حالة من القلق تنتاب الشارع المصري بل في أوساط المراقبين والخبراء مع تراجع الاحتياطي النقدي ووصوله إلي معدلاته الاقل منذ الثورة حيث هبط إلي نحو 13.6 مليار دولار مقابل 15.4 مليار دولار بنهاية ديسمبر الماضي. فالاحتياطي النقدي الذي أخذ في التملل منذ الثورة مع الاحداث السياسية والاقتصادية وصل إلي نقطة حرجة في رسمه البياني الصاعد والهابط ورغم أن التراجع كان متوقعا في ظل عدم التوافق السياسي بين القوي السياسية واستمرار الاضطرابات السياسية والاقتصادية في البلاد إلا أن صدمة الرقم الواقع كانت الاقوي خلال الاسبوع الماضي ورغم أن جزءا كبيرا يضاهي 660 مليون دولار من الرقم ذهب لاقساط نادي باريس في موعدها السنوي التي تلتزم مصر بسدادها بشكل دوري ولم تتخلف عنه، إلا أن الامر يفرض تحديات أكيدة علي الاقتصاد المصري . قرض الصندوق كانت صحيفة الواشنطن بوست قد ذكرت أن الاحتياطي النقدي الأجنبي للبنك المركزي المصري فقد نحو23 مليار دولار خلال العامين الماضيين عقب ثورة25 يناير 2011 مما يزيد علي نصف الاحتياطي الذي بلغ في نهاية فترة الرئيس السابق حسني مبارك نحو36 مليار دولار. وأشارت الصحيفة إلي أن المركزي المصري سبق وحذر في بيان له من أن الاحتياطي بلغ نقطة حرجة مع وصوله إلي15 مليار دولار في بداية يناير الماضي. وهو ما يكفي لاستيراد المواد الأساسية لنحو3 أشهر فقط.. وذكرت واشنطن بوست أن احتمالات حصول مصر علي قرض صندوق النقد تراجعت في ظل تراجع الاحتياطيات النقدية وقرارات وكالات التصنيف العالمية بخفض التصنيف الائتماني لمصر خلال الأشهر الأخيرة، مشيرة إلي أن استمرار الاحتجاجات الاجتماعية واستعداد حزب الحرية والعدالة للانتخابات البرلمانية المقبلة يقلل من فرص فرض إجراءات تقشفية صعبة. أوجاع الاقتصاد من جانبه أكد أحمد يونس الباحث الاقتصادي أنه كيف ينتظر زيادة الاحتياطي النقدي في الوقت الذي تراجعت فيه معدلات النمو الاقتصادي وتوقفت حركة الانتاج مشيرا إلي إن تزامن ذلك مع سداد أقساط نادي باريس زاد الطين بلة وعمق من أوجاع الاقتصاد إلي جانب الاحتجاجات، مشيرا إلي انه في حالة عدم تحقق الاستقرار السياسي وعدم اتخاذ الحكومة إجراءات من شأنها تخفيف آثار إرتفاع أسعار الدولار التي انعكست في جشع التجار، مؤكدا أن الشارع لديه طموحات اقتصادية منذ الثورة ولن يقبل بأداء هش قد يدفعه لاضطرابات اجتماعية قد تكون ضربة قاصمة للاقتصاد المصري علي حد قوله معتبراً أن هناك ضرورة للقضاء علي فجوة الأجور لإعادة معدلات الإنتاج إلي طبيعتها، موضحا أن التطلعات الاجتماعية للمصريين تنذر بالاستمرار في الضغط علي المالية العامة في بلد يخصص القسم الأكبر من ميزانيته لدعم المواد الأساسية كالخبز والبنزين وغيرهما. وقال إن المؤسسات الدولية بما فيها الصندوق النقدي لا تشترط علي الحكومات الاجراءات التقشفية بل تضعها شرطا ألاتمس الطبقات المهمشة والتطبيق الخطأ من الحكومات خاصة في الدول النامية يجعلها تعطي الاولوية لفرضها علي هذه الطبقات دوما وقال: وإلا فلماذا تتخذ إجراءات تقشفية علي الفقراء في هذه الدول في أوقات معينة من السنة ولا تكملها وقت الاستحقاقات الانتخابية معتبراً أن الاستنزاف قد يطول حتي الانتخابات البرلمانية وقد يتخذ بعد ذلك مثل هذه الإجراءات. ودعا يونس الحكومة التي تقتدي بنموذج ماليزيا وتركيا في كل شيء أن تتبني مبادرتها في جعل قطاعات كالزراعة والصناعة توفر كل فرص العمل في المجتمع بنسبة 90% قائلا إن التنمية لابد أن يكون لها خطة معتمدة تسير عليها عند التنفيذ. امتصاص الصدمات أما اشرف بيومي الخبير المصرفي فقد أكد أن القطاع المصرفي متماسك ولا يزال الاقدر بين القطاعات علي امتصاص الصدمات مشيرا أن قرارات البنك المركزي الاخيرة بتحديد أولويات فتح الاعتمادات المستندية يعني ترشيد استخدام العملات الصعبة إلا في حدود الضروري وترتيب الاولويات، معتقدا أن إدارة المحافظ الجديدة للبنك المركزي تضع في مقدمة اهتماماتها وأجندتها ترشيد استهلاك الاحتياطي من النقد الاجنبي. وقال بيومي إن الادارة الرشيدة للنقد الاجنبي تفرض الترشيد في موارد الحكومة من جهة، ومن جهة أخري مساندة القطاع الخاص في توفير فرص العمل وتقديم الدعم عن طريق المساندة التشريعية.. أضاف بيومي أن الاداء الحكومي يحتاج إلي تحقيق التوازن في الميزان التجاري المصري فلا يمكن لاقتصاد دولة اعتمد علي مدي السنوات الماضية علي إدارة اقتصاد يعتمد علي الاستيراد بشكل كبير وقال: كان علي الحكومة أن تركز علي جعل الاستيراد يصب في صالح السلع الوسيطة في العمليات الانتاجية وتحقيق طفرة في الصناعة قائلا إن البنك المركزي وقف منذ الثورة بكل ماأوتي من قوة قائما بدور رجل المطافي في إدارة الازمات لكن ينبغي أن تتعاون الحكومة عن طريق العمل والخطط الواضحة وليس ترك كل شيء علي البنك المركزي.. فالادوار دائماً مكملة لبعضها البعض في السياسات الاقتصادية. أما الدكتور سمير الشيخ الخبير المصرفي فقد أكد أن البنوك معنية بضخ الاستثمارات في شرايين الاقتصاد معتبراً أن إنتظار الاستقرار السياسي ليس أمراً سليما لان الاستقرار مرهون بدفعة اقتصادية تشعر المواطن بالاستقرار في الاسواق من خلال تشجيع الائتمان الممنوح للقطاع الخاص، مشيرا إلي أن السبب الرئيسي لصعود الدولار أمام الجنيه أن الموارد السيادية للدولة متأثرة بشكل كبير وهو ما سيؤدي إلي ارتفاعه في الاسواق مشيرا إلي أن تأزم الاوضاع وإستمرارها سيجعل الدولة في طريق اضطرارها لدعم العملة المحلية.. لكن هذا لن يستمر طويلا إذا ارتفع سعر الدولار في الاسواق العالمية مما سيزيد من بلة الطين علي حد قوله.