تساؤلات عديدة تشغل بال الخبراء والمراقبين بالسوق لاسيما بعد قرار البنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة للمرة الثانية علي التوالي في أقل من شهر في محاولة لدعم الاقتصاد وتنشيطه. وعلي الرغم من تأكيد خبراء السوق والمراقبين لأهمية قرار المركزي بخفض أسعار الفائدة لما له من اهمية بالغة لانتشال الاقتصاد من حالة الركود التي اصابته- شأن كل اقتصاديات العالم - جراءالأزمة المالية العالمية إلا أن هناك تخوفات من أن يكون هذا الاجراء وهو خفض أسعار الفائدة بمثابة الباب الخلفي لعودة شركات توظيف الاموال وازدياد نفوذها بالسوق المصري ومن ثم الوقوع في براثن النصابين واللصوص. وأرجع الخبراء السبب في هذه المخاوف إلي أن الغالبية العظمي من المودعين هم من صغار المستثمرين فاقدي الوعي والخبرة ويفتقدون إلي السياسة الاستثمارية السليمة التي تؤهلهم للاستفادة من استثماراتهم وتحقيق الارباح التي يطمحون إليها. واشار الخبراء إلي أن هناك حالة من فقدان الثقة انتابت المتعاملين تجاه البورصة بسبب الخسائر الفادحة التي تكبدتها علي مدار عشرة أشهر متتالية ومن ثم باتت الفرصة سانحة أمام شركات توظيف الاموال لاستغلال المودعين وسحب اموالهم وبخاصة الطامعين في تحقيق الارباح بأقل وقت وأقل جهد. وتأتي هذه الاحداث المتلاحقة في ظل تراجع مستمر ومتتال لمعدلات التضخم في مصر والتي سجلت 5.13% بنهاية شهر فبراير الماضي نزولا من 25% في شهراغسطس الماضي وهو كان أحد اهم الاسباب التي استند اليها البنك المركزي المصري في قراره خفض أسعار الفائدة لاسيما وأن قرار المركزي برفع أسعار الفائدة خلال العام الماضي من آثاره السلبية علي الاقتصاد. وعلي صعيد آخر فضل عدد كبير من المودعين الابقاء علي أموالهم ومدخراتهم لدي البنوك بالرغم من اتجاه البنك المركزي المصري إلي خفض أسعار الفائدة لدي البنوك للمرة الثانية علي التوالي في أقل من شهرين بعد تراجع معدلات التضخم في مصر علي نحو ملحوظ. وتم استطلاع آراء عدد كبير من المودعين وصغار المستثمرين المصريين وأفادوا بأنهم ما زالوا يفضلون الإبقاء علي أموالهم ومدخراتهم لدي البنوك رغم انخفاض الفائدة علي اعتبار أنها الوسيلة الاكثر "أمنا" بدلا من سحبها واستثمارها في مشروعات خاسرة أو ضياعها في البورصة. وفي هذه الاثناء حذر خبراء ومراقبون اقتصاديون من زيادة نفوذ شركات توظيف الاموال مستغلة الظروف الحالية واستقطاب شريحة كبيرة من المدخرين وصغار المستثمرين ممن يطمحون إلي تحقيق الارباح بأقل وقت وأقل مجهود من خلال تقديم إغراءات عديدة لهم لجذبهم ومن ثم الاستيلاء علي اموالهم. وكانت شركات توظيف الاموال قد شهدت رواجا كبير في السوق المصرية خلال الفترة القليلة الماضية لاسيما مع تدهور أحوال البورصة علي مدار عشرة شهور متتالية تكبد خلالها عدد كبير من المستثمرين خسائر فادحة مما أضعف الحالة النفسية وضاعف من الشعور بالإحباط واليأس وفقدان الثقة بالبورصة وبالاستثمار علي وجة الخصوص ومن هنا برز دور شركات توظيف الاموال التي استغلت الموقف لصالحها تماما وبدأت تستحوذ علي اموال عدد كبير من الافراد بالمتجتمع سواء كانوا صغار المستثمرين أو حتي نجوم مجتمع ومن ثم الهروب بأموالهم إلي خارج البلاد. ومن جانبه أكد علي عبد الحميد - أحد المستثمرين أنه عند تراجع سعر الفائدة فوق هذه المستويات فان من حق صغار المدخرين أن يفكروا بطريقة مختلفة في استثمار أموالهم في مشروعات اخري إلا أنه استبعد اللجوء باستثماراته إلي شركات توظيف الأموال ولا يشجع صغار المدخرين علي الاستثمار لدي هؤلاء لأن تجارب المدخرين علي الاستثمار لدي هؤلاء مريرة، وفضل الاحتفاظ بأمواله لدي البنوك بالرغم من خفض معدلات الفائدة، مشيرة إلي أن ذلك هو الطريقة الأكثر أمنا وخاصة وأن أمواله مضمونة لدي الحكومة في حال حدوث أية مشكلات طارئة معتبرا ان الوقت الحالي يتطلب من الجميع الحفاظ علي أموالهم قدر الإمكان لاسيما في ظل اشتداد حدة الازمة المالية العالمية، فيما أكد سامي عبد الرحمن - موظف - انه من الخطأ خفض أسعار الفائدة عند مستويات دنيا خاصة وان عدد اًكبير من المودعين يتعايشون من فائدة هذه المدخرات، واشار إلي أن المستثمرين في البنك سوف يتحولون الي الاستثمار في الأراضي والعقارات باعتبارها استثمارات مضمونة وتحقق عوائد جيدة، مؤكدا ان غالبية المدخرين في البنوك لا يملكون ثقافة الاستثمار ولذلك فإنهم سوف يشعرون بالضرر من انخفاض العائد البنوك، فيما دعا الخبير الاقتصادي استاذ التمويل بأحد الجامعات المصرية الدكتور إسلام عزام صغار المدخرين إلي التحول في استثمار مدخراتهم إلي صناديق الاستثمار للحصول علي عائد أفضل وان تقوم الحكومة من خلال اجهزتها المختلفة بتسويق المشروعات الصغيرة وتنمية ثقافة الاستثمار لدي صغار المدخرين، كما دعا إلي ضرورة التجاوب مع انخفاض سعر الفائدة لأنه يحقق المصلحة لكل من المودع والمقترض. كما أوضح أنه عندما يتراجع سعر الفائدة إلي الصفر فإن القدرة علي الاقتراض سوف تتزايد بشرط أن يتم ايداعها في مشروعات مدروسة. وكان البنك المركزي المصري قد اتخذ قراراَ بخفض أسعار الفائدة لدي البنوك قبل أيام بواقع نصف نقطة مئوية ليصل الي 10% للإيداع و12% للاقراض بعد قيامه بخفض الفائدة في شهر فبراير الماضي بواقع نقطة مئوية مرجعا السبب في ذلك الي الانخفاض المستمر في معدلات التضخم لتسجل 5،13 % بنهاية فبراير الماضي. ومن جانبها أكدت صفية أحمد بالمعاش انها فضلت ان تضع مكافأة نهاية الخدمة التي حصلت عليها مؤخرا في أحد البنوك الحكومية مؤكدة انها لا تريد المغامرة والدخول بهذه الاموال في أية استثمارات من أي نوع خاصة وان لها تجربة فاشلة مع الاستثمار العقاري واعتبرت أن الاحتفاظ بالأموال في البنوك انما هي افضل طريقة بدلا من ضياعها في وقت تتكبد فيه كبريات الشركات والمؤسسات وبنوك الاستثمار العالمية خسائر فادحة لم تكن في الحسبان جراء الأزمة الاقتصادية العالمية التي عصفت بأقوي اقتصاديات العالم، وحذرت من اللجوء إلي شركات توظيف الأموال التي تسعي إلي الاستيلاء علي أموال المواطنين والهروب بها خارج البلاد.