بالتأكيد الأحداث السياسية التي عايشناها ومازلنا نعايشها هذه الأيام تطغي علي جميع الأحداث الأخري بما فيها أحداث البورصة والاقتصاد بشكل عام ولذا أجدني أحيانا مضطرا للانحراف ولو مؤقتا عن الجانب الاقتصادي الذي انتمي إليه لاسيما وأن بعض المشاهد التي رأيناها وتابعناها جميعا علي مدار الأسابيع الماضية لا يمكن أن تمر دون أن نعلق عليها.. فنحن جميعا مصريون وهدفنا في النهاية مصلحة الوطن.. سواء سياسيا أو اقتصاديا.. ولا خلاف علي أن الاصلاح الاقتصادي لا يمكن حدوثه قبل تمام الاستقرار السياسي.. والحقيقة أن أكثر ما لفت نظري واسترعي انتباهي من تلك المشاهد هو ما تشهده الساحة الاعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي علي الانترنت في اعقاب إعلان فوز الدكتور محمد مرسي برئاسة الجمهورية.. وهو الذي إن دل علي شيء فإنما يدل بما لا يدع مجالا للشك اننا مازلنا بعيدين تماما عن المفهوم الحقيقي للديمقراطية التي تعلمناها في مادة النظم السياسية في الجامعة والتي نراها ونسمع عنها في جميع دول العالم.. فقد تحول المشهد من منافسة بين مرشحين علي رئاسة دولة كبري بحجم مصر الي مباراة بين انصار كلا المتنافسين علي غرار مباريات كرة القدم بين الاهلي والزمالك ويبدو ان لتوقف مباريات الدوري العام دورا في هذا. واتصور ان الإعلام لعب خلال الفترة الماضية أسوأ أدواره علي مدار التاريخ المصري سواء القديم أو الحديث.. فهو من أحدث الفرقة وقسم الشعب المصري الي فريقين متناحرين.. وهو في رأيي الشخصي أحد أهم المشاركين في تحول المشهد الحضاري الديمقراطي الي مباراة في كرة القدم أو كرة السلة نظرا للتعصب الأعمي الذي اصاب مقدمي بعض البرامج والذي انعكس بطبيعة الحال علي انصار مرشحي الدكتور محمد مرسي والفريق احمد شفيق للدرجة التي اوصلنا فيها بعضهم لتوقع احتمالية تطور الامور لدرجة القتل والحرق والتفجير!!.. واذكر في هذا الامر كلمة للدكتور إبراهيم الفقي رحمه الله في إحدي محاضراته وهو يقول: "لا تقل لابنك احترس من السقوط لأنك بهذا تلفت نظره للخطر المقبل عليه مما قد يدفعه لصب كامل تركيزه علي هذا الخطر للدرجة التي قد تدفعه للوقوع فيه".. واعتقد أن الإعلام أو دعونا نكون أكثر إنصافا العديد من برامج "التوك شو" لعبت دور الأب الذي يحاول ان ينبه ابنه المتمثل في الشعب "مع الفارق بالطبع" من الخطر المحدق به.. للدرجة التي قد تجعله يقع فيه بالفعل!! فجميعنا يعلم انه لا يخلو منزل في مصر من انصار كلا المرشحين.. فهل لعاقل ان يتصور ان يقتل الأخ أخاه لمجرد نجاح مرشح وخسارة الآخر؟! فكوننا في سنة أولي ديمقراطية.. يبدو اننا لم نتفهم بعد المعني الحقيقي لهذا الامر ولهذا لم أكن مبالغا عندما شبهت الانتخابات الرئاسية الاخيرة بمباراة في كرة القدم بين الاهلي والزمالك.. والتي ما أن انتهت إلا وبدأت المناحرات والمشاحنات بين المشجعين.. التعصب الاعمي تسبب في غياب العقل لدي الكثيرين منا للتفرقة الحقيقية بين مباريات كرة القدم ورئاسة دولة بحجم مصر.. فمما لاشك فيه ان الدكتور محمد مرسي قد نجح في حصد ما يزيد علي ال 13 مليون صوت ونفس الحال بالنسبة للفريق احمد شفيق الذي نجح في حصد ما يزيد علي ال 12 مليون صوت.. الأمر الذي اعطي للمنافسة شراسة غير عادية نظرا للتقارب الشديد في عدد الاصوات.. ولكن دعونا نسأل أنفسنا جميعا.. سواء من صوت للدكتور محمد مرسي أو للفريق احمد شفيق.. لماذا صوتنا لهذا أو ذاك؟!.. بالتأكيد الرد سيكون لمصلحة مصر..!! فكلا منا يري المصلحة من منظوره الشخصي.. فمنا من يري ان مدنية الدولة أمر حتمي يجب الحفاظ عليه ومنا من يري ان الدكتور مرسي هو آخر أمل لنجاح الثورة ومن ثم قرر التصويت له.. ولكن ما لا يمكن الاختلاف عليه.. أن الجميع يبحث عن المصلحة العامة ولكن بمنظور مختلف وهو ما يختلف شكلا وموضوعا عن مباريات كرة القدم التي يختلف فيها الهدف لصالح فريق علي حساب فريق آخر علي اعتبار ان الهدف هو الفوز ولا شيء سوي الفوز.. أما الانتخابات الرئاسية فالفوز هو وسيلة للهدف الاسمي والاهم وهو مصلحة الدولة التي ينشدها الجميع.. ولذا نبرة التخوين والتهميش والاتهامات العديدة وكذا السباب والاستهزاء من جانب فئة امام الفئة الاخري.. إن دلت علي شيء فإنما تدل علي اننا بالفعل في سنة اولي ديمقراطية ولذا أري أن أيا من هؤلاء الذين لم يتقبلوا نتيجة الانتخابات هم بحاجة للحصول علي دورة دراسية سريعة في معني الديمقراطيه لاسيما سواء كانوا من اتباع الفريق شفيق أو الدكتور مرسي!!