"أجواء من الترقب والأمل المشوبان بالحذر" سيطرت علي فعاليات المؤتمر الخامس للمعهد المصرفي حول التحديات التي تواجه الانطلاق وتكبل الفرص وكيفية التغلب عليها ورغم أن الخبراء أكدوا أن القطاع المصرفي كان الأقل تضرراً أثناء الاحداث الماضية إلا أن التحديات العالمية والمحلية والاقليمية تجعلنا علي المحك دوماً وتتطلب يقظة كبيرة.. تصريحات رئيس بنك القاهرة منير الزاهد كانت هامة ووجهت رسالة للمجتمع المصرفي بضرورة العمل الدؤوب لان النمو الاقتصادي مسئولية كبيرة ينتظر معها إنعاش الائتمان حيث قال: "إن القطاع المصرفي هو اكثر قطاعات الدولة نجاحا خلال المرحلة الانتقالية علي الرغم من حالة الركود التي انتابت جميع القطاعات الاقتصادية نتيجة حالة عدم الاستقرار السياسي والامني ". وحول عمل البنوك في تغطية عجز الموازنة قال الزاهد: "ان نجاح البنوك في تغطية عجز الموازنة العامة للدولة ليس أمرا سلبيا كما يعتبره البعض ولكنه تم بمنظور حماية الاقتصاد القومي سواء من البنوك العامة او الخاصة في ظل تراجع الطلب علي الاقتراض الجديد نتيجة حالة عدم الاستقرار خاصة ان معدل الاقراض للودائع تصل نسبته الي 51% وهو أمر صحي علي عكس ما حدث في الغرب". وتناول الزاهد أبرز التحديات التي تواجه الجهاز المصرفي المصري حيث قال: "إنها تشمل العمل علي رفع معدل النمو الاقتصادي، وزيادة نسب التشغيل، بتوفير ما يتراوح بين 800 ألف ومليون فرصة عمل سنويا، وسيتأتي ذلك عن طريق قيام القطاع المصرفي بدوره في تنمية عملية الإقراض، وتمويل المشروعات بجميع أحجامها، والاهتمام بضخ تمويلات في قطاعات المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، مؤكدا أن تكلفة توفير فرص العمل ارتفعت خلال السنوات الماضية، وهو ما يمثل تحديا آخر أمام الحكومة". وقالت المدير التنفيذي للمعهد المصرفي الدكتورة مني البردعي إن الانكماش الاقتصادي الاوروبي بسبب تداعيات الأزمة سيؤثر سلبا علي الاقتصاد المصري. تحليل الخبراء. الخبراء في قراءتهم ورؤيتهم التحليلية لذلك أكدوا أن القطاع المصرفي يحتاج إلي إنعاش الائتمان وضخه في شرايين الاقتصاد المصري ورغم اختلافهم حول قضية انشغال القطاع المصرفي بسد عجز الموازنة المتململ علي مدار العام إلا أنهم أكدوا أن النمو الاقتصادي لن يتحقق إلا بخطوات حثيثة من القطاع المصرفي تعطي المستثمر الأجنبي رسالة هامة حول مدي جاهزيته لاستقبال جرعات من رؤوس الاموال الوافدة إلي أرض مصر قائلين لايمكن أن ندعو الحكومة للاستثمار في الوقت الذي مازال القطاع المصرفي لم يتخذ خطوات لدفع الاستثمار تنعكس علي النمو الاقتصادي ومعدلات العمل في المجتمع فتعطي رسالة أن المجتمع بدأ في العمل مما يخفض من مؤشرات الفقر في الوقت الذي يقبل فيه العالم علي ازمات اقتصادية ممتدة الاثار منذ أزمة عام 2008 بحسب وصفهم. الدكتورة بسنت فهمي الخبيرة المصرفية أكدت أن القطاع المصرفي اليوم يعتبر دعامة أساسية لبناء أي اقتصاد حر يقوي من دعائم أي دولة ويدفع بها نحو عملية النمو الاقتصادي والاجتماعي إذا كانت الأسس في بناء هذا القطاع قوية ومتينة وقائمة علي التخطيط العلمي وزاخرة بالكفاءة والخبرة والثقة خاصة إذا استطاع هذا القطاع أن يساهم في خطط التنمية والاستثمار علي صعيد البناء والنمو الاقتصادي للدول والمجتمعات وتابعات قائلة أن الحقيقة وليس كلاما إنشائيا أن المصارف والاستثمارصنوان متلازمان لصنع عملية النمو والتنمية علي أساس مستدام خصوصا وان القطاع المصرفي يشكل المنصة التمويلية الأولي والرئيسية للأنشطة الاستثمارية وان المرحلة الراهنة تتطلب اليوم أكثر من أي يوم مضي أن تصبح المصارف الأقطاب الحقيقية لعجلة النمو والتطور والتعاون. وتابعت فهمي قائلة إن الوقت قد حان لاتباع سياسات ديناميكية حثيثة حيث إن الحكومة لازالت تتبع سياسة "التعويم المدار للجنيه"، وهي سياسة خاطئة لأنها ساعدت علي التخفيض الشديد للاحتياطات الدولية من العملات الأجنبية وقالت إن الطلب علي الجنيه شبه منعدم لتدهور السياحة والصادرات، والحل الوحيد لزيادة قيمة الجنيه هو رفع سعر السندات الحكومية مما يترتب عليه زيادة سعر الفائدة عليها وتخفيضها علي الدولار لأدني المستويات العالمية عندئذ تتجه أنظار المودعين إلي التكالب علي فتح الايداعات بالجنيه وزيادة المدخرات بالعملة المحلية فتتصاعد معدلات الاستثمار والنمو الاقتصادي وعندئذ تنظر الحكومة في أمر تحرير سعر الصرف للجنيه أمام العملات الأجنبية. وناشدت فهمي القوي السياسية بإعطاء رسائل تشجع الاقتصاد علي الاستقرار والقطاع المصرفي علي العمل قائلة إن الشد والجذب بين القوي السياسية، سوف يؤثر سلبيا علي الاقتصاد، مشيرة إلي أنه من المفترض أن يكون مبدأها هو مصلحة مصر بدلا من الدخول في صراع ينتج عنه دفع مصر إلي الهاوية. وحذرت من خطورة استمرار الوضع الراهن لفترات طويلة بما يتسبب في دخول مصر نفقا مظلما لا يتحمله المواطن وشددت علي ضرورة التوافق السياسي لتتجنب مصر عواقب الكوارث علي المستوي السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني، مطالبة السياسيين بإعلاء المصالح القومية علي المصالح الشخصية. الاقتراض الخارجي والتقط أطراف الحديث الدكتور أشرف سمير الخبير الاقتصادي قائلا إن القطاع المصرفي تحمل الكثير بسبب الدين المحلي المتصاعد وكذلك فإن الاقتراض الخارجي من المؤكد انه يرهق الاقتصاد، وأن هذا الاتجاه يفرض التزامات سياسية واقتصادية علي مصر، وأن مصر التزمت في بداية التسعينات بتطبيق روشتة الاستطلاع الاقتصادي للحصول علي قروض من صندوق النقد الدولي، لإسقاط 50% من القروض المتراكمة، حيث كانت شروط صندوق النقد تطبيق الاقتصاد الحر، واتباع سياسة التحليل الاقتصادي وتحليل الأسعار وتركها للعرض والطلب وتغير أسلوب عجز الموازنة وتطبيق برنامج شامل للخصخصة، وأن هذه السياسة كانت لها آثار سلبية اقتصادية واجتماعية رهيبة، أدت إلي زيادة التضخم وزيادة معدل البطالة، كما استخدمت ودائع المصريين في شراء أذون الخزانة لتمويل عجز الموازنة، مما أثرت سلبيا علي تمويل المشروعات الانتاجية وتغير تطبيق سياسة التحليل الاقتصادي التي فرضها صندوق النقد الدولي، كما أنها من أهم الأسباب الاقتصادية لقيام ثورة 25 يناير، وأن أهداف الثورة تحقيق العدالة الاجتماعية ووضع حد أدني للأجور مما يتعارض هذا مع السياسة التي يفرضها صندوق النقد الدولي. وقال سمير إن الحكومة ينبغي عليها مواصلة الإصلاحات الاقتصادية وتعزيز العملة المحلية وزيادة معدلات الإنفاق الاستهلاكي، لافتا إلي أن استرداد ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد المصري سوف ترتكز إلي حد كبير علي الوفاء باستحقاقات المرحلة الحرجة وخاصة القضايا المرتبطة بالعدالة الاجتماعية كالحد الأدني للأجور ودعم سيادة القانون وأضاف أن زيادة معدلات التضخم السنوية تشكل تحديا يجابه الجهود الحكومية الرامية إلي تعزيز الاستقرار الاقتصادي , داعيا الحكومة المصرية إلي اتخاذ إجراءات فعالة لكبح معدلات التضخم وأشار إلي أن الحكومة ينبغي عليها تعزيز الاستفادة من مواردها المحلية والمساعدات المالية القادمة من الدول العربية لمواجهة العجز المتوقع في الميزانية العام الحالي. ثلاثة أسباب ويري الدكتور علي ثابت خبير الاقتصاد أن هناك ثلاثة أسباب رئيسية لاستقرار الوضع الائتماني المصري، مؤكداً أن أول هذه الأسباب هو استقرار منسوب الودائع الأجنبية والعمل علي زيادتها في الجهاز المصرفي المصري، ثاني هذه الأسباب هو أن تقوم بعض الدول القوية علي المسرح السياسي والاقتصادي الدولي والصديقة لمصر بالقيام بدور الضامن للوضع الاقتصادي المصري حيث إن ذلك يرفع معدلات "الثقة" علي الصعيد الدولي للبلاد، السبب الثالث هو وقف النزيف الاقتصادي في مصر حتي تستقر نسبة الائتمان والعمل علي رفع معدلات النمو وبحث أسباب العجز في الموازنة وكيفية تمويله. وأوضح أن الحكومة الحالية معنية بعمل "خطط قصيرة المدي" للحيلولة دون تدهور الوضع الاقتصادي، مشيرا إلي أن الحكومة الحالية قد لا تحظي "بالثقة" في الأوساط الاقتصادية الدولية نظرا لتخبط التصريحات الحكومية الصادرة من قبل بعض أعضائها مثل فرض الضرائب المفاجئ رغم تأكيدهم مراراً وتكراراً علي أهميتها، الأمر الذي يعزز من "نقاط الضعف" في الاقتصاد القومي وأحد أهم الأسباب الرئيسية في احتمال تراجع نسبة الائتمان بشكل ملحوظ. أحمد الباز