رغم إقرار وزراء المالية الأوربيين الأسبوع الماضي خطة إنقاذ أيرلندا بقيمة 85 مليار يورو (112.4 مليار دولار) لحمايتها من الإفلاس فإن تزايد المخاوف من انتقال أزمة الديون السيادية إلي دول أوروبية أخري دفع اقتصاديين وسياسيين ألمانيين لمطالبة حكومة المستشارة أنجيلا ميركل، لوضع خطط بديلة لمواجهة أي احتمالات لانهيار اليورو. وزادت التكهنات في الأوساط الاقتصادية الألمانية بتقدم البرتغال وإسبانيا بطلب للحصول علي مساعدات من صندوق إنقاذ اليورو المقدر حجمه ب750 مليار يورو (992 مليار دولار)، فيما رشحت شائعات أخري بأن إيطاليا وفرنسا قد تنضمان إلي قائمة الدول الأوروبية المتعثرة. وصرح وزير المالية الألماني راينر برودله في برلين بأن دافعي الضرائب الألمانيين لن يقبلوا بضخ أموال إضافية لمضاعفة ميزانية صندوق إنقاذ اليورو لمساعدة دول جديدة متعثرة. من جانبه أشار عضو الهيئة الاستشارية الاقتصادية للحكومة الألمانية بيتر بوفينجر إلي أن "اليورو يواجه حاليا مشاكل ضخمة، وعلي ألمانيا أن تحسم موقفها، إن كانت ستبذل مزيدا من الجهود لإنقاذه، أم ستتركه ينهار?". دعا رئيس اتحاد الصناعات الألمانية السابق هانز أولاف هينكل إلي تقسيم منطقة اليورو إلي منطقتين شمالية وجنوبية معتبرا أن هذا هو أفضل الحلول الممكنة لإنقاذ العملة الأوروبية الموحدة من الانهيار ومع تزايد المخاوف من انهيار العملة الأوروبية الموحدة دعا رئيس اتحاد الصناعات الألمانية السابق هانز أولاف هينكل إلي تقسيم منطقة اليورو إلي منطقتين شمالية وجنوبية معتبرا أن هذا هو أفضل الحلول الممكنة لإنقاذ العملة الأوروبية الموحدة من الانهيار. واقترح هينكل الذي يعد من المنظرين الاقتصاديين الألمانيين خلال تقديمه لكتابه الجديد "أنقذوا أموالنا" تولي ألمانيا قيادة المنطقة الأولي، التي أطلق عليها اسم منطقة اليورو الشمالية أو يورو مارك وتضم هولندا والنمسا وفنلندا ودول البنيلوكس (بلجيكاوهولندا ولوكسمبورج) المستقرة مالياً. وأطلق هينكل علي المنطقة الثانية اسم منطقة اليورو الجنوبية أو يورو فرانك، واقترح أن تتولي قيادتها فرنسا وتضم في عضويتها ما أسماه بدول الزيتون (إيطاليا واليونان وإسبانيا والبرتغال). واعتبر الرئيس السابق لاتحادات الصناعات الألمانية أن هذا التقسيم سيمكن دول المنطقة الأولي من المحافظة علي ميزانياتها وأوضاعها المالية المستقرة، ويساعد دول المنطقة الثانية علي الحيلولة دون انهيار اقتصاداتها، وحل مشكلات ديونها المتفاقمة بنفسها وليس علي حساب الدول الأوروبية الغنية كألمانيا. غير أن المحلل المالي بالطبعة الألمانية لصحيفة فايننشال تايمز ماكس بوروفسكي قال: إن مقترح هينكل يمثل فكرة شعبوية يمكن أن تحقق جملة من الفوائد للاقتصاد الألماني القوي، غير أنها تبقي مع ذلك غير عملية وغير قابلة للتطبيق. وذكر بوروفسكي أن حكومة ميركل تبذل جهودا متسارعة للحيلولة دون تمزق الاتحاد الاقتصادي الأوروبي، لأن حدوث هذا سيترتب عليه إدخال ألمانيا ونظامها الاقتصادي في دوامة من المشاكل المعقدة. ودفع إعلان المستشارة أنجيلا ميركل عن مرور اليورو بوضع شديد الحرج، ممثل الحزب الاشتراكي كارستين شنايدر المعارض بلجنة الميزانية بالبرلمان الألماني لمطالبة وزير المالية برودله بإطلاع "البوندستاج" علي خططه البديلة لمواجهة احتمال انهيار اليورو. علي الأقل- إلي عملاتها القديمة. كما أثار التراجع الحالي لليورو الحديث مجددا في ألمانيا عن العودة لعملة البلاد القديمة (المارك)، في وقت كشف فيه تقرير للبنك المركزي الألماني (بوندز بنك) أن سكان البلاد ما زال بحوزتهم 13 مليار مارك، فيما أظهر استطلاع للرأي عن تأييد نحو نصف المواطنين الألمانيين للعودة لعملتهم القديمة. واستغرب بوروفسكي من تزايد عدد المطالبين بالعودة للمارك، معتبرا أن هذه الدعوات عاطفية وتظهر عدم إلمام أصحابها بالأوضاع الاقتصادية، والمزايا الكبيرة التي يجنيها الاقتصاد الألماني من اليورو. وأضاف بوروفسكي أن العودة للمارك لن تساعد في تحسين الوضع المتردي الحالي، وسيكون لها عواقب وخيمة خاصة علي البنوك التي ستتعرض لأخطار نتيجة توقع سحب عملائها مدخراتهم منها.