باتت أزمة الديون السيادية تمثل مشكلة كبري للعالم في الأوقات الراهنة وتساءل أليان بيتي خبير أسواق المال البريطاني عما إذا كان ما نشاهده حاليا من عدم استقرار في اليونان علي غرار إفلاس بنك ليمان براذرز الأمريكي في السنة قبل الماضية والذي أشعل فتيل الأزمة المالية العالمية الاخيرة ومنذ ذلك الحين لا يزال العالم يعامل إعادة هيكلة الديون وكذا السندات السيادية علي أنها إحدي الكوارث التي لا مثيل لها. وقال إن اختيار الوقت المناسب لإعادة الهيكلة ليس بالأمر اليسير لأنه لم تتضح المعالم في الفترة الحالية بشأن أزمة السيولة وما إذا كانت ذات أجل قصير أم أنها ستطول لأنها أزمة تحتاج الي الانقاذ من خلال الاقتراض كما أن حالة الاعسار القائمة تتطلب مزيدا من إعادة الهيكلة فضلا عن أن أي قرار يتعلق بإعادة الهيكلة ينبغي اتخاذه بالمنطق وليس كملاذ آمن فقط من أجل الاستقرار لفترة قصيرة وتعتبر عملية إعادة هيكلة السندات السيادية ليست نهاية العالم وفقا لما جاء في صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية. وفي تعليق لخبراء السوق المصرية يري الدكتور عصام خليفة العضو المنتدب لشركة الأهلي لإدارة صناديق الاستثمار ان اليونان ستكون علي حافة الهاوية في القريب العاجل في حال استمرار أزمة الديون السيادية في أوروبا علي حالتها المتدهورة التي نراها حاليا، فالمخاطر تتعلق بإمكانية انتشار أزمة الديون السيادية بعد اغلاق عائدات السندات اليونانية لمدة سنتين بنهاية الشهر الماضي عند معدل 35.15% كما توسعت مقايضات التخلف عن سداد الديون وارتفعت بالنسبة للبرتغال الي 92.4%. ومن ثم فهذه الأحداث تجعل إعادة هيكلة الديون اليونانية تقترب إلا انه ينبغي تحديد ميعاد الهيكلة لأن تحديد الوقت المناسب لإعادة الهيكلة ليس أمرا سهلا كما يتصور البعض، موضحا ان التشابه بين ما يحدث اليوم في السوق تحت تأثير ما يسمي بأزمة ديون الدول وما كان يحدث يوم اندلاع الأزمة المالية الأخيرة بداية من قطاع العقارات والقروض عليها أمسي واضحا. وأخطر ما فيه هو معاودة فقدان الثقة بين المؤسسات المالية ومن المعروف ان فقدان الثقة يعد من الأمور الخطيرة جدا بين المؤسسات وبعضها. ويلفت إلي أن العام الجاري يشهد مشكلات كبري في السندات السيادية خاصة البلدان المتقدمة وسبب ذلك هو اقتراض الحكومات مبالغ كبيرة جدا من القطاع الخاص كجزء من عمليات إنقاذ القطاع المالي إلا أن ذلك يحدث منذ فترة طويلة من العجز في المالية العامة الخاصة بالعديد من تلك الدول المتقدمة حيث كان يتم تمويله من خلال الديون واختفي ذلك عبر الاندفاع قصير الأجل في إيرادات الضرائب حتي تضخمت بفعل طفرة الإسكان وفقاعة الأصول. ويوضح الدكتور محمود عبدالرحيم أستاذ الاقتصاد ان الأزمة الأخيرة التي تواجهها اليونان كانت بفعل سيل من الديون السيادية في العديد من البلدان المتقدمة وفي عدد قليل من الأسواق الناشئة وذلك بسبب استهداف المستثمرين في أسواق السندات لدولة اليونان وليست هي فقط بل ذهبوا الي دول اخري مثل اسبانيا والبرتغال وبريطانيا وايرلندا وايسلندا، الأمر الذي دفع العائدات علي السندات الحكومية في تلك الدول الي الصعود بشدة ومن المتوقع ان يستهدفوا دولا أخري مثل اليابان وأمريكا. ويضيف انه لابد من توفير السيولة في أقرب وقت للقضاء علي قلق الأسواق وكذا لحماية المستثمرين وأيضا البورصات من الانهيار وسيكون ذلك التوفير عن طريق جهة دولية تعمل علي الاقراض مثل البنك المركزي الأوروبي أو صندوق النقد الدولي ومن ثم سيعمل هذا علي منع مشكلة عدم توافر السيولة، الأمر الذي يقود الي التغلب علي مشكلة العجز عن سداد الديون وينبغي الإشارة إلي انه إذا كانت دولة تعجز عن سداد ديونها في الواقع ولا تعاني من مشكلة عدم توافر السيولة فإن عمليات انقاذها لن تمنع العجز عن سداد الديون. وأوضح ان اتخاذ أوروبا قرارا بتأسيس صندوق طوارئ من أجل تضييق أزمة اليونان سيعمل علي الحد من اتساع نطاق عدوي أزمة ديون اليونان إلي دول أخري بمنطقة اليورو وأيضا علي مستوي الدول الأخري فضلا عن انه سيعمل علي تحجيم تداعيات أزمة الديون السيادية بصورة عامة وسيدعم ثقة المستثمرين في أوروبا وفي عملتها.