"البرلمان".. وتاريخ تطور الحياة النيابية في مصر.. بدأت بالمجلس العالي في عهد محمد علي.. وإنشاء مجلس المشورة في 1829.. وشورى النواب في عهد الخديوي إسماعيل

أيام قليلة تفصلنا عن تحقيق الاستحقاق النهائي في خارطة المستقبل، وذلك بعد أن أعلنت اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية عن موعد فتح باب تقديم طلبات الترشح لعضوية مجلس النواب وميعاد الإدلاء بأصوات الناخبين، والتي تعد رسالة واضحة للعالم أجمع أن مصر تسير في الطريق الصحيح لبناء مؤسساتها والعبور إلى مرحلة الاستقرار والإنتاج، وهو الأمر الذي تسعى إليه جاهدة القيادة المصرية برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وذلك على الرغم من المعوقات التي نواجهها من عمليات إرهابية وتخريبية ممنهجة.
وبالانتهاء من هذا الاستحقاق تكون قد اكتملت مؤسسات الدولة وسلطاتها الثلاث لتعود مصر كسابق عهدها ديمقراطية ودولة مؤسسات ولديها أقدم مؤسسة تشريعية في العالم العربي.. فبالنظر إلى التاريخ نجد أن مصر قد مرت بعدة نظم نيابية تتفاوت نطاق سلطاتها التشريعية والرقابية من فترة لأخرى.
وقد عرفت مصر الحياة النيابية لأول مرة عام 1824 عندما أنشأ محمد علي المجلس العالي، وكان أول مجلس تمثيلي يختار معظم أعضائه بالانتخاب، حيث كان يتكون من نظار الدواوين ورؤساء المصالح واثنين من الأعيان في كل مديرية ينتخبهم الأهالي، واثنين من العلماء يختارهما شيخ الأزهر، واثنين من التجار يختارهما كبير تجار العاصمة، وتوالى بعد ذلك إنشاء العديد من المجالس الأخرى.
ففي عام 1829 تم إنشاء مجلس المشورة، والذي تألف من 156 عضوا من كبار موظفي الحكومة والعلماء والأعيان برئاسة إبراهيم باشا، وكان يتم انتخاب 99 عضوا منهم، وكان هذا المجلس ينعقد لاستشارته في مسائل التعليم والإدارة والأشغال العمومية.
وشهد عام 1866 خطوة مهمة في تطور الحياة النيابية في مصر بإنشاء مجلس شورى النواب في عهد الخديوى إسماعيل، وكان ذلك إيذانا ببدء حقبة جديدة من العمل البرلمانى في مصر، حيث أخذت لائحة تأسيسه ونظامه الكثير من اللوائح البرلمانية التي كان معمولا بها في أوروبا.
وتألف مجلس شوري النواب من 75 عضوا منتخبا من قبل الأعيان في (القاهرة، والإسكندرية، ودمياط)، وعمد البلاد ومشايخها في باقي المديريات الذين أصبحوا بدورهم منتخبين لأول مرة، إضافة إلى رئيس المجلس الذي كان يعين بأمر من الخديوي، وكانت مدة هذا المجلس ثلاث سنوات ينعقد خلال كل سنة منها لمدة شهرين.