وسط كل القرارات الحكومية وما يقابلها من التحليلات الصحفية المتضاربة والانتقادات الحادة النابعة عن مفاهيم مختلفة لسياسات متلاحقة وما ترتب علي ذلك من تصدي اتجاهات مختلف فئات الشعب بأوساطه السياسية والدينية وهيئات المجتمع المدني لهذه السياسات، كل ذلك مجتمعة علي مدي خسمين عاما أدت في النهاية إلي احتجاجات ظل تركت المجال مفتوحا للتوسع في الاقتصاد الأسود واقتصاد الظل والاقتصاد المضلل.. الاقتصاد الأسود وما يترتب عليه من ضياع لموارد الدولة.. إذا عرفنا مثلا من بعض التقارير (تقرير برنامج الاممالمتحدة لمكافحة المخدررات والجريمة) ان هناك 3.16 مليار جنيه تجارة مخدرات، 14 مليار دروس خصوصية وإهدارات اخري من سفه وفساد كمكالمات المحمول التي تستحوذ علي حوالي 16 مليار جنيه سنويا.. واقتصاد الظل وما يترتب عليه من ضياع الحقوق الاجتماعية للعمالة أو لغالبيتها أو ايجاد وظائف بلا موظفين.. وموظفين بلا وظائف.. واقتصاد مضلل وهو الذي تتبناه الجهات الرسمية وما يحتويه من مجموعة قرارات وتصريحات متناثرة غير مترابطة ولا متناسقة تعمل فقط علي تجميل صور الأزمات التي تعاني منها الدولة والحكومات المتتالية يضاف إلي كل ذلك اخلاقيات المجتمع الاستهلاكي وتطلعاته وطموحاته المبنية علي غير أساس علمي سليم والتي تتعدي امكانياته وقدراته. وعدم النظر إلي الاهمال البشري وسوء استخدام الموارد الاقتصادية. ويكفينا النظر إلي بعض المعطيات من الاهمال البشري في كل حياتنا.. في مرافقنا.. في مكتسباتنا.. في جميع الهيئات التي لها اتصال مباشر مع المواطن واهمال بشري متعمد تجاه أي فكر يدعو إلي تنمية الدخل القومي.. سواء كان ذلك تجاه المشروعات.. أو الخطط المقترحة للحلول.. أو الدعوة للتكاتف للقضاء علي ظاهرة سلبية تهدد المجتمع.. أي تجربة مميزة تعمل علي النهوض بمستوي الشعب.. وبالتالي انحطاط المستوي الاقتصادي. كيف ننادي باقتصاد التكنولوجيا.. قبل ان ننادي باقتصاد المعرفة.. والمعرفة هي أساس البناء الاقتصادي فما فائدة أن نضع عنصرا لا يملك المعرفة لإدارة أداة تكنولوجية؟ بالتأكيد سوف يتعامل معها بجهل وستكون النتائج عكسية. لو نعرف كيف نخطط.. ما كانت السلبيات في حياتنا ظواهر. لو نعرف كيف نضع خططنا في بؤرة الاهتمام.. ما كانت حياتنا ضربا من الفوضي والعشوائية. لو نعرف كيف نستخدم بنيتنا الأساسية بنظام.. لزادت كل فرص التنمية في مجتمعنا. لو نعرف كيف نعلم الاجيال تحمل المسئولية.. ما كنا نعاني من اللا مبالاة وضياع الهدف لدي شبابنا. لو نعرف كيف نستخدم اجهزتنا الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية في العمل علي تماسك النسيج الاجتماعي.. لقضينا علي أحقادنا الاجتماعية واتبعنا منهجا مبنيا علي مفاهيم بناءة لا هدامة لكل ما هو جميل.. لو نعرف ولو نعرف ولو نعرف ولكن لو "تفتح عمل الشيطان" لماذا لم نقم بتفعيل الحلول التي تقترح ونناقشها ونجعل منها أداة لحل مشاكلنا.. لماذا نفضل الاستسلام للواقع ونحارب كل اصلاح.. لماذا نركب الموجة لكل "مصطلح" يخرج به علينا كل من تربع علي كرسي الحكم.. لماذا نختار دائما الأسوأ وندفع به إلي الصفوف المتقدمة ليتحكم في مصائرنا بجهل بعيدا عن المعرفة التي يجهلها. ماذا تطلب من مستثمر في الداخل أو في الخارج يقرأ الصورة المشوهة التي تنشرها بعض وسائل الإعلام؟ هل سيكون اقدامه علي الاستثمار منطلقا من قوانين حوافز الاستثمار أم من تحليله لهذه الصورة المشوهة!! لم يتناولوا ان رئيس الجمهورية قد ركز في لقائه مع أعضاء تطوير التعليم علي الارتقاء بالجودة والتحديث في جميع القطاعات بما يتفق مع المستويات العالمية.. وكان من الأولي فتح باب الحوار لدي جميع مثقفي وأحزاب مصر لتقديم مشروعات واقتراحات لتنظيم التعليم والقضاء علي ظاهرة الاستغلال الفاحش في الجامعات الخاصة واتخاذ هيئات التدريس بالجامعة وجميع مراحل التعليم ما قبل الجامعة من الطالب والتلميذ وسيلة سهلة لابتزازه بالدروس الخصوصية واجراء ورش عمل يشترك في تنظيمها كل وسائل الإعلام لدرسة المقترحات ووضع خطة محددة ولائحة صارمة للعمل بها لتطوير التعليم والارتقاء بالجودة والتحديث إلي جانب الهيئة المحايدة المستقلة المشكلة لهذا الغرض.. وبذلك علي ما اعتقد يكون النقد نقدا بناء نابعا من وطنية حقيقية.. وليس نقدا يفهم منه انه تشويه صورة الآخر للوصول إلي مقعد السلطة.