تجمع كارلي فيورينا الرئيس التنفيذي لشركة هيوليت - باكارد (HP) بين الجمال والخشونة بل وربما القسوة.. وتري مجلة "الايكونوميست" انها محقة لانها تعمل في صناعة الكمبيوتر التي يسيطر عليها الرجال.. وربما كانت طبيعتها الجريئة هي التي مكنتها عام 2002 من اتخاذ القرار الصحيح باتمام صفقة الاندماج مع كومباك التي كانت صفقة مثيرة للجدل وعارضها والتر هيوليت ابن احد مؤسسي الشركة كما صوت ضدها 49% من حملة الاسهم. وتبدو مشكلة فيورينا الرئيسية منذ ذلك التاريخ هي تبرير ما فعلته وشرح مزايا الكيان الجديد الذي صنعته لان سعر سهم (HP) قد هبط ولم يعد الي مكان عليه ابدا سواء يوم الاعلان عن الصفقة أو يوم اتمامها.. وهناك لغط واسع في صناعة الكمبيوتر الامريكية والعالمية يقول ان (HP) بعد هذا الاندماج قد فقدت تركيزها وانها تتعرض للاعتصار بين منافسين قويين هما شركة "ديل كمبيوتر" وشركة (IBM).. فشركة ديل تركز علي اجهزة الكمبيوتر الشخصي وغيرها من السلع المماثلة الرخيصة والبسيطة اما شركة (IBM) فتتوسع في الانظمة الفرعية الي جانب انتاجها المتفرد من اجهزة الكمبيوتر.. أما (HP) فتبدو في منزلة وسط بين الاثنين الي جانب انها تفتقر الي الحماس، وقد اثر هذا بشكل واضح علي ارباح (HP) التي اعلنت في 12 أغسطس الحالي ان ارباحها علي الربع الثاني من العام لم تتجاوز ال 846 مليون دولار وهي اقل من ارباح الفترة المماثلة من العام السابق بل واقل كثيرا مما كان يتوقعه لها خبراء وول ستريت.. وأعلنت ديل في ذات اليوم ان ارباحها عن الربع الثاني زادت 29% عما كانت عليه في الفترة المماثلة من العام السابق كما كانت (IBM) قد اعلنت عن زيادة في ارباحها بلغت 17% عن نفس الفترة المقارنة.. ثم عادت وقالت انها وظفت نحو 19 الف عامل جديد هذا العام بما يعنيه ذلك من قدرتها علي التوسع الانتاجي. والمدهش ان فيورينا ردت علي هذا الفشل امام (IBM) وديل بفصل ثلاثة من كبار المديرين التنفيذيين لديها والاصرار علي التمسك باستراتيجيتها التي لم تحقق حتي الان ما كان مأمولا تحقيقه من نجاح.. ويبدو ان هذا هو اسلوبها المتكرر في العامين الاخيرين بعد الاندماج.. وقد اعلنت ان (HP) لن "تنحشر" بين (IBM) وديل كما يقال واضافت ان ديل ليست لها ماركات شهيرة وان كانت تجمع بين انخفاض مستوي التكنولوجيا، وانخفاض التكاليف أما (IBM) فان بها ارتفاعا في التكنولوجيا وارتفاعا في التكاليف في حين تقف (HP) وحدها لتجمع بين ارتفاع التكنولوجيا وانخفاض التكاليف. ومع ذلك تري "الايكونوميست" ان (HP) تواجه مشكلة كبري وان مشكلتها انها تحاول ان تقدم كل شيء لكل الزبائن ولكنها تفعل ذلك علي نحو يجعل هؤلاء الزبائن في حالة حيرة وارتباك.. صحيح ان (HP) ذات وضع مسيطر في سوق الطابعات بنوعيها الليز ونافثات الحبر للأفراد والشركات علي السواء.. كما انها قوية في سوق الكمبيوتر الشخصي والمحمول وما يشابهه من السلع الالكترونية مثل الكاميرات الرقمية، وفي سوق شاشات الكمبيوتر الشخصي والمحمول تتنافس ديل كتفا الي كتف.. ولكن (HP) في تجهيزات الشركات علي غير ما يرام سواء في مجال انظمة التخزين او الخادمات ويبدو ان هذا هو سر تعثرها فاقسام تجهيزات الشركات خسرت في الربع الثاني من هذا العام 208 ملايين دولار وهذا سر الانخفاض في ارباحها عن هذا الربع وهو ما لا تريد ان تعترف به فيورينا.. ففي مجال انظمة التخزين تواجه (HP) شركات متخصصة عملاقة وشرسة مثل (EMC) في اجهزة التخزين، فيرتاس في برمجيات التخزين كما تواجه في مجال الخادمات شركات مثل ميكروسيستمز وكذلك (IBM) وغيرها. ربما تكون فيورينا مأخوذة بالامل في انتهاء الركود وعودة انفاق الشركات علي التكنولوجيا الي الانتعاش وهذا حدث بالفعل ولكن بشكل جزئي وانتقائي يجعل من يستفيد منه بحق هي الشركات الاقوي والاكثر تركيزا في نشاطها. ومع ذلك تقر "الايكونوميست" بان (HP) لم تتحول الي وضع ميئوس منه كليا ويري ستيفن مليونوفيتش المحلل في ميريل لينتش ان فيورينا كانت محقة في اتمام الاندماج بين (HP) وكومباك لان كل منهما بحاجة الي الاخر ولكن علي فيورينا ان تختار بين الانشطة الانتاجية التي تبيع للافراد وتلك التي تبيع للشركات لان الجمع بين الاثنين مشكلة حقيقية.. ربما كان بعض المستثمرين في (HP) يرون ان علي الشركة التركيز علي الطابعات وحدها ولكن هذا غير مجد والاهتمام بكل احتياجات الزبون الفرد هو الحل الامثل سواء الطابعات او الكمبيوتر او الكاميرات الرقمية أو ما شابه ذلك كما يقترح مليونوفيتش تقسيم (HP) الي وحدات انتاجية متخصصة.. ولكن الغريب ان فيورينا لم تعلق علي هذا الرأي عندما سمعته من مليونوفيتش في اجتماعها مع المحللين في يونية الماضي ولا احد يعرف هل هذه مجرد صلابة رأي من فيورينا ام انها تخطط لشيء تريد ان تفعله بتأن ودون ان تبدو مضطرة لفعله وهذا ما ستقوله لنا الشهور القادمة.