في ظل عدم وجود أي بوادر لقرارات جديدة من قبل إدارة البورصة الحالية وكذلك الهيئة العامة للرقابة المالية تدعم من أداء البورصة المصرية والتي تناولنا في الأسبوع لماضي مسألة تدني قيم التداولات بها إلي أدني مستوياتها في ست سنوات وأن كانت قد نجحت قبل عطلة عيد الفطر المبارك في تحقيق رقم قياسي جديد وتحديدا بجلسة الاحد الماضي والتي اقتربت فيها قيم التداولات من ال 150 مليون جنيه فقط وهو الأدني للسوق المصرية في سبع سنوات!! .. وللأسف الشديد ومع هذا التدني مازالت الجهات المسئولة غائبة وكأن الأمر لا يعنيها علي الاطلاق.. فلا قرارات أو محفزات أو حتي مجرد التعليق علي هذه الكارثة التي حذرنا ومازلنا نحذر من عواقبها الوخيمة والتي قد تطول الجميع ولن تفرق حينها بين مسئول كبير أو مستثمر صغير. وكنتيجة طبيعية لهذا التجاهل الغريب من قبل السادة المسئولين عن سوق المال لتلك الأزمة لم يعد أمامنا سوي مناشدة الحكومة الحالية ومطالبتها بمجرد النظر علي سوق المال المصري الذي اضحي كالغرفة المظلمة المليئة بجميع أنواع الوحوش والحيوانات المفترسة.. يحاول الجميع الهروب منها بأي شكل من الأشكال سواء أجانب أو عرب أوحتي مصريين.. فالجميع قد انتابته حالة من اليأس الشديد من تلك الحالة التي آلت إليها السوق المصرية والتي اضحت بين ليلة وضحاها آخر أولويات الحكومة وهو ما يبدو واضحا في التوجه السياسي لها خلال الفترة الحالية والمنصب بشكل رئيسي علي ارضاء الشارع وهو التوجه الذي نشتم فيه جميعا رائحة الاشتراكية حتي مع انكار الحكومة لهذا الأمر وإعلانها أكثر من مرة عن التزامها بسياسة الاقتصاد الحر مما يذكرني بالمثل الشهير (اسمع كلامك أصدقك.. اشوف أمورك استعجب) وهو في رأيي الشخصي احد الأسباب الرئيسية لحالة التدهور الاقتصادي الذي تمر به مصر الآ والذي يتجلي في استمرار الخروج العشوائي من قبل المستثمرين الأجانب سواء من الاستثمار المباشر أو غير المباشر كما هو الحال في البورصة المصرية. وأذكر أني قد كتبت منذ فترة مقالة بعنوان "جمعة انقاذ البورصة" والتي كانت تهدف في مضمونها إلي تضافر جميع الجهود لتوضيح الهدف الحقيقي من أسواق المال وتحديدا سوق المال المصري لمحو الصورة السلبية المتكونة في عقول العديد من أطياف الشعب المصري بأن البورصة المصرية ما هي إلا "صالة قمار كبيرة" وأشرت في حينها إلي أن هذا الأمر لن يتأتي سوف بجهودنا الذاتية.. واقترحت اطلاق مبادرة اسميتها "البورصة المصرية حقيقة أم خيال"؟!. يقوم فيها كلا منا بدوره المتمثل في توضيح وتعريف جميع أطياف المجتمع بالمفهوم الحقيقي لسوق المال وأنها ليست كما يتصورها البعض "صالة قمار" وإنما هي في الأصل أداة لتمويل الشركات المدرجة بها وليس معني أن تستغل شركة أو عددا محدود من الشركات ادراجها بالبورصة بشكل سلبي أن جميع الشركات المدرجة تكون علي نفس الشاكلة.. فهناك شركات كبري أيضا مدرجة بها واستفادت بالفعل من هذا الادراج وعلي سبيل المثال وليس الحصر أوراسكوام تليكوم وأوراسكوم للإنشاء والصناعة والمصرية للاتصالات والبنك التجاري الدولي وغيرهما وكلهما شركات مصرية يعمل بها آلاف المواطنين من أبناء هذا الشعب وبطبيعة الحال التمويل الذي حصلت عليه جراء طرح جزء من أسهمها في سوق المال دفعها للتوسع في حجم أعمالها ونشاطها وبالتالي نجحت في توفير العديد والعديد من فرص العمل. ولا يعني إطلاقا وجود بعض التلاعبات من قبل بعض رجال الأعمال الفاسدين ونقص المعلومات وضعف الافصاح والشفافية أن بورصتنا ليست علي المستوي المطلوب.. فالتلاعبات ونقص المعلومات من سمات البورصات علي مستوي العالم بما فهيا حتي البورصات المتقدمة وليس أدل علي هذا من شركة انرون وفضحيتها الشهيرة في الولاياتالمتحدةالأمريكية البورصة الأكبر علي مستوي العالم. والحقيقة أن ما ذكرني بهذه المقالة ودفعني لإعادة نشر جزء منها هو التوجه السياسي للحكومة الحالية والتي لا تسمع سوي صوت واحد فقط يعرفه الجميع.. وعلي هذا يبدو أن الحل الوحيد أن نحاول تغيير تلك الصورة المتوطنة في عقول أصحاب هذا الصوت وأن نوضح لهم أهمية سوق المال في أي بلد متحضر ليكونوا بذلك هم حلقة الوصل بيننا وبين الحكومة لعلهم يستمعوا لصراخنا وصراخ آلاف المستثمرين الخاسرين بالبورصة المصرية!! كلمة أخيرة: لا يوجد لدي أدني شك في أن الحكومة الحالية تتفهم تماما أهمية الاستثمار وسوق المال بشكل خاص.. ولكن للأسف.. ليس كل ما يتمناه المرء يدركه!! وبمعني أوضح.. ليس كل ما "يتفهمه" المرء يمكن تحقيقه.. وعجبي!! [email protected]