قال صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية إن الغموض مازال يكتنف سوق السندات العالمية، بسبب انتشار عدوي الديون السيادية من اليونان مروراً بأيرلندا، والبرتغال، وإسبانيا، ووصولاً إلي إيطاليا وبلجيكا حيث حلت عليهما ضيفا ثقيلا خلال الأسبوع المنقضي، وكذا انتقلت تلك الأزمة إلي سندات الشركات أيضا، وأوضحت أن ارتفاع عوائد السندات في أوروبا في الوقت الحالي يشير إلي أزمة الديون السيادية أخطر مما كان متوقعاً لها، لأنها كلما ارتفعت درجة المخاطر في سند، كان العائد الذي يصرف عليه أعلي. وأضافت أن من النتائج المترتبة علي سياسات الإنقاذ في أوروبا هي أنها تفرض قيوداً مالية علي البلدان التي تمول القروض الطارئة، ولكن في الحقيقة تلك الدول مثقلة بالديون مثل إيطاليا وبلجيكا، وهو أمر من المرجح أن يجعل تلك البلدان تقع تتعرض لمشكلات مالية، وفي ظل هذه الصعوبات فقد قالت مؤسسات مورجان ستانلي في تقرير حديث لها إن قيمة مشتريات المستثمرين الأفراد للسندات خلال العامين الماضيين وصلت إلي نحو 700 مليار دولار، وهو رقم ليس ضئيلا في ظل تدني أسعار الفائدة عالميا، ولكن هبوط أسواق الأسهم في ذات الأزمة فتح شهية المستثمرين نحو الاستثمار في السندات، وقالت الصحيفة: إن السندات حققت عوائد كبري خلال السنتين المنقضيتين، رغم الهبوط الملحوظ في أسعار الفائدة. ويعلق الدكتور عصام خليفة العضو المنتدب لشركة الأهلي لإدارة صناديق الاستثمار أن السندات لها أنواع ومخاطر مختلفة، فالسندات كلها لا تحمل درجة مخاطر واحدة، وكلما ارتفعت درجة المخاطر في سند، كان العائد الذي يصرف عليه أعلي من العائد الذي يصرف علي السندات حيث درجة المخاطر فيها أقل، ومن ثم فالعائد يتناسب مع درجة المخاطر فكلما زادت درجة المخاطر يزيد معها عائد السند، حتي يقوم بتعويض درجة المخاطرة، وإلا فلا تجد تلك السندات مستثمرين، ومن ثم إذا كانت السندات كلها لها نفس العائد فما الذي يجبر الأفراد للدخول في سندات فيها درجة مخاطرة عالية، وبالتالي لا يمكن تعميم الحديث علي جميع السندات. وفيما يتعلق بسوق السندات في السوق المصري وعوامل تفعيله، يوضح خليفة أن هناك عدة نقاط ينبغي توافرها لتنشيط ذلك السوق منها لابد من عدم قصر الاكتتابات والطرح الأولي للسندات علي "المتعامل الرئيسيون" فقط، فلابد من دخول مؤسسات أخري وكذا شركات السمسرة الكبري ويمكن وضع ضوابط وشروط لدخولها من أجل ضمان الملاءة المالية، والنقطة الثانية ينبغي زيادة درجة الوعي للاستثمار في السندات، فالاستثمار في السندات بالخارج يفوق الاستثمار في الأسهم وله عملاء كثيرون، بعكس السوق المصرية فلا يوجد أي إقبال علي ذلك السوق هنا، وهذا يحتاج لزيادة درجة وعي المستثمرين للاستثمار في أوعية الدخل الثابت. ويوضح أن النقطة الثالثة التي يجب توافرها من أجل تنشيط سوق السندات بمصر هي ضرورة وجود صناديق استثمار متخصصة في السندات، وهو بدأ حيث يوجد صندوق خاص ببنك الإسكندرية، كما يعتزم البنك الأهلي المصري لإطلاق صندوق سندات خلال المرحلة المقبلة، ومن ثم يتوقع أن تشهد الفترة المقبلة مولد العديد من صناديق الاستثمار في السندات، ومن شأن النقاط الثلاث السابقة توسيع قاعدة المتعاملين في سوق السندات، وسيكون لهم القدرة علي إيجاد الطلب علي السندات، بما يضمن أن هذا النوع من الاستثمار في الأوراق المالية أن يحصل علي حجمه الطبيعي.