سؤال طرحته ومازلت أطرحه علي نفسي حتي الآن.. تري متي يأتي اليوم الذي أري فيه الحكومة وهي تتشاور مع خبراء سوق المال أو خبراء أي قطاع آخر قبل الشروع في اقرار أي قوانين أو لوائح تخص هذا القطاع أو ذاك؟!.. فمنذ يوم الاربعاء قبل الماضي الذي أعلنت فيه الحكومة عن مشروع قانونها "التفصيل".. لم أتوقف لحظة عن التفكير في جدوي هذا القانون والعائد منه.. لاسيما وأني كأي مواطن مصري أريد الخير لهذا البلد.. وإذا ما كان الخير في هذا القانون فلا شك سأكون أول من يؤيده حتي وإن كان علي حساب المجال الذي أشرف بالعمل فيه.. ولكني للأسف بعد التفكير بهدوء وبعيدا عن انفعالات اللحظات الأولي لم أجد لهذا القانون أي جدوي تذكر أو بمعني أوضح لا أتصور أن يكون العائد منه يستحق ما قد يسببه من أضرار علي مجال سوق المال بل وعلي الحكومة ذاتها؟! فتطبيق ضريبة علي الشركات حال إدراجها لأول مرة.. لاشك سيقلل من جاذبية القيد في البورصة.. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نقارن أنفسنا بالدول الغربية وندعي أنها تطبق ضريبة علي أسواق المال.. فتلك أسواق متقدمة.. الشركات تسعي إليها.. ولهذا عليها أن تدفع مقابل الإدراج فيها.. أما بورصتنا فهي مجرد بورصة ناشئة تسعي لجذب أكبر قدر من الشركات للقيد بها.. ولا أدل علي هذا مما حدث عام 1998 عندما قررت الحكومة إعفاء الشركات المدرجة بالبورصة من الضرائب لمدة عشر سنوات.. الأمر الذي دفع عشرات الشركات للإقبال علي القيد.. بعضها استمر بالفعل وأضحي من أهم الشركات المدرجة والبعض الآخر اكتفي بالعشر سنوات وطالب بالشطب الاختياري عام 2008.. وهذا يوضح إلي أي مدي تسعي حكومات البورصات الناشئة إلي جذب الشركات للقيد بها.. والغريب أننا في مصر لم نشهد خلال السنوات الأخيرة أي طروحات لشركات جديدة في ظل عدم وجود الضريبة.. فماذا بعد تطبيقها؟؟!! اللهم إلا إذا ما كان القصد هو تطبيقها علي شركات قطاع الأعمال حال العودة لبرنامج الخصخصة لتكون الحكومة بهذا قد طبقت المثل الشعبي الشهر "من دقنه وافتله".. علي كل حال أري أننا إذا ما أردنا عقد المقارنة فيجب أن تكون بين سوقنا والأسواق الناشئة المحيطة بنا وليس بيننا وبين أسواق تسبقنا بعشرات السنين حتي لا نضحك علي أنفسنا كما كان يحدث مع حكومات النظام السابق!! أما الأمر الآخر الذي يتعلق بفرض الضريبة علي إعادة تقييم الأصول في حالة الاندماج أو التقسيم الذي أشرت في مقالي السابق عن الغرض الحقيقي منه.. واعتبرته قانون "تفصيل" علي حالة أوراسكوم للإنشاء وأوراسكوم تليكوم.. فهو الآخر لا أري له أي جدوي تذكر.. وأتصور أن سلبياته ستكون أكبر بكثير من إيجابياته.. وكما سبق وكتبت.. من المؤكد أن تلجأ بعض الشركات للتلاعب في قيم الأصول عند إعادة التقييم في حال وجود تقسيم أو اندماج أو أي إعادة هيكلة.. تماما كما يفعل المواطنين في عقود بيع وشراء الوحدات العقارية لتفادي دفع الضريبة ومصاريف التسجيل!!.. وسلملي بقي علي الضريبة!! أخيرا لا أعلم لمصلحة من القضاء علي قطاع كامل بهذا الشكل؟؟!! هل لأرضاء صندوق النقد الدولي للحصول علي قيمة القرض؟؟!! لا أتصور هذا.. لاسيما وأن أحد اشتراطات صندوق النقد الدولي في تسعينيات القرن الماضي كانت تتعلق بالخصخصة وبيع القطاع العام.. الأمر الذي يحتاج لوجود سوق للأوراق المالية.. لذا توصلت في النهاية إلي أحد أمرين.. إما أنه مخطط للقضاء نهائيا علي قطاع الأوراق المالية في مصر لغرض لا نعلمه جميعا!!.. وإما هو قانون مشابه لقرار إغلاق المحلات الساعة العاشرة لم تتم دراسته والفارق بين سلبياته وايجابياته.. واتصور أن الأخير هو الأقرب علي اعتبار أن الحكومة الحالية لها سوابق مشابهة!! كلمة أخيرة: لم يثر أعصابي الإعلان عن قانون الضرائب بقدر ما يثيرني بعض السادة الإعلاميين وهم يعلقون علي البورصة المصرية بأنها قد شهدت ارتفاعات أو انخفاضات مع زيادة أو نقصان في الرأس مال السوقي!! فتلك كلها أمور قد نقبلها في حال وجود "سوق" أما الآن ومنذ الإعلان عن هذا القانون "المشئوم" فلم يعد هناك سوق!!.. اللهم إذا ما اعتبرنا ما نشاهده علي الشاشات الآن من ركود وتدني حاد في قيم التعاملات.. بورصة!! [email protected]