناة السويس يهنئ السيسي بالعام الميلادي الجديد    "الزراعة": تحصين 1.35 مليون طائر خلال نوفمبر    محافظ المنوفية يتفقد تجهيزات السوق النموذجي بكفر بتبس في تلا    البورصة تربح 2 مليار جنيه بختام تعاملات جلسة منتصف الأسبوع    محافظ الشرقية يشارك فى إجتماع مجلس جامعة الزقازيق    الشرطة التركية تعتقل 110 مشتبه بهم لانتمائهم لتنظيم داعش    أبو الغيط يعرب عن بالغ القلق بشأن التطورات المتلاحقة الخطيرة في اليمن    رئيس وزراء إسرائيل السابق يتهم نتنياهو وأنصاره بتعمد تخريب العلاقات مع مصر    جوتيريش يدعو لإعادة ترتيب أولويات العالم: السلام أولًا بدل سباق التسلح في 2026    مدرب بوركينا فاسو يؤكد على أهمية مواجهة السودان بأمم أفريقيا    تشكيل غزل المحلة لمباراة الطلائع في كأس عاصمة مصر    المصري اليوم: سجن رمضان صبحي لمدة عام مع الشغل    حصاد 2025.. إصلاح تعليمي شامل يترجم الرؤية إلى واقع    الأمن يكشف ملابسات فيديو الاستيلاء على حافظة نقود بالمنيا وضبط المتهم    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث مروري ب«صحراوي قنا»    الداخلية تكشف حقيقة فيديو الاستيلاء على حافظة نقود لسيدة بالمنيا    توزيع هدايا بابا نويل، تعرف علي وصية والدة الفنان هاني رمزي قبل رحيلها    حصاد 2025| 1100 ليلة عرض من البيت الفني للمسرح في القاهرة والمحافظات    الكشف على 1041 حالة ضمن قافلة طبية مجانية في قرية أبيس2 بالإسكندرية    رئيس جامعة العريش يتابع سير امتحانات الفصل الدراسي الأول بمختلف الكليات    30 ديسمبر 2025.. أسعار الذهب ترتفع 25 جنيها إضافية وعيار 21 يسجل 5945 جنيها    الأمانة العامة لمجلس النواب تبدأ في استقبال النواب الجدد اعتبارا من 4 يناير    رئيس الزمالك يسافر إلى فرنسا للخضوع لفحوصات طبية    بيراميدز يخطف حامد حمدان من الأهلي    الرئيس الإيراني يتوعد برد "قاس ومؤسف" على تهديدات ترامب    قادة أوروبيون يبحثون ملف حرب أوكرانيا    دينامو زغرب يضم عبد الرحمن فيصل بعد فسخ عقده مع باريس سان جيرمان    مهرجان المنصورة الدولي لسينما الأطفال يكشف عن بوستر دورته الأولى    بمناسبة احتفالات رأس السنة.. مد ساعات عمل مترو الخط الثالث وقطار العاصمة    الصحة: تقديم 22.8 مليون خدمة طبية بالشرقية وإقامة وتطوير المنشآت بأكثر من ملياري جنيه خلال 2025    الزراعة: تحصين 1.35 مليون طائر خلال نوفمبر.. ورفع جاهزية القطعان مع بداية الشتاء    وزارة العدل تقرر نقل مقرات 7 لجان لتوفيق المنازعات في 6 محافظات    وزير الداخلية يعقد اجتماعا مع القيادات الأمنية عبر تقنية (الفيديو كونفرانس)    وزير الثقافة يُطلق «بيت السرد» بالعريش ويدعو لتوثيق بطولات حرب أكتوبر| صور    معهد الأورام يستقبل وفدا من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي لدعم المرضى    محافظ المنوفية يضع حجر الأساس لإنشاء دار المناسبات الجديدة بحي شرق شبين الكوم    مصرع تاجر مخدرات وضبط آخرين في مداهمة بؤرة إجرامية ببني سويف    معبد الكرنك يشهد أولى الجولات الميدانية لملتقى ثقافة وفنون الفتاة والمرأة    حازم الجندى: إصلاح الهيئات الاقتصادية يعيد توظيف أصول الدولة    فيديو.. متحدث الأوقاف يوضح أهداف برنامج «صحح قراءتك»    محافظة الجيزة تعزز منظومة التعامل مع مياه الأمطار بإنشاء 302 بالوعة    محافظ الدقهلية يتفقد مستشفى التأمين الصحي بسندوب    حكام مباريات غداً الأربعاء في كأس عاصمة مصر    رئيس جامعة الجيزة الجديدة: تكلفة مستشفى الجامعة تقدر بنحو 414 مليون دولار    بنك مصر يخفض أسعار الفائدة على عدد من شهاداته الادخارية    أوكرانيا: مقتل وإصابة 1220 عسكريا روسيا خلال 24 ساعة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    «هتحبس ليه؟ فرحي باظ وبيتي اتخرب».. أول تعليق من كروان مشاكل بعد أنباء القبض عليه    اليوم.. طقس شديد البرودة ليلا وشبورة كثيفة نهارا والعظمي بالقاهرة 20 درجة    التموين تعلن اعتزامها رفع قيمة الدعم التمويني: 50 جنيه لا تكفي    إصابة منصور هندى عضو نقابة المهن الموسيقية فى حادث تصادم    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تشن غارات شرقي مخيم المغازي وسط قطاع غزة    بيان ناري من جون إدوارد: وعود الإدارة لا تنفذ.. والزمالك سينهار في أيام قليلة إذا لم نجد الحلول    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد 12 عاما من رحيله : الاحتفال بفتحي غانم وتحديثه للرواية العربية
نشر في صباح الخير يوم 25 - 05 - 2011

احتشد المثقفون المصريون للاحتفاء بالكاتب والروائي الراحل فتحي غانم «1924-1999» في احتفالية نظمتها لجنة القصة بالمجلس الأعلي للثقافة وافتتحها الدكتور عز الدين شكري أمين عام المجلس الأعلي للثقافة. وقد تناول المثقفون المصريون جوانب إبداع فتحي غانم وهو من أبرز الرموز الأدبية المعاصرة في الثقافة المصرية، وأسس رؤيته المتميزة لواقع مجتمعه وصراعاته فأنتج فناً راقياً وأدباً روائياً مهموماً بقضايا لم تزل تفرض نفسها علي الواقع حتي الآن.
وعلي مدي جلسات بحثية تناولت جوانب إبداعه افتتحها الروائي الكبير خيري شلبي رئيس لجنة القصة بقوله: «فتحي غانم هو العلامة الأبرز في تحديث الرواية العربية من خلال مغامراته الكثيرة في ابتداع أشكال جديدة للرواية»، ودعا الروائي خيري شلبي إلي الاهتمام بإعادة طبع الإنتاج الروائي والقصصي لفتحي غانم.
وتحدث د. جابر عصفور عن أهم القضايا الفكرية والإبداعية في أعمال فتحي غانم ومنها: العقل الإنساني وحدوده، والحقيقة: هل هي نسبية أم مطلقة؟ فقد رأي أن الحقيقة الروائية ليست مطلقة ونحن نعرفها من خلال أوجهها المتعددة فكانت روايته «الرجل الذي فقد ظله» رواية أصوات تروي رؤيتها للأحداث من وجهات نظر مختلفة، كما اهتم بقضية الإرهاب الديني في روايته «بنت من شبرا»، ورواية «الأفيال»، وأضاف جابر عصفور إن فتحي غانم كان يملك الرغبة الدائمة في الكتابة وأنه كان يحتشد للكتابة بحيلة طريفة وهي أنه كان ينسخ عدداً من صفحات رواية «البحث عن الزمن الضائع» لمارسيل بروست - بالفرنسية - وعندما يحتشد للكتابة يتوقف عن النسخ بالفرنسية ويبدأ الكتابة بالعربية وهو نوع من الاحتشاد الفكري والفني.
- الجبل
وقد تحدث الروائي يوسف الشاروني عن رواية «الجبل» لفتحي غانم مقارناً بينها وبين رواية «يوميات نائب في الأرياف» لتوفيق الحكيم، ويري الشاروني: أن غانم وجد في حكاية أهل الجبل اصطداما خطيرا بين إنسانية صادقة ساذجة حائرة وبين مدنية سطحية قلقة فجعل بطل روايته ينتقل من صفة المحقق القانوني إلي إنسان يشعر بما يقع علي الآخرين من ظلم، وتعود جذور الرواية إلي قصة حقيقية عندما رفض أهالي قرية «القرنة» الانتقال من قريتهم «الجبلية» إلي قرية نموذجية تبنيها الحكومة للأهالي، وكان قد صممها المعماري حسن فتحي وتقع القرنة علي الضفة الغربية للنيل.
أما الناقد شوقي بدر يوسف فقد تحدث عن طرح بعض روايات فتحي غانم أسئلة عدة في مواجهة إشكالية العنف ومنها رواية «حكاية تو» وطرح فيها سؤالاً مهماً هل العنف يولد التمرد أم أن التمرد هو الذي يولد العنف؟، وقد أراد فتحي غانم بهذه الرواية أن يكشف الستار عما كانت تمارسه السلطة من قهر وقمع غير معلن علي نُخب المثقفين والمناضلين في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، وقد كانت صيحة تحذير وإدانة للنظام في ذلك الوقت كما يقول شوقي بدر يوسف.
- تلك الأيام!
أما د. أماني فؤاد فتناولت رواية «تلك الأيام» وقالت: يدير فتحي غانم لعبته السردية بمهارة فاستطاع في هذه الرواية أن يذيب الشخصيات المتشابهة الأقدار والظروف معاً علي الرغم من اختلاف الزمان واستطاع في الوقت ذاته أن يبقي لكل شخصية خصوصيتها في سرد مكثف حميم مختزلاً مناطق واسعة من الحكي ومناقشاً فكرة العجز عند أبطاله خاصة بطل روايته سالم عبيد، والعجز رغم إدراك موطن العلة يؤدي إلي عدم القدرة علي المواجهة وظهر ذلك جلياً في مواقف شخصيات رواية «تلك الأيام».
-الرجل المناسب!
أما الروائي د. محمد إبراهيم طه فقد تحدث عن ملامح السرد القصصي في مجموعة «الرجل المناسب» وقال: إن قصص فتحي غانم أقرب إلي الإيقاع الروائي منها إلي الإيقاع القصصي، وتعتمد بنية قصصه في مجملها علي الشخصية القصصية بشكل أساسي، فالشخصية هي البطل وهي عماد القصص وليست الفكرة ولا الحدث، وقصصه في الغالب تكشف عن مظاهر الزيف، والكذب، والادعاء والوصولية كما تفضح افتقاد أصحابها إلي الرؤية الصحيحة لنفسها وللعالم، وقصصه تحدث في زمن قصير لكنها تتناول فترة زمنية طويلة يظهر فيها فتحي غانم قدرات واسعة علي استخدام تيار الوعي، والمونولوج الداخلي لينتقل خلال هذه الفترة الطويلة بحرية وبلا ترتيب زمني.
- مفتاح الشخصيات بيد القارئ!
وتناول د. يسري عبدالله في دراسته: «آليات الخطاب الروائي في رواية «زينب والعرش» فألقي الضوء علي الملامح السردية في تنوعها الخصب عند فتحي غانم، ومن ملامح السرد في روايته تلك: «توظيف آلية التوالد الحكائي حيث تناسل الحكايات بحيث تفصح عن مكنونات الشخصية، وكذلك اعتمد غانم تقديم مشهدية بصرية واضحة في روايته، كما حرص علي تقديم مكثف لشخصياته عبر مفاتيح عبارة عن جمل مكثفة وموحية تعطي مفتاح الشخصية ليد القارئ.
- قط وفأر في قطار!
ورواية «قط وفأر في قطار» هي آخر روايات فتحي غانم، وقد صدرت عام 1995، ومن خلال دراسة في هذه الرواية لكاتبة هذه السطور، أري أن هذه الرواية تتناول علاقة المثقف بالسلطة وهي تعالج أزمة المثقف الذي يبدو متأرجحًا بين ضميره وولائه، بين مسئوليته الاجتماعية وعلاقته بالسلطة من خلال شخصية المحامي المثقف الذي يلعب الشطرنج مع الزعيم، ويبرر تدخله في شئونه وتفاصيل حياته مبررًا للسلطة كل ما تفعل متمثلة في الزعيم، وعند وفاته يقوم المحامي برحلة في قطار تتنازعه نفسه كما قط وفأر، فتذهب نفسه أشتاتًا ويذهب في رحلة خيالية لمقابلة الزعيم في العالم الآخر ليسأله التمتع بملايين سرقها هذا المحامي، ولكن الزعيم لا يجاوبه ويتركه لضميره لأن الزعيم مشغول بحل الخلافات العديدة بين مجلس قيادة ثورة يوليو، وهنا يتخلص المثقف من دور الممثل وخوف الجبان ليتحمل مسئوليته ويرفض الملايين، فهي رواية ضمير حي أبرز فيها غانم وعيه بالدور الاجتماعي للمثقف وبالدور المزدوج الذي يمكن أن يتورط فيه إذا ساير السلطة أو مشي في ركابها.
- شهادات معاصريه
وقد أدار الروائي فؤاد قنديل جلسة الشهادات التي أسهم فيها عدد من الكتاب والنقاد الذين عرفوا فتحي غانم عن قرب فتحدثت الكاتبة والروائية زينب صادق فقالت: عاصرت فترة رئاسة تحرير فتحي غانم لمجلة «صباح الخير» وهو أول من عرضت عليه روايتي الأولي «شهور صيف» لأعرف رأيه فيها، ولقد ظلت الرواية عنده ستة أشهر، وفوجئت به يكتب عنها في «صباح الخير» وكانت الرواية تقدم الفتاة المصرية في عهد جديد هو عهد الثورة، وكانت هذه الخطوة المشجعة لفتحي غانم دفعة قوية لي في الانطلاق إلي الكتابة الروائية والقصصية معًا.
أما الناقد عبدالرحمن أبوعوف فقد أثار اهتمام الحاضرين باعترافه بأنه كان من الذين ظلموا فتحي غانم نقديًا! وبرر ذلك بقوله: كان فتحي غانم شبه معزول عن النقاد، فلقد كان الأدباء يجلسون معنا نحن النقاد، عرفنا وعايشنا يحيي حقي، ونجيب محفوظ، ويوسف إدريس، وقد تسببت عزلة فتحي غانم وصمته في انصراف النقاد عنه مع أنه من أبرز كتاب الرواية في عالمنا العربي، وقد كتبت عنه فيما بعد.
أما الروائي سعيد الكفراوي فقال إنه لم يعرف فتحي غانم بشكل شخصي لأنه عزوف ولكنه تأثر عميقًا بروايته «الجبل» الذي انفتحت علي فضاء الأسطورة، وكان فيها عالم مشوق وصراع محتدم، وفتحي غانم هو ابن الحقبة الليبرالية في تاريخ مصر، وابن ثقافتها المستنيرة في فترة الأربعينيات والتي كان من ثمارها قيام ثورة يوليو.
أما د. سامي سليمان فقد تحدث عن مساحة التجريب الواسعة عند فتحي غانم ضاربًا المثل برواية «الغبي» التي كتبها عام 1966 ولم تنشر في مجلة «صباح الخير» إلا عام 1993 مشيرًا إلي أن تاريخ كتابة الرواية يؤكد أنها كانت مغامرة جديدة في الكتابة حيث لم تكن الرواية تكتب بهذا الشكل في الستينيات، وهي تعتمد علي فكرة: أن الراوي الكاتب عثر علي أوراق شخص مجهول حيث يدورالسرد علي عدة مستويات.
وقد أسهم بالجلسات البحثية العديد من الدارسين ومنهم: د.عفاف عبدالمعطي التي قدمت دراسة عن الشخصية الانتهازية في أدب فتحي غانم، والناقد حسين عيد الذي قدم رؤية حول تطور شخصية رجل الدين في عالم فتحي غانم، ود. عبدالسلام الشاذلي وتحدث عن «البنية الفنية والدلالة السياسية في «تلك الأيام»، ود.عبدالرحيم الكردي الذي تحدث عن مزايا السرد في رواية «الرجل الذي فقد ظله»، كما أدار الجلسات نخبة من المثقفين والنقاد: د. صلاح فضل، والروائي يوسف القعيد، ود.محمد بدوي، وقد أسهم في هذا المؤتمر د. زبيدة عطا زوجة الروائي الراحل فتحي غانم فألقت كلمة الأسرة.
ومن الإنصاف أن نقول إن فتحي غانم انتقد السلطة وتمرد عليها وكشف الكثير من ممارساتها السلبية من خلال أدبه الروائي والقصصي بحيث يمكننا القول أن رواياته: روايات ضمير مثقف، أما كتاباته الصحفية فهي تحتاج إلي دراسة عميقة من المتخصصين لأنها قد تفتح ملفًا مهمًا وهو علاقة المثقف بالسلطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.