دائماً ما كان المستثمر الصغير ضحيةللكثير من القرارات العشوائية علي مدار السنوات الماضية سواء من الإدارات السابقة للبورصة أو حتي قرارات الحكومات المختلفة بما فيها الحكومة الحالية والتي كانت قد فاجأتنا مؤخرا بمشروع لفرض ضرائب علي الارباح الرأسمالية قبل أن تعود وتلغيه فيما بعد. والمتابع للأحداث السياسية الأخيرة وتبعات التظاهرات والاعتصامات ومحاولات البعض إيقاف مظاهر الحياة العامة بتعطيل بعض الجهات والهيئات الحكومية سيجد أن الضرر الأكبر لجميع هذه الأحداث وكالعادة سيقع علي المستثمر الصغير.. فالمعروف أن البورصات علي مستوي العالم تتأثر بشكل كبير بأي هزات اقتصادية أو سياسية ولذلك كانت البورصة المصرية هي الضحية دائماً.. بل ولن أبالغ إذا ما قلت إنها تعد الضحية الأكبر لثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة.. وعندما نقول إن البورصة قد خسرت المليارات فهي جملة ليس لها محل من الإعراب وإنما الحقيقة أن المستثمر هو الذي يحقق الخسائر وغالبا ما يكون المستثمر الصغير. والمشكلة الحقيقية والتي سبق وأشرت إليها في مقالي السابق تكمن في عدم دراية السواد الأعظم من الشعب بمفهوم البورصة الحقيقي وكذلك فئات مستثمريها علي اعتبار انهم مازالوا معتقدين أن مستثمري البورصة هم صفوة المجتمع ولذلك خسائر بضعة آلاف من الجنيهات لن تؤثر في ثرواتهم ومن الممكن التغاضي عنها إذا ما كان المقابل كبيراً. وما لا يعلمه أيضا السواد الأعظم من الشعب أن أكثر من 70% من مستثمري البورصة هم من أصحاب الدخول المتوسطة وهؤلاء قد عانوا الأمرين خلال السنوات الثلاث الماضية وتبخرت اغلب مدخراتهم ولم يعد ما تبقي منها يحتمل أي هزات جديدة تؤثر عليها سلبا. والحقيقة ما دفعني لكتابة هذا المقال هو المشهد الذي رأيته مؤخرا امام مبني البورصة المصرية أثناء تسجيلي هناك بأحد البرامج.. وهو المشهد الذي كنت اتمني أن يراه أياً من مسببي الضرر للبورصة ومستثمريها والتي تعد جزءاً غاية في الاهمية من الاقتصاد المصري سواء عن طريق القرارات العشوائية أو الفساد الإداري أو حتي التظاهرات والاعتصامات التي تعطل مظاهر الحياة العامة وتعود بالسلب علي الاقتصاد بشكل عام. فقد رأيت لأول مرة في حياتي رجلا يحاول خلع ملابسه بالكامل امام مبني البورصة معلنا عن غضبه ورفضه لما حدث في قضية أجواء ومع محاولات زملائه من المتظاهرين لذات السبب منعه من خلع ملابسه سقط مغشيا عليه وسط مدخل البورصة المصرية وبعدها علمت من بعض المتواجدين ان شقيق هذا الشخص قد توفي مؤخرا بأزمة قلبية بسبب خسارته الكبيرة في هذا السهم!! وأقسم اني حينها قد تمنيت لو كنت استطيع الصراخ في وجه كل شخص يتسبب في إحداث أي نوع من أنواع الضرر بأفعاله أياً ما كانت سواء بطريق مباشر أو غير مباشر لهذا البلد وأهله.. وأرجوه أن يتقي الله ويفكر ألف مرة قبل ان يقبل علي اتخاذ أي خطوة من الممكن ان تؤثر سلبا في مصير إنسان أو أسرة أو بلد بكامله في ظل ظروف استثنائية اضحي فيها كلا منا مسئول مسئولية كاملة عن هذا الوطن وأهله. وأخيرا لا أملك في النهاية سوي ان اتقدم بخالص التعازي لهذا الشخص الذي لم تلهمني الظروف التعرف علي اسمه في وفاة شقيقه وادعو الله ان يلهمه واهله الصبر والسلوان آملين ان تصل إدارة البورصة وهيئة الرقابة المالية لحل هذه المشكلة قبل ان نفاجأ بضحايا جدد!! [email protected]