يري هاني الحسيني الخبير والباحث في المالية العامة والضرائب ان 2005 هي سنة المالية العامة لاول مرة منذ ما يقرب من 30 عاما تبدا عملية الاصلاح المالي في مصر بتغيرات جذرية في حزمة القوانين المالية في الجمارك والضرائب والموازنة العامة للدولة كما امتدت يد الاصلاح الي بعض المواد في قوانين الشركات والاستثمار وكذلك لائحة الاستيراد والتصدير غير ذلك من قرارات حكومية وكلها تؤثر بشكل ايجابي علي تصحيح اليات المالية العامة للدولة يقول ان عملية الاصلاح المالي تميزت بالسمات التالية:- 1-استخدام وتطبيق احدث المعايير واداوات الافصاح والتحليل للمعلومات والبيانات وبما يتفق مع ما هو سار علي المستوي الدولي وبالتالي تحقق الشفافية. 2-التخلص من الاحمال الزائدة في الاجراءات التنظيمية والروتينية بما يحقق المرونة وتوفير الوقت والجهد وهو ماله اثر غير مباشر علي تحسين الاداء المالي ويضمن سرعة تدفق الموارد المالية العامة. 3-تطوير اساليب المعاملات ووضوحها للمستفيدين في مجتمع الاعمال وتحقيق مباديء التوازن في الالتزامات فيما بين الدولة ودافعي الضرائب وهو ما يوفر الثقة وايضا الكفاءة. ويضيف الحسيني لعل اهم عمليات الاصلاح المالي التي تمت في 2005 هي الخاصة بتعديل قانون الموازنة العامة للدولة بغرض رفع كفاءتها باعتبارها اداة المال العام وتترجم خطة التنمية والتطور الاقتصادي في البلاد الي سياسات وخطط تنفيذية تديرها اجهزة الدولة المختلفة. كما يمكن القول ايضا ان الموازنة العامة للدولة هي اداة قوية للتعبير عن الديمقراطية في النظام السياسي حينما يناقشها البرلمان وحين يكون من حقه اقتراح التعديلات فيها بالاتفاق مع الحكومة بل ان الموازنة العامة في العديد من البلدان المتقدمة والنامية اصبح يتم مناقشتها علي المستوي الشعبي من خلال منظمات المجتمع المدني ومراكز البحوث وهو ما سيتحقق في مصر طالما بدات عملية الشفافية والافصاح في عدد الموازنة مثل هو الحال في الموازنة 2005/2006. ولذلك تمت تعديلات هيكلية في تبويب الموازنة تمثلت في الآتي: 1-زيادة عدد الابواب التي تدرج فيها عناصر الانفاق العام الي ثمانية بدلا من اربعة. 2-المزيد من التحليلات المالية من خلال بيان عناصر الانفاق علي الفروع المختلفة التي تستنفذ الانفاق وذلك بعد ان كان يتم التحليل والبيان علي انواع النفقات فقط وتحقق هذه التعديلات التحليلية الشفافية والوضوح والدقة عند تقدير اعتمادات الانفاق ويسمح بمعرفة العديد من تفاصيل النفقات وهو ما يترتب عليه امكانية حساب النفقة والعائد علي اساس مخطط وبرنامج للأداء الاقتصادي في كل انواع الانفاق وفي الجانب الآخر التخطيط لعمليات التمويل وهذا الاسلوب هو اسلوب موازنة البرنامج والأداء وهي الطريقة الحديثة في اعداد الموازنة والتي تسمح ايضا بحق المستفيدين في القطاعات الاحتماعية والاقتصادية المختلفة بالمشاركة في مرحلة اعداد الموازنة قبل اعتمادها من البرلمان ويكفل في النهاية الرقابة البرلمانية القوية علي تنفيذ الموازنة. 3- ان السياسات الهكيلية الجذرية التي تم اتباعها عالجت مشكلات مهمة كانت تمثل عائقا في تحديد عجز الموازنة وكانت هذه المشكلات قد ظهرت بوضوح في موازنة 2004/2005 وهي المتعلقة بتحديد مفاهيم المصروفات والايرادات ومفاهيم التمويل بحيث تم الفصل بين ما تم انفاقه علي السلع والخدمات وبين ما يتم استخدامه في النشاط التمويلي للدولي فيما يخص الاقتراض وسداد القروض ويترتب علي ذلك تحديد كيفية تدبير احتياجات تمويله. 4- نتيجة لهذه التعديلات المؤدية الي المزيد من الافصاح المالي ونقول كذلك سلامة المعالجات المحاسبية فقد تم اظهار الدعم المستتر في موازنة الهيئة العامة للبترول والذي كان يحجب جانبا مهما من نفقات الهيئة ويحجب في المقابل حقيقة الايرادات ولذلك فان هذا الافصاح ادي الي وضوح الفائض الحقيقي لقطاع البترول ويبلغ عشرين مليارا و139 مليون جنيه في مقابل ما تم الافصاح عنه في موازنة 2004/2005 وهو4 مليارات و820 مليون جنيه تقريبا. ونتوقع لذلك رفع الحصيلة الضريبية من قطاع البترول وهي نتيجة ايجابية وهذا عدا الضريبية علي حصة الشريك الاجنبي ويبلغ 6 مليارات و128 مليون جنيه. ونتيجة لكل ذلك فمن المتوقع تحقيق فوائض وضرائب من قطاع البترول يزيد علي 17 مليار جنيه. 5- تم الغاء الاعتمادات المركزية بالحكومة والخاصة بالمحافظات وتوزيعها مباشرة علي المحافظات ويحقق ذلك دعما لسياسات اللامركزية ويمنح لها سلطاتها في الانفاق وسوف يؤثر في الاقلال من نفقات الادارة المركزية ويسمح بالتخطيط الدقيق بناء علي برامج المحافظات. ويري الحسيني ان هذه التطورات الهيكلية في ادارة المال العام يجب في النهاية ان تحقق المزيد من الارتباط بين آليات العمليات الاقتصادية وتأثيرها علي السياسات المالية وفي المقابل تتيح للسياسة المالية تطوير كفاءة الادوات المالية المتعددة المؤثرة في النمو الاقتصادي الاجتماعي والذي يقوم علي اساس من برامج محددة للتنمية تحقق الوفر وعدم الاهدار في الموارد وتتيح الرقابة البرلمانية والشعبية لصالح كل فئات المجتمع. وما نأمله في موازنة 2006/2007 هو استكمال عملية التطوير الجذرية التي بدأت في الموازنة العامة للدولة والوصول الي استخدام طريقة موازنة البرامج والاداء كاداة للتخطيط الاقتصادي الكفء والفعال.