شهدت الفترة الأخيرة منافسة كبيرة بين منظمي الرحلات الأجانب "التور أوبريتور" للفوز بنصيب الأسد في كعكة السياحة الوافدة لمصر خاصة بعد تنامي الحركة الوافدة في الآونة الأخيرة ووصول عدد السائحين الوافدين إلي أكثر من 11 مليون سائح خلال العام الماضي. ورغم أن ذلك يمثل دليلا علي اننا نسير في الاتجاه الصحيح.. إلا أن هذه المنافسة ربما تنقلب آثارها الإيجابية إلي آثار سلبية ضارة يحذر منها خبراء السياحة خاصة إذا ما حدث أي نوع من الاحتكار لأي منظم للرحلات الأجنبية لمصر.. وبالتالي يستطيع أن يفرض أسعاراً معينة علي السوق المصري.. ودعوا إلي الحرص علي تعدد أو كثرة منظمي الرحلات "التور أوبريتور" الذين يروجون للمنتج السياحي المصري في الخارج. يوضح في البداية الخبير السياحي إلهامي الزيات الرئيس السابق لاتحاد الغرف السياحية أن شركة تيوي الألمانية التي تتخذ من شركة ترافكو وكيلاً لها في مصر هي أكبر منظمي الرحلات الأجنبية التي تتعامل وتروج للسوق المصري تليها شركتان ألمانيتان توماس كوك بعد اندماجها مع نيكرمان الألمانية أيضا ثم شركة "فيرست تشويس" ثم شركة هاردز أندجينز الإنجليزية التي ترغب شركة تيوي الألمانية في شرائها أيضاً.. ثم شركة توماس كوك الإنجليزية، ويلفت الزيات إلي أن معظم السوق السياحي بصفة عامة أصبح في يد منظمي الرحلات الألمان خاصة بعد أن قاموا بشراء معظم الشركات العالمية للسيطرة التامة علي سوق السفر والسياحة في العالم، ويشير الزيات إلي أن منظمي الرحلات الأجانب يبيعون البرامج السياحية المصرية بأسعار مناسبة لإمكانياتنا وحسب جودة الخدمات المقدمة للسائحين الوافدين من خلالهم بالإضافة إلي المنافسة الشريفة بين الشركات والفنادق المصرية وانها في زيادة مستمرة. ويحذر الزيات من خطورة أن يتحكم أي تور أوبريتور في السوق المصري لأنه في هذه الحالة سيفرض علينا أسعارا مخفضة.. وإذا رفضنا سيقوم بتقليل الأعداد وبالتالي يؤثر سلبا علي إيرادات الشركات والفنادق المصرية وعلي حجم الدخل السياحي ككل. ويوضح الزيات أن معظم التور أوبريتور يتعاقد مع الشركات والفنادق المصرية بأسعار معينة ويتعاقد هو مع السائحين بأسعار مختلفة ليحصل هو علي الفرق أياً كان حجمه كما انهم ينظرون لكل سوق علي حدة.. ويمكن أحيانا زيادة ارباحه في مصر بحيث يقللها في مكان آخر أو العكس حسب الظروف التي تمر بها هذه المنطقة، كما تتوقف علي طريقة المنافسة واللجوء لضرب الأسعار بين الشركات المصرية. كما يلفت الزيات إلي أن أسعار البرامج السياحية في مصر تختلف من منطقة لأخري ومن تور أوبريتور لآخر فمثلا منظمو الرحلات الأمريكيون يبيعون البرنامج المصري بسعر غال بينما يكون السعر منخفضا عند معظم منظمي الرحلات الأوروبيين. القاهرة أعلي سعراً ويؤكد الزيات أن مصر بدأت منذ فترة تباع بسعر معقول "غال" خاصة في فنادق القاهرة الكبري حيث بلغ سعر الغرفة في فندق الفورسيزون 350 دولارا واحيانا يصل إلي 400 دولار في الليلة الواحدة وذلك بسبب الاهتمام بجودة الخدمات وزيادة الطلب علي سياحة الحوافز والمؤتمرات.. كما شهدت الفترة الأخيرة تحسنا في مستوي معظم فنادق القاهرة مثل الماريوت والمينا هاوس أوبروي والسوفيتل وشيراتون القاهرة.. بالإضافة إلي زيادة المنتج السياحي في هذه المنطقة.. تليها شرم الشيخ والغردقة. ويري الزيات أن ثقافة الموضة بدأت تنتشر بقوة خلال الفترة الأخيرة في المقاصد السياحية المصرية فبعد أن كان الإيطاليون يفضلون مدينة شرم الشيخ كمقصدهم الأول إلا أن الإنجليز قد بدأوا يفدون بقوة لهذه المنطقة.. أي أن ثقافة الموضة تتغير من عام لآخر مع تنوع المنتج. وبالنسبة لإمكانية زيادة أسعار البرامج السياحية يؤكد الزيات أن ذلك يتطلب رفع مستوي الخدمات وتأهيل العناصر البشرية التي تتعامل مع السائح. كما يحذر المهندس أحمد بلبع رئيس غرفة الفنادق بجنوب سيناء من احتكار أي مجموعة من منظمي الرحلات وسلاسل الفنادق العالمية أو الشركات المالكة للفنادق لأي سوق أو منطقة جذب سياحي خاصة أن ذلك يؤثر سلبيا علي أسعار البرامج وعلي الناتج الإجمالي للدخل السياحي.. مشيرا إلي أن الشركات الأجنبية المالكة للفنادق يكون عائدها أو دخلها السياحي لمصر قليلاً جدا لأنها تقوم ببيع "باكديج" يشمل البرنامج كله. ويوضح بلبع أن الشركة المالكة يكون لها أسعار بفنادقها محملة داخل هذا الباكديج وهذا له تأثير سلبي علي الدخل الناتج من هذه الشركات.. حيث سيكون الدخل قليلاً وربما يعادل بالتقريب التكلفة الحقيقية فقط. السعر.. والخدمة والأخطر من ذلك كما يقول بلبع أن بعض هذه الشركات تقوم بصرف كروت ائتمان للسائحين الوافدين من خلالها لاستخدامها داخل الفنادق وبالتالي تتم المحاسبة عليها في دولتهم أي لا ينفقون شيئا.. كما أن هناك أساليب كثيرة تتبعها شركات مختلفة في تحويل الأرباح والمبالغ خارج مصر وتقوم فقط بتحويل المبالغ طبقا للتكلفة الحقيقية للبرنامج والمصاريف المطلوبة وهذا يكون له تأثير سلبي علي الإيرادات الحقيقية ومعدل الإنفاق الحقيقي للسائح. وعن ضرورة زيادة أسعار البرامج السياحية وإعادة النظر فيها يري أحمد النحاس رئيس اتحاد الغرف السياحية أنه لابد أن تكون هذه الزيادة مدروسة ولا تتعدي 20% وأن تبدأ من التعاقدات الجديدة ولا تفرض علي التعاقدات القائمة.. كما أنه لابد أن يواكب تلك الزيادة في الأسعار ارتفاع مستوي جودة الخدمات المقدمة حتي تتقبلها الشركات العالمية.. وبالفعل هناك زيادة فعلية في أسعار الشركات للموسم الجديد.. مؤكدا أن حرص كبار منظمي الرحلات وسلاسل الفنادق العالمية علي مضاعفة نشاطهم إلي مصر هو أكبر دليل علي اننا نسير في الاتجاه الصحيح وذلك بفضل الجهود التي تبذلها وزارة السياحة مع اتحاد الغرف السياحية في مجال التدريب السياحي مما زاد من معدلات الجودة وهي العنصر الحاسم في المنافسة السياحية علي مستوي العالم. ويوضح النحاس أن الفترة المقبلة ستشهد زيادة جرعات التدريب للعاملين في الفنادق والتأكيد علي أن معيار المنافسة بين المقاصد السياحية العالمية هو جودة الخدمات.