توقع المركز الاقليمى للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة في دراستة الصادرة اليوم الأربعاء أن تظل الفروقُ العددية في تمثيل الدوائر الانتخابية، وتحديد عدد مقاعدها، أو ما يُعرف بنسبة الانحراف بين الدوائر التي تضمنتها المادة الثالثة من قانون تقسيم الدوائر باقية حتى بعد تعديل قانون تقسيم الدوائر، وفقا لما قد يتضمنه منطوق حكم المحكمة الدستورية العليا، الذي من المفترض أن تلتزم به حرفيا اللجنة المكلفة بتعديل القانون المبطل. وقال المركز إن النص الدستوري المطالب بضرورة التمثيل العادل للسكان والمحافظات والتمثيل المتكافئ للناخبين في نفس الوقت قد يتطلب هذه المرة وفقًا لما تضمنه الخلاف بين اللجنة التي صاغت القانون وبين قرار المحكمة - ضرورة تقليل نسبة الانحراف بين الدوائر، والتي اعتبرته المحكمة 25% على الأكثر، في حين اعتمدت اللجنة نسبة انحراف في الفروق العدية قد تصل إلى 50%. وأوضحت دراسة أعدها برنامج الدراسات المصرية بالمركز الاقليمى بعنوان " المسارات المُحتملة للعملية الانتخابية بعد بطلان الدستورية لقانون تقسيم الدوائر" أن التزام اللجنة التي تعدل القانون بمنطوق حكم الدستورية من المحتمل أن يؤدى إلى تقليص عدد دوائر الفردي ذات المقعد الواحد، مع دمجها في دوائر أخرى، مما سيؤدي إلى زيادة عدد المرشحين في تلك الدوائر المعدلة مع ارتفاع حدة المنافسة فيها، وقد تكون السمة الغالبة في دوائر الفردي هي مضاعفة الدوائر ذات المقعدين عن الدوائر ذات الثلاثة مقاعد؛ حيث إن معالجةَ نسبة الانحراف وتقليلها إلى 25% قد يؤدي إلى انتقال الدوائر "ذات المقعد الواحد" والتي تراوح عدد ناخبيها بين 120 – 180 إلى دوائر ثنائية المقاعد، وبالتالي قد تلجأ اللجنة المكلفة بتعديل القانون لما ارتأته هيئة المفوضين بالمحكمة وهو حساب نسبة الانحراف والفروق بين المحافظات ككل، وهذا ما يشير إلى احتمال تعديل أكثر من 10 دوائر في بعض المحافظات مثل الغربية وقنا وسوهاج وكفر الشيخ. وتوقعت الدراسة أن تجرى اللجنة العليا للانتخابات تعديلا غير قليل لعدد من دوائر الفردي قد تزيد على 10، وقالت أن هذا التعديل سيؤثر بالضرورة على دوائر الفردي ذات المقعدين بسبب انتقال مرشحين من دوائر تم هدمها لمزاحمة مرشحين في دوائر قائمة،لافتة إلى أن " العليا للانتخابات" قد تقوم بفتح باب الترشح من جديد بعد تصديق الرئيس على القانون المعدل، وفى هذه الحالة يتم دعوة الناخبين من جديد للتقدم بأوراقهم، وذهبت الدراسة إلى القول بان اللجنة قد تكتفى بفتح باب الترشح في الدوائر المطعون عليها فقط، بينما يبقى المرشحون الذين تقدموا بأوراقهم في الدوائر التي لم يُطعن عليها ولم يتم تعديلها، وذلك تخفيفًا على المرشحين، ولعدم إرباك الجهات المرتبطة بالعملية الانتخابية. وفي هذه الحالة تبقى دوائر القوائم قائمة كما هي. أما المسار الثاني للعملية الانتخابية فهو قيام اللجنةُ العليا للانتخابات، وهي صاحبة القرار، بإعادة فتح باب الترشح للبرلمان بإجراءات جديدة، خاصة أن اللجنة ستضع جدولا زمنيًّا جديدًا. وفي هذه الحالة من الضروري أن تضع اللجنة ضوابط جادة تتعلق بالكشف الطبي، وعلاقة المترشحين بمستشفيات وزارة الصحة حتى لا يَحدث نوع من الارتباط. وفى كلا المسارين - كما تقول دراسة المركز- فمن المرجح أن تنتهي اللجنة المكلفة بتعديل القانون في مدة لا تتجاوز 30 يومًا، وقد تُعقد الانتخابات بمرحلتيها (الأولى والثانية) قبل شهر أغسطس المقبل، وبالتالي فهناك فرصة للجنة التي تعدل القانون بأن تدقق حتى الوصول إلى أقل درجة من الانحراف المعياري، خصوصًا أن هناك فرصة وفقا للمادة 115 من الدستور التي تعطي الحق لرئيس الجمهورية بدعوة البرلمان للانعقاد قبل يوم الخميس الأول من شهر أكتوبر، ونصها "يدعو رئيس الجمهورية مجلس النواب للانعقاد للدور العادي السنوي قبل يوم الخميس الأول من أكتوبر، فإذا لم تتم الدعوة، يجتمع المجلس بحكم الدستور في اليوم المذكور". ورجح المركز أن يصاحب تأجيل الانتخابات وإعادة فتح باب الترشح، العديد من التداعيات، منها ما هو مرتبط بحركة التفاعلات بين القوى السياسية المتنافسة، ومنها ما يتعلق بالوضع السياسي الداخلي، وهي كالتالي: 1- عمليةُ دمج وتعديل بعض دوائر الفردي، وفتح باب الترشح فيها من جديد، سيؤدي إلى دخول مرشحين جدد، وخروج آخرين في تلك الدوائر، وبالتالي قد يقل معدل العنف المتوقع في دوائر الفردي ذات المقعد الواحد في حالة دمج بعضها مع دوائر ثنائية. 2- ستشهد بعض التحالفات والقوائم عملية فك وتركيب جديد تكون أكثر توترا من المرحلة السابقة، حيث إن القوائم التي خرجت من الانتخابات في اللحظة الأخيرة ستعود للترشح من جديد، وسيحدث نوع من التبديل والتوفيق على المترشحين، وسنلاحظ حركة انتقالات كثيفة قد تشهدها القوائم بمجرد الإعلان عن فتح باب الترشح فيها أيضًا. لكن قد تظل بعض القوائم مغلقة على نفسها، خصوصًا القوائم التي حملت شخصيات عامة يصعب خروجها أو الاستغناء عنها. 3- سيظل المرشحون من الأحزاب على المقاعد الفردية في حالة ثبات دون انتقالات أو تغيير، لأن بعض الأحزاب الكبيرة ذات الثقل المادي قد ألزمت مرشحيها من العائلات ومن النواب السابقين بالترشح بأسمائها، وبالفعل أخذت ضمانات تمنع الترشح على قوائم أحزاب أخرى. لكن قد نجد إقبال بعض الأحزاب الصغيرة التي لم يزد عدد مرشحيها في المرحلة المتوقفة عن 10 نواب على زيادة مرشحيها، خصوصًا في الدوائر التي يتم توسيعها أو تضييق نطاقها الجغرافي. 4- قبول الحكومة والاستعجال في تنفيذ حكم الدستورية بوقف إجراء الانتخابات إلى حين تعديل قانون تقسيم الدوائر سيصبّ في مصلحة النظام، وسيشكل صورة وجدانية إيجابية عند الكثير من الشباب عن الحكومة الحالية، وهذا ظهر مبكرًا على صفحات الفيس بوك الشبابية، حيث علق بعضهم: "الانتخابات اتأجلت ده دليل على استقلال القضاء، ويصب في مصلحة النظام"، وعلقت أيضًا إحدى الناشطات: "ده الفرق بين دولة القانون ودولة مرسي ومحاصرته للمحاكم".