لأول مرة منذ انهيار الاتحاد السوفيتي السابق اندفع عملاء البنوك الروسية لسحب أموالهم في البنوك بطريقة لم يسبق لها مثيل، لكن السؤال المطروح هو: إلي متي ستبقي حركة السحب تلك خاصة في ظل الانهيار الحاد الذي لحق ببنك "جوته" أحد أكبر البنوك الروسية مؤخراً والذي يحتل المرتبة رقم 22 بين البنوك الروسية. يعد بنك "جوته" اخر ضحايا ظاهرة فشل البنوك الروسية في الاستقرار والربحية، وتشكل البنوك الروسية والجهاز المصرفي الروسي عموما صداعا مستمرا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ إعادة انتخابه في مارس الماضي. وبعد انهيار بنك "جوته" بدأت الشائعات تلاحق بنك "ألفا بنك" أكبر البنوك الروسية الخاصة واعتباره البنك التالي في حافة الانهيار وانه سيتعرض للانهيار في أعقاب انهيار بنك "جوته" ومن ثم اجتاح العملاء رعب وقلق كبير دفعهم للقيام بعمليات سحب لودائعهم قيمتها 160 مليون دولار بما يعادل 12% من ودائع بنك "الفا" للتجزئة المصرفية. واضطر أكبر مساهمين في البنك وهما ميخائيل فريديمان وبيتر ايفن لدعم البنك من خلال ضخ 800 مليون دولار من بقية امبراطوريتهما المالية كما قاما في الوقت نفسه باعلانهما عن توقع موجة رد فعل عصبية تجاه اسهم البنك في أسواق المال والبورصات كذلك قام البنك المركزي بتقليل نسبة الاحتياطي القانوني في البنوك الروسية من 7% إلي 5.3% كرد فعل لما حدث. من ناحية أخري اثرت ازمة بنك "الفا" و"جوته" علي بقية البنوك الروسية الأخري مما اضطر مجلس "الدوما" للتدخل باصدار تشريع جديد يقضي بعمل ضمان مؤقت من الحكومة لأموال الودائع في البنوك الخاصة وضمان كل وديعة تزيد قيمتها علي 100 الف روبل "430.3 دولار" لكن صناع السياسة النقدية في روسيا يواجهون موقفا خادعا، فالسلطات النقدية تريد تنظيف القطاع المصرفي، لكن اية خطوة ستقوم بها يمكن ان تفقد العملاء الثقة خاصة ان المشكلة أمام المركزي الروسي هي كيفية اتخاذ قرار دون هز صورة البنوك الكبري أمام عملائها حسبما تري ايرينا بينكينا المحللة المصرفية في "استاندرد آند بورز" في موسكو. ومع كل ذلك فإن معظم المصرفيين الروس لا يرون مبررا لهلع العملاء والسلطات النقدية، فالنمو في الناتج المحلي يصل إلي 7% ولا تزال معدلات الدين العام منخفضة، وكما يؤكد رير سايمون رئيس "مورجان ستانلي" في موسكو فانه لا توجد أسباب اساسية للازمة، لكن المشكلة ان عملاء البنوك الروسية لايزالون يتذكرون ازمة 1998 عندما اختفت ملايين الدولارات من البنوك الروسية ما بين عشية وضحاها.