رغم انه من الطبيعي ان يحتفظ اصحاب الثروات بل والمدخرات البسيطة بأموالهم في البنوك لما يحققه ذلك من فوائد جمة تتمثل في حصولهم علي عوائد والحفاظ علي أموالهم فان البعض ما زال يفضل الاحتفاظ بمبالغ طائلة في منازلهم لمبررات واهية كالخوف من الحسد وعدم الثقة في البنوك.. هذا الكلام ليس من وحي خيالنا ولكنه حقيقة اكدتها عملية طرح الاوعية الادخارية التي تمت مؤخرا وما حققته من ايرادات ضخمة تجاوزت 15 مليار جنيه في بنكي الأهلي ومصر فقط في اقل من 4 أشهر فقد كشف ذلك عن حقيقة مهمة وهي ان البعض مازال يكتنز الأموال "تحت البلاطة" في البنوك بدليل الاقبال علي شراء تلك الأوعية من مختلف الفئات والطبقات فما هو السر وراء احجام البعض وحتي الآن عن التعامل مع البنوك؟ يقول علي نجم محافظ البنك المركزي الاسبق ورئيس بنك الدلتا الدولي ان عدم تعامل البعض مع البنوك يعود لأسباب كثيرة منها: قلة الوعي المصرفي حيث ان البعض من الذين يخافون من الحسد لا يعرفون ان سرية الحسابات لا تسمح لاي شخص بمعرفة رصيد العملاء حتي لو كان من موظفي البنك أنفسهم وبالتالي فالبيئة الثقافية المصرفية لها دور مهم في تغيير تلك المعتقدات ومحو الجهل بكثير من الامور منها القاء الضوء علي الجهاز المصرفي واستثماراته وحجم الودائع به بما لا يدع فرصة لاحد يردد نغمة عدم الثقة في البنوك. ويضيف نجم ان المشكلات الضريبية والقضائية من اهم الاسباب التي تحول دون تعامل الكثير مع البنوك حيث ان هؤلاء يتعمدون التهرب من سداد الضرائب الواجبة عليهم كما يكون لديهم مشكلات واحكام قضائية صادرة ضدهم لذلك يفضلون الاختفاء عن الانظار كما ان الكسب غير المشروع للأموال يعد من اهم اسباب عدم ايداعها في البنوك خشية المساءلة القانونية وتطبيق قانون.. من اين لك هذا؟ وهو من المبادئ الراسخة في عالم البنوك. ومن جانبه يقول سمير عثمان مدير الادارة العامة للودائع ببنك مصر ان هناك عدة اسباب خاصة بالشخص نفسه تمنعه من التعامل مع البنوك ولا دخل للبنوك بها ومن بينها أن يكون مصدر أمواله غير شرعي ونتاج عمليات مشبوهة (غسل أموال) مما يعرضه لخطر مصادرة تلك الأموال عند ايداعها بالبنوك وقد يكون هذا الشخص متهربا من سداد الرسوم الضريبية او صدرت ضده احكام قضائية (شيكات بدون رصيد، قرض امتنع عن سداد اقساطه، مديونيات لبعض التجار والمحال) كل تلك الاحكام تجعل من الحجز علي أمواله الملاذ الاخير لاسترداد تلك المستحقات ولذلك فهو يهرب بأمواله بعيدا عن البنوك. ويستطرد عثمان قائلا ان خوف البعض من الموت فجأة منعهم من ايداع اموالهم في البنوك خوفا من ان تؤول التركة الي ورثة لا يرغب في حصولهم علي أي من أمواله. ويستبعد عثمان ان تكون عدم الثقة في البنوك وراء ابتعاد البعض عن ايداع اموالهم بها والدليل علي ذلك الزيادة المطردة في الودائع في الفترات الاخيرة وعدم اقتصارها علي فئة معينة من المودعين دون الاخري كما ان امان الودائع والفوائد المحتسبة عليها وكذا التأمين عليها ضد المخاطر يضمن لاصحابها الحصول علي جميع حقوقهم كما يستبعد أيضا ان يكون الخوف من الحسد وحرص البعض علي عدم معرفة الآخرين لارصدتهم سببا كافيا لامتناعهم عن ايداعها في البنوك حيث ان سرية الحسابات تفرض السرية التامة علي حسابات العملاء بما يحول دون معرفة الحسابات وحتي الزوجة لرصيد زوجها. ويتفق مع وجهة النظر السابقة حمدي أبو كيلة الخبير المصرفي حيث يري ان الثقة اصبحت متوافرة لدي عملاء البنوك والدليل علي ذلك الاقبال الشديد علي الايداع بها من جميع الفئات والطبقات وبالتالي الزيادة الرهيبة في حجم الودائع المعلن عنها من قبل المركزي وصعوبة توظيفها لذلك فعدم الثقة لا تعد سببا يمنع البعض من التعامل مع البنوك كما يستبعد أبو كيلة ان يكون الخوف من الحسد يحول دون الايداع في البنوك حيث ان ذلك يتم بصورة سرية. ويحصر أبو كيلة اسباب عزوف البعض عن التعامل مع البنوك في الهروب من سداد الضرائب المستحقة عليهم او الخوف من المساءلة القانونية عن مصدر تلك الأموال. ومن ناحيته يقول الحسن يونس مدير عام ببنك القاهرة ان احتفاظ البعض باموالهم بعيدا عن البنوك انما يرجع لعدم الوعي المصرفي مما ينتج عنه عدم استفادتهم من ايداع اموالهم بالبنوك وكذا التهرب الضريبي كما ان البعض يفضل البعد عن دوامة التركات والتوزيع مستقبلا بين الورثة. ويري يونس ان بعض التجار يفضلون الاحتفاظ بجزء كبير من السيولة تحسبا لأي صفقة طارئة والبعض الآخر ينظر للتعامل مع البنوك نظرة دينية علي اساس ان الفائدة المستحقة للعملاء علي الودائع هي ربا وبالتالي فالعملية في مجملها حرام شرعا رغم فتاوي شيخ الأزهر مرارا وتكرارا بان التعامل مع البنوك لا شبهة به. كما استبعد يونس ان يكون للخوف من الحسد دور في احجام البعض عن التعامل مع البنوك حيث انه بامكان من يريد التعامل مع البنوك اخفاء ذلك ع