خطت عملية المصالحة الداخلية الفلسطنية خطوة إلي الأمام عندما تم التوافق علي أسماء لجنة الانتخابات المركزية لكن بقي أمامها خطوات كثيرة ومشوار طويل للوصول إلي نهاية المطاف بمصالحة عملية تنهي الانقسام الجيو سياسي الذي أضر كثيرا بالقضية الفلسطينية فقد شهدت القاهرة الاسبوع الماضي لقاءات مكثفة بين حركتي فتح وحماس تبعتها لقاءات واجتماعات بين جميع الفصائل الفلسطينية برعاية مصرية، تم البحث خلالها في آليات تنفيذ المصالحة الوطنية فورا مع تناول القضايا المعلقة والاشكاليات التي تعترض المصالحة وتحديدها ووضع حلول لها وقد لمس خلال هذه الاجتماعات الجانب المصري اجتماعا فلسطينيا علي أهمية الوحدة ولم الشمل واعتبر الراعي المصري أن استرداد اللحمة الفلسطينية كان هدفا للجميع لكن هناك منغصات مازالت تحت السطح فبينما فتح وحماس متفائلتان فإن بقية الفصائل تبدي تشاؤمها من حوار القاهرة من حدوث أي نتائج فعلية علي الأرض. ويبقي العنصر الأهم في الموضوع وهو اتفاق الحركتين فتح وحماس في اتصالات ثنائية جرت فيما بينهما في القاهرة علي استكمال هذه اللقاءات والاتصالات الثنائية إلي أن يتم تشكيل الحكومة المقبلة بناء علي نتائج الانتخابات التشريعية التي ستجري، إذ يخشي الجانبان أن تؤدي إقالة حكومة سلام فياض قبل إجراء الانتخابات إلي ردفعل غاضب من إسرائيل والولايات المتحدة علاوة علي أن هذه الخطوة قد تجر إلي عقوبات اقتصادية علي السلطة الفلسطينية يأتي تشاؤم الفصائل الفلسطينية من تحقيق المصالحة إلي القضايا المعلقة بين الجانبين قبل إجراء الانتخابات وإعادة تشكيل الأجهزة الامنية وإعادة بناء منظمة التحرير وجميعها ملفات شائكة تنطوي علي قدر كبير من الاختلافات في الآراء والتوجهات ومن هنا عبرت هذه الفصائل عن تشاؤمها من توصل الفرقاء إلي تفاهمات حقيقية لكنها ستكون فضفاضة حول تطبيق ما جاء في اتفاق المصالحة الذي تم التوقيع عليه قبل خمسة أشهر في القاهرة فالخلافات كبيرة بين الفصائل علي تطبيق تفاصيل ما جاء في بنود الاتفاق. غير أن ذلك لن يمنع كما يبدو من إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية خلال مايو القادم، أما فيما يخص موضوع منظمة التحرير فهناك اتفاق. في لجنة الاطار القيادي الفلسطيني المؤقت والتي اجتمعت للمرة الأولي منذ تشكيلها عام 2005 برئاسة عباس في القاهرة أيضا ويضم هذا الاطار القيادي كلا من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والأمناء العامين للفصائل ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني ولأن موضوع الحكومة مازال مثار جدل وتجاذب سياسي فقد تم الاتفاق علي تأجيل تشكيل الحكومة إلي ما بعد اجتماعات اللجنة الرباعية الشهر المقبل خاصة وأن الفصائل الفلسطينية لا تريد رهن تشكيل الحكومة بأطراف دولية لكن جميع المؤشرات تدلل علي أن ملف هذه الحكومة ومصيرها سيظل معلقا نظرا لحساسية هذه الحكومة ودقة تشكيلها في المرحلة المقبلة. ربما تكون محصلة اجتماعات القاهرة الخروج باتفاق فلسطيني علي الانتخابات وموعدها، إلا أن هناك عوامل شتي تتداخل لجعل هذا الاتفاق قابلا للتحقق أو يكاد يكون مستحيلا، فالمعطيات التي تطفو علي سطح الأحداث وبشكل يومي شديدة التأثير علي مسار المصالحة والانتخابات خاصة وأن اللقاءات المكثفة التي احتضنتها القاهرة، جاءت بأجندات عديدة ورؤوس كثيرة من أجل إنهاء الانقسام وتغلبت المصالح الوطنية علي المصالح الخاصة الضيقة، وبالتالي تأهيل المؤسسات الوطنية الفلسطينية للإجابة عن أسئلة المرحلة القادمة بخوض المعركة الرئيسية الكبري أو معركة ميلاد الدولة الفلسطينية علي حدود عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية. يمكننا القول إنه علي مسار التوافق الإيجابي، فقد جري تقدم كبير في محطة ثانية بالغة الأهمية، وهو الاتفاق علي تنفيذ المحاور الخمسة التي تتكون من تشكيل لجنة الانتخابات المركزية التي ستشرف علي إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، والمجلس الوطني، ولجنة المصالحة المجتمعية والحكومة الفلسطينية والتي ربما يتم الانتهاء من تشكيلها قبل نهاية يناير وفق الظروف المتاحة، والاتفاق علي ترك ملف منظمة التحرير الفلسطينية لاجتماع الأمناء العامين للفصائل برئاسة أبو مازن.