فى ظاهرة تشبه إلى حد كبير، ما عانت منه دور السينما فى تسعينات القرن الماضى، وعرفت إعلاميًا ب«سينما المقاولات»، ضرب معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته ال46 تسونامى «كتب المقاولات»، ورغم مشاركة أكثر من 250 ألف عنوان، حسب تصريحات المسئولين، إلا أن المتابعين يرون أن أغلبها لا يحتوى على قيمة فكرية وثقافية يمكن أن تؤسس لنقلة حداثية بعد مرور ثورتين كبيرتين، وإنما تدخل فى إطار ما يمكن وصفه ب«سلق الكتب». وجزء من المشكلة يتمثل فى اعتياد العديد من الكُتّاب على إصدار كتبهم قبيل المعرض للمشاركة، وكأنه بات المونديال السنوى للكتابة، دون النظر إلى قيمة ما يتم تقديمه أو أهميته، وجزء من المشكلة يتمثل فى تعلق الكثير من شباب الكُتّاب، بتحقيق حلمهم فى النجومية وتحقيق أنفسهم، الذين يتكبدون تكاليف طباعة أعمالهم، وعادة ما تقع الأخطاء المترتبة على التجارب ضمن مضمون هذه الإصدارات. من جانبه قال الكاتب عماد عاشور: إننى أرى أن كل كاتب ومبدع عليه أن يتمسك بحقه فى أن يجد ناشرا يتحمس لعمل هذا المؤلف، فاستسهال بعض المؤلفين، واتجاههم للنشر على نفقتهم الخاصة منذر بكارثة ثقافية، ولذا فعلى المبدع الحقيقى ألا يتسرع، وإذا رأى أن عمله يستحق النشر فعلا فليصبر، وليخاطب أكثر من دار نشر حتى يجد مبتغاه. وأضاف عاشور: أرى أيضًا أن هؤلاء الفئة القليلة ممن يحسبون على مهنة النشر الذين يزاولون مهنة الطباعة لأعمال لا تستحق، فإنهم عمرهم قصير، وسيلفظ سوق الكتاب هذه النوعية من النشر ولو بعد حين. فى البداية قال الشاعر والناشر فارس خضر: لا يجب أن نقلل أو نحقر من أعمال بعض الكتاب ذوى الإنتاج الغزير الذين يتواجدون بشكل دائم فى المعرض، أو على الأقل نعتبر أن الإنتاج السنوى لهم نوعا من الخفة أو الاستسهال، ومن الممكن أن يكون «ربنا فاتحها عليهم». وأضاف خضر: على الجانب الآخر يمكن أن نرصد تكالبًا من بعض الكُتّاب على إصدار أعمالهم قبيل المعرض للمشاركة ضمن فعالياته، وكأن ضمان الرواج يتطلب المشاركة فى المعرض، ويؤدى إلى مضاعفة قراءة وانتشار الإصدارات، وهى فكرة وهمية ونوع من السخافة، لا يجب أن يسير وراءها أحد، وكم من كُتّاب طبعوا عشرات الطبعات من كتبهم، وحصلوا على كبريات الجوائز فى العالم، وقاموا بالكثير من أعمال الترويج دون أن يكون لأعمالهم صدى يذكر بعد فترة من الزمن، مثلما حدث مع كُتّاب كانوا ملء السمع والبصر، وكانت مجلات السبعينات تحتفى بهم أيما احتفاء، وأصدرت كبرى المؤسسات أعمالهم الكاملة، إلا أن كل ذلك لم يترك لهم أثرا، ولم يشفع لهم إذ انتهت سيرتهم تماما، لأن قوانين الإبداع قاسية وصارمة ولا تقبل التعامل معها بخفة، وعموما فالصعود المفاجئ لأى مبدع يشكك فى إبداعه. من النسخة الورقية