لأول مرة منذ انهيار الاتحاد السوفيتي السابق اندفع عملاء البنوك الروسية بطريقة لم يسبق لها مثيل لسحب اموالهم من البنوك في ظل الانهيار الحاد الذي لحق ببنك (جوته) احد اكبر البنوك الروسية يوم 6 يوليو والذي يحتل المرتبة رقم 22 بين البنوك الروسية. ويعد بنك (جوته) آخر ضحايا ظاهرة فشل البنوك الروسية في الاستقرار والربحية وهو الأمر الذي يجعل البنوك الروسية والجهاز المصرفي الروسي تشكل عموما صداعا مستمرا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ إعادة انتخابه في مارس. وبعد انهيار بنك (جوته) بدأت الشائعات تلاحق بنك (الفا) اكبر البنوك الروسية الخاصة واعتباره البنك التالي المرشح للانهيار. ومن ثم اجتاح العملاء رعب وقلق كبير جعلهم يقومون بعمليات سحب بلغت قيمتها 160 مليون دولار بما يعادل 12% من ودائع بنك (الفا) للتجزئة المصرفية. واضطر اكبر مساهمين في البنك وهما ميخائيل فريدمان وبيتر ايفن لدعم البنك من خلال ضخ 800 مليون دولار من بقية امبراطوريتهما المالية كما قاما في الوقت نفسه باعلانهما عن توقع موجة رد فعل عصبية تجاه اسهم البنك في اسواق المال والبورصات كذلك قام البنك المركزي بتقليل نسبة الاحتياطي القانوني في البنوك الروسية من 7% الي 3.5% كرد فعل لما حدث. من ناحية اخري اثرت ازمة بنكي (الفا) و(جوته) علي بقية البنوك الاخري مما اضطر مجلس (الدوما) للتدخل باصدار تشريع جديد في يوليو الماضي بعمل ضمان مؤقت من الحكومة لاموال الودائع في البنوك الخاصة وضمان كل وديعة تزيد قيمتها علي 100 الف روبل (3.430 دولار) لكن صناع السياسة النقدية في روسيا يواجهون موقفا خادعا فالسلطات النقدية تريد تنظيف القطاع المصرفي لكن اية خطوة ستقوم بها يمكن ان تفقد العملاء الثقة فالمشكلة امام المركزي الروسي هي كيفية اتخاذ قرار دون هز صورة البنوك الكبري امام عملائها حسبما تري ايرينا بينكينا المحللة المصرفية في "استاندرد آند بورز" في موسكو. ومع كل ذلك فان معظم المصرفيين الروس لا يرون مبررا لهلع العملاء والسلطات النقدية فالنمو في الناتج المحلي يصل الي 7% ولا تزال معدلات الدين العام منخفضة وكما يؤكد رير سايمون رئيس "مورجان ستانلي" في موسكو بانه لا توجد اسباب اساسية للازمة لكن المشكلة ان عملاء البنوك الروسية لا يزالون يتذكرون ازمة 1998 عندما اختفت ملايين الدولارات من البنوك الروسية ما بين عشية وضحاها.