كنت فى زيارة لها .. وفى خطوات هادئة أقبلت على حجرتها وفتحت بابها ... واقتربت من سرير مرضها . وقفت أمامها .. وأمسكت بيدها الضعيفة .. وقبلت جبينها الرقيق. ورحت أنظر إليها وأتلمس ملامح وجهها الشاحب الذى غابت عنه نضارته .. إلا أنه يحمل طيبة وملائكيه بالغة. خشيت أن أنهار وتفضحني دموعي أو تتمرد علي وتتساقط رغما عنى .. فحاولت أن أربط على قلبى و أجبر عيناى على التماسك والتظاهر بالقوة والصمود .... وبنظرات متلهفه وهمسات متلطفة إرتسمت على وجهى إبتسامة حانية.. وفى قلبى نزعات الآلم مرتجفة .. كانت حالتها صعبة قاسية. وبعبارت متأنية رحت اسألها ... كيف حالك أختاه؟؟ وبصوت مبحوح خافت أجابتنى (( الحمد لله )) ... متعبة.. أدعيلى بالنجاه. فوضعت يدى على رأسها ومسحت دموعها التى سالت على خدها .. وأقبلت على ربى أناجية .. ورفعت يدى ادعيه. فاجتهدت فى الدعاء .. واجهشت بالبكاء .. وردد قلبى قبل لسانى .. (( يارب أشفها وعافها .. يارب خفف عنا آلامها )) .
فرددت خلفى .. يارب ... أمين يارب العالمين .
فستكانت وتكئت على وسادتها وفوضت أمرها لربها .. راجيه عفوه ورحمته وشفاءه. راضيه بحكمة وقضائه .. محتسبه صابره على بلاءه ... تحمده سبحانه على عطاياه .
فيا لها من لحظات فارقة .. ويا له من أحساس قاسى .. عندما تشعر بالهزيمة و أنت ترى بعينك شخص غالى عليك يضيع من بين يديك .. وأنت عاجز على أن ترده كما كان ... وليس لديك القدرة على فعل شئ من أجله.
فإرادة الله غالبه فوق كل إرادة .. وما عليك إلا أن ترضى .. وتصبر وتحمده سبحانه.
فتماسكى ... واصبرى ... وتجلدى .. أختاه فعسى ربك أن يبدل كربك فرجا وحزنك فرحا . عسى ربك أن يبدل مرضك وسقمك عافية. عسى ربك يا اختاه .. أن يغفر ذنبك ويتقبل عملك .. ويعلى درجاتك فى الدنيا والاخرة. فالمؤمنون هم أصحاب الابتلاءات .. ليجازون عنها بجزيل الرحمات. فربك هو الرحمن الرحيم ... أرحم بنا وبك من ملأ الدنيا أمهات. فحمداا لك ربى ياعظيم العطايا والهبات.