عندما تحدثت في نفس هذا المكان منذ ما يقارب الشهر والنصف عن انخفاض قيمة الجنيه والمشاكل التي تحيط بالاقتصاد المصري وعجز الموازنة المتوقع نتيجة لاضطرار الحكومة علي زيادة مخصصات الدعم تجنبا من الاحتقان في الشارع المصري جراء الارتفاع المستمر في الاسعار.. لم اكن اتصور علي الاطلاق ان تكون البورصة المصرية هي الضحية.. خاصة ان الجميع يعلم تماما ان هناك قطاعين يعدان الاكثر تضررا جراء الاحداث الاخيرة هما السياحة وسوق المال.. واذا ما نظرنا إلي قطاع السياحة فسنجد ان الحكومة تسعي بجميع الطرق علي اعادة انعاش هذا القطاع نظرا لما يمثله من نسبة كبيرة في الناتج القومي.. أما سوق المال ومستثمروه والعاملون به فيبدو انه ليس من أولويات الحكومة الحالية علي الاطلاق وهو ما بدا واضحا من تفكيرها في فرض ضريبة علي التوزيعات قبل ان تعود وتلغيها الخميس الماضي بعدما شعرت بفداحة الخطأ! في البداية نحمد الله علي الغاء مشروع القانون علي الأرباح الرأسمالية بعد مجهودات كبيرة من قبل رئيسي الهيئة والبورصة وجميع الجهات المعنية بسوق المال ولا يفوتنا أيضا ان نتوجه بالشكر للحكومة الحالية علي استجابتها لصوت اهل الخبره والعلم.. ولكن ما يجب الاشارة اليه ان هذا القرار الملغي قد اظهر سلبيات عديدة.. أولها: ان الحكومة الحالية قد كشفت بما لا يدع مجالا للشك عدم المامها علي الاطلاق بأسواق المال.. وانها علي استعداد تام لارضاء الرأي العام بأي شكل حتي وان كان هذا علي حساب الاستثمار سواء المحلي أو الاجنبي أو حتي التضحية بمدخرات كام مليون مصري لا يعلموا طريق ميدان التحرير.. ولهذا ناديت ومازلت انادي بضرورة اعادة وزارة الاستثمار خلال هذه الفترة الحرجة وتكليف أحد السادة المختصين بمجال الاستثمار بهذه الوزارة للحفاظ علي ما تبقي من الاستثمارات الاجنبية الموجودة بمصر حتي الآن.. علي الاقل لحين تعيين رئيس للجمهورية ومجلس شعب منتخب.. فلم يعد مقبولا تلك القرارات العشوائية التي تصب في جانب واحد فقط هو ارضاء الرأي العام "الثائر" دون التفكير في تبعات هذا القرار الذي اتصور انه كان وجوبا علي الحكومة الحالية استشارة خبراء سوق المال قبل مجرد التفكير فيه لمعرفة حجم التأثيرات السلبية التي قد تعود مناخ الاستثمار بشكل عام جراء هذه القرارات الغير مدروسة.. ويكفي ما تعرضت له البورصة المصرية من تبعات ثورة 25 يناير ومازالت تعاني منه حتي الان.. وثانيها وهو الاهم ..كم التصريحات الضخمة التي اعلنها وزراء غير معنيين بفرض الضرائب.. كوزير الصحة ووزير التضامن .. وهو ما يشير الي حجم التخبط الكبير الذي تعاني منه الوزارة الحالية.. عدا عن التأكد من ان اعلان وزير التضامن منذ ما يقارب الاسبوعين عن فرض ضريبة علي أرباح البورصه لم يكن من فراغ . و يبقي للحكومة الحالية ان تعلم قبل ان تفكر في اتخاذ اي قرارات جديدة من شأنها التأثير سلبا علي سوق المال.. ان حجم صغار المستثمرين المتعاملين بالبورصة المصرية يقارب علي ال 2 مليون مستثمر والعديد منهم قد توجه للبورصة المصرية جراء الدعاية الكبيرة التي قامت بها الحكومة السابقة والطروحات الضخمة التي تمت خلال الاعوام العشر الماضية بغرض استثمار مدخراتهم الصغيرة في ظل عدم وجود اي فرص استثمارية تتلائم مع هذه المدخرات وايضا في ظل انخفاض اسعار الفائدة علي الودائع .. والذي يجب ان تعلمه ايضا الحكومة الحاليه ان اغلب هؤلاء المستثمرين قد عانوا الامرين خلال السنوات الثلاث الماضية وتبخرت اغلب مدخراتهم ولم يعد ما تبقي منها يحتمل اي قرارت جديدة تؤثر سلبا عليها واما عن اغنياء البورصة الذين يفترض انهم الاحق بفرض هذه الضرائب عليهم والذين تعتقد الحكومه انهم يمثلون الجزء الاكبر من مستثمري البورصة فهم ينقسمون إلي جزأين .. جزء الآن يتمتع بالشمس والهواء والوجه الحسن بليمان طرة او سجن المزرعة والجزء الآخر يستمتع بالمناظر الخلابة والجمال الصارخ علي شواطئ الكاريبي!! ..هؤلاء هم من يستحقون ان تفرض عليهم الضرائب يا معالي الوزير.. وليس الموظف البسيط الذي انهيت خدمته بمكافآة لا تتعدي الخمسين الف جنيه لا يتبقي منهم سوي 5 او 6 آلاف جنيه جراء الخسائر المتتالية منذ 2008 حتي الآن .. وهو نفس حال ربة المنزل البسيطة التي ارادات ان تشغل وقتها فأضاعت "تحويشة العمر" وغيرهم الكثير والكثير. علي كل حال نعود ونشكر الحكومة الحالية علي سرعة استجابتها والغائها لمشروع هذا القانون الذي كان من الممكن ان يكون رصاصة الرحمة لسوق المال بعامليه ومتعامليه.. اعتقد ان تلك الاستجابة السريعة هي افضل ايجابيات هذا القرار من وجهة نظري الشخصية. [email protected]