بعد أن تم توقيع اتفاق المصالحة بالأحرف الأولي في القاهرة بين حماس وفتح في 27 من الشهر الماضي يؤمل أن يجري تدشينه رسميا غدا الخميس عندما يلتقي محمود عباس وخالد مشعل وجميع الفصائل في مقر الجامعة العربية بالقاهرة وبمقتضي الاتفاق يتم تشكيل حكومة انتقالية تضم شخصيات مستقلة تمهيدا لاجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة خلال عام. ** قلق عارم في إسرائيل خطوة المصالحة أثارت القلق داخل إسرائيل وهو ما حدا بنتنياهو إلي أن يهدد ويحذر "عباس" من أن عليه أن يختار بين السلام مع إسرائيل أو السلام مع حماس واندفع "بيريز" ليعيد التأكيد علي أن حركة حماس كانت عقبة في طريق السلام وأن الاتفاق بينها وبين فتح خطأ قاتل سيحول دون اقامة دولة فلسطينية وسيخرب فرص السلام والاستقرار في المنطقة أما "ليبرمان" فرأي أن عباس تجاوز الخط الأحمر باجرائه هذه المصالحة وأن علي إسرائيل أن تفكر في اجراءات لمجابهة ذلك، المصالحة دفعت وزير الاعلام الاسرائيلي إلي أن يدعو إلي فرض السيادة الاسرائيلية علي المناطق الفلسطينية والتخلي عن فكرة اقامة الدولة الفلسطينية وكأنما كانت إسرائيل جادة في اقامتها وسارع "باراك" فأكد موقف الحكومة الرافض لاجراء أي حوار مع حماس كونها تنظيما إرهابيا يرمي إلي إبادة دولة إسرائيل، وأنه إذا تم تشكيل حكومة فلسطينية فيجب علي إسرائيل ألا تحاورها إلا بعد تفكيك البني التحتية الارهابية لحماس واعتراف الحركة بإسرائيل وبالاتفاقات الاسرائيلية الفلسطينية الموقعة، وانبري وزير التعليم فشدد علي أن المصالحة بين فتح وحماس تدل علي أن الفلسطينيين يبتعدون عن السلام ويقتربون من الجهات التي تعد أكثر تطرفا في عدائها لإسرائيل.. ومارس وزير المالية الاسرائيلي القرصنة المالية عندما أعلن تجميد عائدات الضرائب المستحقة للسلطة الفلسطينية، وسارع "موشيه يلعون" وزير بدون حقيبة فانتقد مصر راعية الاتفاق لعدم تنسيق خطواتها مع إسرائيل وأمريكا. ** إنزعاج أمريكي! لقد دخلت أمريكا علي الخط وظهر انزعاجها واضحا من المصالحة وعليه سارعت ادارة أوباما فأكدت أنها ستضطر إلي اعادة النظر في سياستها تجاه السلطة الفلسطينية إذا ما شكلت حكومة منبثقة من المصالحة بين حركتي فتح وحماس التي تعتبرها أمريكا إرهابية، ومن ثم ستبقي أمريكا علي برنامج مساعدتها للسلطة ويقدر ب 425 مليون دولار سنويا ماداما بقي "عباس" في السلطة.. وبالتالي فإذا شكلت حكومة جديدة فإن أمريكا ستبادر بتقسيم مبادئها السياسية لتقرر علي ضوئها التوجه الذي ستتبناه مع الأخذ في الاعتبار أن دعم أمريكا للسلطة الفلسطينية يظل رهنا بتشجيعها علي السلام وباحترامها لمبادئ اللجنة الرباعية ومعني هذا أن اتفاق المصالحة سيؤثر بالسلب علي المساعدات الأمريكية الممنوحة للسلطة الفلسطينية، ولذلك سارعت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي بإصدار بيان يقول بأن حركة حماس الإرهابية ستكون جزء من السلطة الفلسطينية وبالتالي فإن أموال دافعي الضرائب الأمريكية يجب ألا تذهب لدعم جهات تهدد أمن أمريكا وإسرائيل معا. ** وعادت مصر للعمق العربي ولا شك أن اتفاق المصالحة قد جاء في أعقاب الأحداث الأخيرة التي شملت عدداً من الدول العربية، وهو ثمرة جهد مصري كبير في مرحلة ما بعد 25 يناير وانتهاء حقبة مبارك، فالاتفاق يعبر عن استعادة مصر لمكانتها الرائدة ودورها العظيم في الحياة السياسية العربية وهكذا عادت مصر إلي عمقها العربي وتبنت الحياد منهجا بين الطرفين ونجحت في اقناعهما بالمصالحة، ولا يمكن لأحد اليوم أن ينكر الجهد المصري الثري الذي شكل في هذه المرحلة