شهدت مصر ضمن ما شهدت مؤخرا و كأحدي مراحل التحول الديمقراطي خلافات حول اسس وطبيعة تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور مما اثر علي أداء البورصة في الايام الماضية . ان تشكيل لجنة الدستور يثير العديد من التساؤلات حول الصياغة التي سيمثلها بالنسبة لمستقبل مصر الاقتصادي خاصة ان هذا الدستور هو ما سيرتبط به وضع سوق المال و البورصة كجزء من البناء الاقتصادي المصري بمعني ان أي اتجاة لسوق المال سيرتبط بما سيسفر عنه صياغة هذا الدستور بصورة تحقق مطالب الجميع. انه من المتفق علية ان يشمل الدستور المصري الجديد عددا من المبادئ الاقتصادية العامة علي رأسها : 1 يقوم الاقتصاد الوطني علي أساس تنمية النشاط الاقتصادي العام والخاص، من خلال الخطط الاقتصادية والاجتماعية، الهادفة إلي زيادة الدخل الوطني، وتطوير الإنتاج، ورفع مستوي معيشة الفرد، وتوفير فرص العمل. 2 تهدف السياسة الاقتصادية للدولة إلي تلبية الحاجات الأساسية للمجتمع والأفراد عبر تحقيق النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية للوصول إلي التنمية الشاملة والمتوازنة والمستدامة. 3- تكفل الدولة حماية المنتجين والمستهلكين ومنع الاحتكار في مختلف المجالات الاقتصادية وتعمل علي تطوير الطاقات البشرية وترعي التجارة والاستثمار وتحمي قوة العمل بما يخدم الاقتصاد الوطني. أن وضع دستور متوازن و قوي ويحقق طموحات القوي المختلفة أيا كانت توجهاته سيكون أولي علامات الاستقرار السياسي الذي تحتاجه البلاد، وبالتبعية سينعكس ذلك علي الاقتصاد ككل وبصفة خاصة علي البورصة و سوق المال خاصة أن المؤشرات الاولي تدعم التوقعات بأن لا تتضرر البورصة من وصول الإسلاميين إلي الحكم، علي الأقل خلال المرحلة الحالية و ذلك لحين وضوح السياسات و الخطط المستقبلية للنهوض بالاقتصاد المصري. تؤكد التوقعات الحالية علي ضرورة ان تسعي القوي المختلفة في صياغتها للدستور للحفاظ علي حرية الاقتصاد و حرية السوق المصري و تنشيط دور سوق المال لكي يكون مصدرا حقيقيا لتمويل الشركات الباحثة عن رءوس أموال مما يرسخ اعتقادنا بأن القوي التي ستمثل في لجنة اعداد الدستور تؤمن بالحرية الاقتصادية المنطلقة التي لاتضر بالمصلحة العامة . ان سوق المال المصري يجب ان يبرز دورها في البناء الاقتصادي الدستوري علي اساس كونها المجال الذي سيفتح روح الانتاج لدي جميع المواطنين في ظل حرية وتحرر اقتصادي، لكن هذه الحرية الاقتصادية لابد وان تتزن معها دولة قوية ضامنة تضمن الا تخرج هذه الحرية عن اطارها التنموي والتحول إلي نوع من أنواع تحقيق الربحية علي حساب المواطنين فهذه الدولة القوية لابد ان تقوم بضمان المنافسة في الاسواق ومنع الاحتكار وان تتحمل مسئولية بناء وتوفير البنية الاساسية التي تضمن عملية التنمية الاقتصادية والنمو الاقتصادي . إن التحول الديمقراطي لمصر يعتمد بشكل كبير علي ما إذا كانت الدولة أو الجمهورية الجديدة التي سيفرزها التطور الديمقراطي الذي يمثله الدستور يمكنها إنقاذ الوضع المالي للبلاد ووضعها علي مسار للنمو، وإبداع طرق لإصلاح الاقتصاد، وهذا أمر ضروري لتحسين الحياة عن طريق تضييق الفجوة بين اقتصاد السوق الحديث والقديم من خلال دعم اقتصاد السوق الحرة ولكن بخلفية إسلامية. علي الرغم من التحديات الكبيرة أمامنا، فالجميع يتطلع إلي المرحلة المقبلة بتفاؤل وأمل كبيرين، لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة، وتحفيز التنافسية العالمية للاقتصاد من خلال تحديث الاقتصاد وتطوير المناهج التعليمية بحيث يتمكن الشباب من المنافسة محليا وعالميا، إضافة إلي ايجاد فرص عمل جديدة والحد من البطالة والفقر. ولعل الإفادة المثلي من المرحلة الراهنة تتطلب التوازن بين تطوير البيئة السياسية من جهة، وبين تطوير آليات ومحركات النمو الاقتصادي المستدام والرفاهية الاجتماعية للشعب من جهة أخري. فنجاح الإصلاحات السياسية مرتبط إلي حد بعيد بنجاح الإصلاحات الاقتصادية، والعكس صحيح أيضا. أن الإصلاح هو الركيزة الأهم لبناء الثقة كممر إلزامي مثالي لبلوغ الاستقرار الحقيقي وتعميم فوائده، وهذا ما نطمح إليه جميعا دولة وشعبا وأنظمة. والإصلاح بمفهومه الشامل علي الصعيد الوطني هو المسار الأمثل لإعادة صياغة خارطة طريق طموح الرؤي والأهداف لمنظومة العمل علي نحو يضمن التنمية المستدامة. * العضو المنتدب لشركة بايونيرز لصناديق الاستثمار