عاش المستهلك العربي والمصري علي وجه الخصوص لفترة طويلة وهو يحلم بتطبيق اتفاقية الجات التي كان يعتقد انه بموجبها سوف يجد بضاعة رخيصة وتتميز بالجودة في اسواقه التي اعتمدت لفترة طويلة علي المنتج المحلي الذي كان ولا يزال منتجاً رديئاً وغالي الثمن وعلي الرغم من زعم الكثير من المسئولين عن الاستثمار والتجارة ان اتفاقية الجات قد طبقت بالفعل في مصر الا ان الشارع المصري لايشعر بها والمستهلك العادي لا يزال يدفع اثمانا باهظة في سلع رديئة مصنعة محليا فياتري لماذا لم تدخل السلع المستوردة السوق المصرية ؟ ولماذا نجد ان تطبيقنا لبنود هذه الاتفاقية قد اصبح مجرد حبراً علي ورق ؟ ومالسبب وراء احجام المستثمرين الاجانب عن التصدير الي مصر بالشكل الفعال الذي يدفع المصنع المصري الي تحسين المنتج وخفض السعر رغما عنه؟! اسئلة كثيرة تتبادر الي الذهن نحاول الاجابة عليها في هذا التحقيق ... يقول د. جمال البيومي رئيس اتحاد المستثمرين العرب ان كل ما اشيع حول الجات من تخفيض للجمارك او الغائها او توحيدها كذب وافتراء فالجات لا تخفض الجمارك ولاتلغيها ولا توحدها كما اعتقد الكثيرون وكل ما في الامر ان الجات تطالبنا بتثبيت الجمارك عن سقف معين قمنا باختياره سنة 1995 ونحن نطبق اقل منه ايضا والجات تطبق في شيئين فقط اولا : الملكية الفكرية حيث يبدأ سريانها سنة 2005 فمن الان ممنوع منها باتا سرقة تركيبة دواء وبيعها علي سبيل المثال وحوالي 95% من الادوية الموجودة بالسوق المصرية لايفرض عليها قانون حماية الملكية الفكرية لانها جميعا ادوية قد مرت عليها فترة الحماية ونحن نتحدث فقط الان عن نوعين او ثلاثة فقط من الادوية وثانيا: المنسوجات فاعتبارا من سنة 2005 لا يوجد نظام للحصص وهذا يعني ان مصر سوف تستفيد من ذلك بتصديرها بعض المنتجات الي الولاياتالمتحدة مثلا ولقد طالب البعض في اتفاقية الكويز بعمل اعفاء جمركي للسلع المصرية ولكن في نفس الوقت كل الدول وعلي رأسها الصين وتايوان وبنجلاديش وباكستان والهند تنفذ الي الاسواق العالمية وتدفع جمارك لماذا اريد ان اكون انا الدولة الوحيدة المستثناة من ذلك ؟! وانا أؤكد ان الجات لن تلغي الجمارك ومن يطمح في ذلك فهو واهم. لامفر من التطبيق ويقول الدكتور ابراهيم قويدر المدير العام لمنظمة العمل العربية : لقد بدأنا بالفعل في جميع الدول العربية بتطبيق اتفاقية الجات وهذا يتطلب من الجميع التحرك بسرعة كبيرة جدا لان الانتاجية العربية لاتزال تحتاج الي جهد كبير لتطويرها من اجل الوصول الي مستوي الانتاج الذي نستطيع من خلاله المنافسة والوقوف امام السلع الاوروبية علي سبيل المثال بعد فتح الاسواق وفقا لاتفاقية الجات واعتقد اننا لو لم نتحرك بطريقة سريعة جدا فان العواقب سوف تكون وخيمة جدا وسواء شئنا او ابينا سوف تدخل هذه البضائع الاجنبية وتنتشر في اسواقنا العربيةو هي طبعا احد انتاجا واقل سعرا مني منتجاتنا العربية وهناك تحرك ملموس الان من قبل مجلس الوحدة الاقتصادية العربية لتطوير المنتجات وفي اعتقادي ان اهم مشكلة سوف تواجهنا هي مشكلة الغزل والنسيج فلو توقفت مصانعنا العربية عن العمل بناء علي تدافق المنسوجات الاجنبية من اوروبا والصين والولاياتالمتحدة وتايوان فاننا سوف نجد اكثر من 15 مليون عامل عربي توقفوا عن العمل وهذا رقم خطير جدا ينذر بكارثة وخاصة في مصر وتونس والاردن وسوريا والمغرب وفي تصوري لابد الان من اتخاذ قرارات جريئة جدا بتوسيع نطاق التجارة بين الدول العربية بعضها البعض وعدم الاستهتار والتهاون بمسألة الجات لاننا لو لم نلتزم ببنودها واتفقياتها حتي اواخر عام 2005 سوف تكون العواقب وخيمة وقد تترتب عقوبات اقتصادية علي بعض الدول التي تحاول ان تتهرب من تطبيق بنود هذه الاتفاقية وسوف تضطر هذه الدول الي الدخول في مفاوضات جديدة واذا مانفذت البضائع الاسيوية الي السوق العربية فهذا سوف يؤدي الي اغلاق المصانع ايضا ليس في مسألة الغزل والنسيج فقط ولكن في امور كثيرة جدا وربما اشياء لم نحسب لها حسابا من قبل. اما وليد النزهي من وزارة التجارة الخارجية المصرية فيقول : مصر قامت بالفعل بتطبيق جميع التزاماتها بمنظمة التجارة العالمية منذ انضمامها الي المنظمة في عام 1995 وقامت بتوفيق اوضاعها مع تلك الالتزامات حتي لا تخالف احكام المنظمة وبالتالي فان ما تردد في الفترة الاخيرة من بدء تطبيق اتفاقية الجات في اول عام 2005 ليس له اساس من الصحة ولم يتم الغاء الجمارك علي السلع المستوردة كما يتصور البعض ويمكننا استعراض التزامات مصر في اطار اتفاقات منظمة التجارة العالمية اوائل عام 2005 فيما يلي: