رغم تأكيدات البورصة والرقابة المالية والحكومة بأنها لا تمس التداولات حالة من الجدل تفجرت بين أوساط المستثمرين خلال الساعات القليلة الماضية، بعد إعلان الحكومة ووزارة المالية الموافقة علي فرض ضريبة علي التعاملات في أول مرة داخل البورصة نسبتها 10%، لينقسم المتعاملون بالسوق والخبراء والمراقبون الاقتصاديون ما بين مؤيد ومعارض للقرار. وكان لكل فريق حجته ومبرراته لرفضه أو لقبوله بالقرار، في الوقت الذي أكدت فيه الهيئة العامة للرقابة المالية المصرية وإدارة البورصة ووزارة المالية، بأن الضريبة المقترحة علي البورصة، لن تمس تداول الأوراق المالية في البورصة. وبينما أكد رئيس البورصة المصرية الدكتور محمد عمران في تصريحات ل"العالم اليوم"، بأن القرار ايجابي للغاية ويحمل في طياته فوائد بالجملة للسوق وللمتعاملين به، خاصة وأنه سيقضي علي الشائعات التي تثار من حين لأخر بشأن فرض ضريبة علي البورصة، وهو ما كان يتسبب في إحداث مشكلات عديدة كانت دائما ما تنتهي بخسائر فادحة يتحملها المستثمرون أنفسهم. أن هذا القرار سيضع حداً للغط الذي كان يثار من حين لآخر، عن فرض ضرائب علي تعاملات البورصة اليومية للمستثمرين، لافتاً إلي أن المستثمرين المتعاملين حاليا ليسوا مخاطبين بهذا القرار وأن تعاملاتهم لن يفرض عليها أي ضرائب، وهي خاصة بالطرح الأول للشركات فقط. وأضاف رئيس البورصة أن هذا القرار قد يكون محفزا قويا لها في أن تسارع في توفيق أوضاعها، قبل تطبيق هذا القرار، خاصة وأن هناك شركات غير موفقة لأوضاعها في البورصة حاليا. ولفت الدكتور محمد عمران، إلي أن القرار قد يجعل الشركات التي تريد أن تقيد أسهمها في البورصة لأول مرة تفكر عدة مرات قبل القيد خوفا من هذه الضرائب، إلا أن المميزات الأخري التي ستحصل عليها هذه الشركات أكثر بكثير، خصوصا تسهيل عمليات التمويل التي تحتاجها هذه الشركات إذا تم قيدها في البورصة بشكل أسرع وأكبر وأسهل من الحصول علي تمويل من البنوك، بالإضافة إلي توسيع قاعدة ملكية هذه الشركات، وتسهيل عمليات التخارج للمساهمين فيها. بينما علي العكس من ذلك اعتبر إيهاب سعيد رئيس قسم التحليل الفني بشركة "أصول" للسمسرة في الأوراق المالية، أن فرض ضرائب من قبل الحكومة علي الشركات المطروحة بالبورصة وهو الخبر الذي آثار اللغط لدي العديد من المتعاملين نظرا لعدم وضوحه مع بداية الاعلان عنه، إلا ان هذا الخبر قد يكون ذا اثر سلبي علي اداء البورصة حتي وان كانت تلك الضريبة لن تفرض علي التعاملات اليومية، علي اعتبار ان فرض ضريبة علي الشركات اثناء الطرح الاولي قد يقلل من جاذبية البورصة كاداة للتمويل وهذا بالاضافة إلي ان الضريبة في حد ذاتها تعد من القرارات المقيدة للاستثمار لاسيما وانها ستطبق علي الشركات في حال اجرائها أي تعديل في هيكلها الاساسي.. فعند اعادة تقييم الاصول تعتبر الارباح الرأسمالية الناتجة من التقييم الجديد خاضعة للضريبة سواء كان بغرض الاندماج أو التقسيم. وأشار ايهاب سعيد إلي أن القرار قد يدفع بعض الشركات للجوء إلي التلاعب في قيم اصولها عند اعادة التقيم لتفادي دفع الضريبة كما هو الحال في عقود البيع التي توقع بين الافراد بقيم مختلفة عن السعر الحقيقي لتفادي دفع الضريبة ولكن مع الاختلاف بالطبع، فالتلاعب في قيم واصول الشركات أمر غاية في الخطورة وسيكون المتضرر الاكبر منه هو المساهم الصغير. وأكد إيهاب سعيد أنه وفيما يتعلق بالشق الذي يخص المستثمرين فهي تلك الضريبة التي سيتم تطبيقها علي الكوبونات والتوزيعات النقدية والعينية بمقدار 10% علي اعتبار ان زيادة رأس المال بتوزيع اسهم مجانية تعد تغيير في هيكل الشركة ومن ثم توجب الضريبة. وهذه المادة تتشابه إلي حد كبير مع القانون السابق الذي كان يراد تطبيقه اثناء فترة الدكتور سمير رضوان وقد لاقي هذا القانون انتقادات حادة ولهذا ارجأت الحكومة تنفيذه في تلك الفترة إلي اجل غير مسمي.. واذكر ان هذا القانون قد تم استخدامه كأداة من أدوات الدعاية في الانتخابات الرئاسية، عندما اعلن الفريق احمد شفيق عن نيته في عدم فرض أي ضرائب علي البورصة أو علي الارباح الراسمالية، وهو الامر الذي دفع الدكتور مرسي للعدول عن رأي سابقه المهندس خيرت الشاطر كما جاء في برنامج النهضة الذي تقدم به كلا المرشحين وأعلن صراحة انه لا نية علي الاطلاق في فرض ضرائب علي البورصة أو علي الارباح الراسمالية.. ولذا أري ان القانون الحالي حتي وان خلا من التأثير علي التعاملات اليومية فهو مناقض لبرنامج الرئيس الانتخابي ونقضا لعهده.. ولعلها اشتراطات صندوق النقد الدولي هي التي دفعته لهذه الخطوة. وأكد إيهاب سعيد انه وعلي كل حال فمن الصعوبة تنفيذ ضريبة بقيمة 10% علي التوزيعات النقدية والعينية لاسيما وان هذا القانون سيتم الطعن عليه لازدواجية الضريبة علي اعتبار ان الشركة تقوم بدفع ضرائب عن ارباحها.. ولذا لا يجوز ان يتم فرض ضريبة اضافية علي التوزيعات باعتبارها جزءا من هذه الارباح التي فرض عليها الضريبة في البداية. بينما قال نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار وخبير سوق المال محسن عادل، انه قد يكون لهذا القرار آثار ايجابية علي التعاملات خاصة انه يحسم الجدل بخصوص أي شائعات تتعلق بفرض ضرائب علي التوزيعات خلال الفترة الحالية و هي الشائعات التي كانت تؤثر سلبا علي المتعاملين، بالإضافة إلي انه سيشجع الشركات التي لم توفق أوضاعها بعد ومتباطئة في إجراء عمليات الطرح لحصة من أسهمها بالبورصة في ان تسرع بخطوات الطرح قبل اصدار القانون وهو ما سيمثل عنصر نشاط إضافي للبورصة خلال الفترة القادمة، مشيرًا إلي أنه بعدم تطبيق القانون فإن الشركات الجادة فقط هي من ستتقدم للقيد بالبورصة وهو عنصر قوة إضافي. وأكد عادل أن القرار يعطي انطباعًا بالتزام الدولة بتعهداتها بعدم فرض ضرائب علي البورصة والحفاظ علي ميزتها التنافسية بالأسواق الناشئة، بالاضافة إلي أنه أعطي ميزة نسبية ضريبية للشركات التي ستطرح أسهمها بالبورصة بأن تكون الضريبة علي نتيجة الطرح الأول للأوراق المالية في السوق الثانوي 10% في مقابل ضريبة قدرها 20% إذا تم ذلك خارج البورصة مما يحافظ علي الميزة التنافسية لسوق الأوراق المالية. وأضاف عادل أن قرار مجلس الوزراء بالموافقة علي مشروع قانون بفرض ضريبة 10% علي أرباح الطرح بالبورصة لأول مرة ينطبق فقط علي أصحاب الشركات من المساهمين الأصليين وليس المستثمرين والمتعاملين علي الأسهم، مشيراً إلي أن عدم تفسير القرار في البداية هو ما أثار هذا اللغط، مؤكدًا أن أي تعاملات علي الأ سهم والتي تتم بعد أول تداول عليها لن يتم فرض ضرائب عليها، فضلا عن أنه لن يكون لها أي تأثير علي تعاملات البورصة أو المستثمرين الحاليين فيها. وقال محسن عادل إن العديد من أصحاب الشركات كانوا يستغلون عدم فرض ضرائب علي القيد بالبورصة في التهرب من الضرائب عند قيامهم ببيع شركاتهم، ولكن مع تطبيق فرض الضريبة لن يستطيع أحد التهرب من دفع الضرائب الناجمة عن تحقيقه أرباحا رأسمالية بعد بيع حصص أو كل من أسهمه، موضحًا أن هذا القرار يأتي بهدف تجنب عمليات التهرب الضريبي التي كان يقوم بها أصحاب الشركات عند قيامهم ببيع شركاتهم أو حصص منها عن طريق البورصة ما كان يؤدي إلي إهدار مليارات الجنيهات علي الخزانة العامة للدولة وبما لا يؤثر علي حقوق المتعاملين. وأوضح عادل أن الإعفاء المقرر لناتج التعامل في الأوراق المالية وتداولها بالبورصة، وناتج تعامل الأفراد أو الشركات ما زال يتمتع بالإعفاء من الخضوع للضريبة طبقاً للقانون رقم 91 لسنة 2005 مما ينفي أي تأثر للمتعاملين بهذا القرار نهائيا. بينما أكد ممدوح عمر، رئيس مصلحة الضرائب، أن المصلحة لم تصدر أية قرارات أو تعليمات تمس الإعفاء المقرر لناتج التعامل في الأوراق المالية وتداولها بالبورصة، وأن ناتج تعامل الأفراد أو الشركات ما زال يتمتع بالإعفاء من الخضوع للضريبة طبقاً للقانون رقم 91 لسنة 2005 .