العمالة الأجنبية في مصر في زيادة مستمرة وبعد ان كانت في بعض المجالات التي تحتاجها بشكل ملح مثل البترول والسياحة اصبحت تنتشر في معظم المجالات وهذه الظاهرة الجديدة تستحق التوقف عندها وكنت كتبت من قبل عن لجوء قطاع السياحة الي الاستعانة بمديرين أجانب خاصة في الفنادق والطيران، وقلت ان من غير المعقول ان بلدا تصل نسبة البطالة فيه حسب تقرير غرفة التجارة الامريكية الي 12% او اكثر يستعين بعمالة من الخارج بل وتصبح الاستعانة بهم هي القاعدة في معظم الفنادق بدعوي نقص الكفاءات في مصر وخاصة المديريين التنفيذيين. وأصل المشكلة هي ان مصر تعاني من نقص في العمالة المدربة وفي الكوادر القيادية والملاحظ ان مناصب كثيرة في الدرجات العليا لا يجد صانعو القرار كفاءة تصلح لشغلها والحق انه عندما تقترب فعلا من هذه الجهات تجد ان العثور علي كفاءة امر في غاية الصعوبة. صحيح ان القانون لا يعطي لأي شركة الحق في تعيين اجانب إلا في حدود 10% من حجم العمالة الكلية وصحيح ايضا ان الظاهرة لم تصل بعد الي حد الخطر لكن من المؤكد ان هذه الظاهرة ستتفاقم مع الاستمرار في نفس اسلوب العمل المتبع الآن في الاجهزة الحكومية والعامة والخاصة وغياب التدريب المستمر وعدم ارسال الكفاءات للدراسة والتدريب في الخارج وقد انضمت جهات كثيرة مثل البنوك وشركات المال والبورصة وغيرها الي الفنادق في الاعتماد المتزايد علي الكفاءات الاجنبية عالية المستوي حتي تتلافي الآثار السلبية لضعف المستوي الاداري والفني ويتسبب هذا في خسارتها. وهذه الجهات تبدأ بالبحث عن حملة الدراسات العليا ما بعد البكالوريوس او الليسانس حسب التخصص ولكن غياب الكفاءات ظهر كحقيقة راسخة الي حد ان المكان الشاغر يظل هكذا بالأشهر ولهذا فإن لجوء بعض الجهات الاجنبية للمساعدة في التسويق او التعليم او التدريب امر مقبول فليس من المعقول ان نقتل صناعة وطنية او منشأة يعمل بها مئات المصريين وتستثمر فيها ملايين الدولارات والجنيهات ثم تترك للافلاس نتيجة نقص الكوادر. ان تنظيم العمل في ظل السوق المفتوح لابد ان يضع في رأس اولوياته حماية الصناعة المصرية وفي نفس الوقت حماية الكوادر الوطنية والعمل علي تحديثها وتدريبها علي احدث نظم الادارة والتسويق العالمية في دورات مستمرة. وما دمنا قد وصلنا الي هذا الحد من التخلف الاداري والمهني الذي وضعنا انفسنا فيه نتيجة لسياسات خاطئة ومستمرة بدأت بالاعتماد علي اهل الثقة وليس اهل الخبرة حتي أصبحنا الآن بين شقي الرحي إما استيراد الكفاءات وإما الغلق او الاستمرار في الانهيار مما يهدد بخراب بيوت باقي العاملين في الشركات والوازارات وفي كل مكان ما دمنا قد وصلنا الي هذا الحد فان علينا الموافقة علي الاستعانة بالكوادر الاجنبية علي ان نعمل في نفس الوقت علي رصد ميزانية في كل جهة لرفع كفاءة العمالة المصرية حتي نستطيع ان نقف في وجه العمالة المستوردة.