تظهر استطلاعات الرأي ان الشعب الألماني الذي تخلي في يوم ما عن عملته القوية المارك من أجل العملة الأوروبية الموحدة أصبح اليوم أكثر تشككا في نجاحها. ويري محللون أنه مع ورود تقارير يومية عن المشكلات التي تعانيها منطقة اليورو أصبح الألمانيون الذين يتحملون العبء الأكثر في عمليات الانقاذ بالمنطقة اكثر معارضة للعملة الاوروبية رغم ثباتهم علي تأييد الاتحاد الاوروبي. وأظهر استطلاع اجراه صندوق مارشال الالماني ان 76% من الألمانيين يؤيدون الاتحاد الاوروبي لكن النسبة هبطت الي 48% بالنسبة للوحدة النقدية. وقد ضاق الألمانيون ذرعا بالحكومات المسرفة مثل اليونان والتي لم تستطع تنفيذ اصلاحات اقتصادية عميقة. وتقول كلير ديمسمي من مجلس العلاقات الخارجية الالماني ان الاتحاد الاوروبي لا يزال يتمتع بصورة ايجابية في نظر الالمانيين لكن ألمانيا قامت باصلاحات قاسية لم يقم بها الاخرون في اشارة الي الاصلاحات في سوق العمل التي تم تنفيذها في عهد المستشار السابق جيراهارد شرودر. ويزداد الغضب علي الاتحاد النقدي بين الساسة الألمانيين حتي ان المفوض الألماني لدي الاتحاد الأوروبي جونثرا اوتينجر اقترح انزال اعلام الدول المخالفة للقواعد المالية من علي المؤسسات الأوروبية. في نفس الوقت طالب هانز أولاف هنكل احد اقطاب الصناعة الالمانيين باتحاد نقدي للدول "الخيرة ماليا" من بين دول شمال اوروبا بينما توقع الاقتصادي الالماني جواكي ستارباتي استمرار منطقة اليورو لعامين فقط. ونظمت عدة مظاهرات خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت تطالب بانسحاب المانيا من منطقة اليورو. ورسمت صحيفة بيلد أكثر الصحف الألمانية انتشارا يوم الخميس الماضي صورة لمبني البنك المركزي ينهار مع مقال بعنوان "ان حكومتنا لم تقسم علي انقاذ اليونان من الضرر". في نفس الوقت يعلن مسئولون ألمانيون من المتشككين عن آرائهم مما يستتبع انتقادات من المستشارة انجيلا ميركل. حتي ان الرئيس الألماني كريستيان وولف الذي عادة لا يعلق علي الأمور النقدية انتقد سياسة البنك المركزي الاوروبي في شراء السندات الحكومية لدول اليورو. وخلال العام الحالي استقال رئيس البنك المركزي الالماني اكسل ويبر وكبير اقتصاديي البنك المركزي الاوروبي يورجبن ستارك من منصبيهما احتجاجا علي كيفية ادارة مسألة اليورو. من جانبها لا تترك ميركل فرصة إلا وتؤكد فيها لشعبها ان اليورو قوي ومستقر كالمارك الالماني. وقالت يوم الخميس الماضي ان اليورو استطاع الصمود امام الاضطراب. لكن عدم رغبة الناخبين وصناع السياسة في البلاد في انقاذ الدول الاخري سبب لها صداعا سياسيا. وتواجه المستشارة في 29 سبتمبر تصويتا في البرلمان علي توسيع صندوق الاستقرار الاوروبي قد يؤدي الي انقسام في حكومتها الائتلافية. في نفس الوقت مرت عمليات للتصويت دون مشكلات علي نفس المسألة في ايطاليا واسبانيا وفرنسا.