في دراسة حديثة ل "كريدي سويس" بنك الاستثمار العالمي، تعلقت بالارتباط طويل الأجل بين نمو الناتج المحلي الإجمالي والعوائد الفعلية علي الأسهم، وشملت 19 سوقا، أثبتت الدراسة أن الدول التي تتسم بارتفاع معدلات النمو الاقتصادي، تشهد تراجعا في عوائد أسهمها، وبينت الدراسة أن جنوب إفريقيا كانت الدولة الأقل من حيث النمو الاقتصادي، احتلت ثاني أعلي معدل لعوائد الأسهم. قال التقرير في صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية إن أداء أسهم الأسواق الناشئة يعد ضعيفا، رغم معدلات النمو الاقتصادي المرتفعة فيها، وفيما يتعلق بتلك الأسواق، وجدت فيها المؤشرات الصحيحة منذ نهاية الثمانينيات فقط، إلا أن الدراسة أعادت الأمور إلي عام ،1975 حين كانت الأسواق الناشئة تحقق معدلات عوائد سنوية تقل عن 1% مقارنة بنظيراتها المتقدمة، ومنذ الانتعاش الملحوظ في الأسواق الناشئة، أصبحت معدلات النمو فيها تجاوز المتقدمة من حيث الأداء بنسبة 1%. وأشار التقرير إلي ما قاله جولدمان ساكس بنك الاستثمار الأمريكي والذي قال إن الأسواق الناشئة ستشهد تقدما خلال الفترة المقبلة وأن تتفوق علي المتقدمة، فضلا عن توقعه قيادة الناشئة الاقتصاد العالمي في عام ،2030 وأن تصبح الصين أكبر اقتصاد في العالم كله قبل عام ،2030 بالإضافة إلي إمكانية تجاوز اقتصاد مجموعة دول البريك للاقتصاد والإنتاج في مجموعة الدول السبع الغنية، والتي هيمنت علي إدارة الاقتصاد العالمي، متوقعا ذلك خلال عام 2032. وقال خبير أسواق مال بريطاني في مجموعة الخدمات المالية الدولية في لندن إن الأسواق الناشئة شهدت تطورا كبيرا بعد الأزمة العالمية، خاصة بعد أن أدلت بلدان عديدة منها وعلي رأسها الصين والهند ببيانات تهنئ فيها نفسها علي تفاديها أسوأ ما في الأزمة المالية العالمية الأخيرة. وأوضح أن تلك الأسواق الناشئة منذ العام المنقضي وهي تسير بهدوء نحو العديد من الإصلاحات المالية التي تبني المؤسسات لتحقيق المزيد من الفعالية والنشاط في أسواق المال، مشيرا إلي اعتراف العديد من مديري شركات الاستشارات المالية في البلدان الناشئة بأنهم شهدوا مزيدا من الإصلاح المالي منذ انهيار بنك ليمان براذرز الأمريكي "رأس الأزمة المالية العالمية الأخيرة"، وذلك مقارنة بالأعوام الثلاثة الماضية. وعلق بنك كريدي سويس قائلا، إنه ليس من المستحيل أن تحقق دول الأسواق الناشئة، وعلي رأسها البريك الأربع الصين والبرازيل والهند وروسيا نفس أداء الأسواق المتقدمة، إلا أن ذلك سيكون أمرا غير عادي، ويجري كريدي سويس حاليا مقارنات بين الأسواق الناشئة، والمتقدمة منذ عام ،1900 وتستند تلك المقارنات إلي حصة الفرد من الناتج المحلي الاجمالي، وفي الفترة السالفة الذكر، تم تصعيد 5 من بين 38 دولة، من مرتبة الاقتصادات الناشئة إلي المتقدمة، ومن بين تلك البلدان دولتا اليونان والبرتغال، بينما تراجعت دولتان من المتقدمة إلي الناشئة، هما تشيلي والأرجنتين. وتضيف الصحيفة أنه أصبح الوضع أسوأ خلال الأعوام ال 30 الماضية، فإلي جانب اليونان والبرتغال، تقدمت بلدان بدرجة واحدة هما إسرائيل وكوريا الجنوبية، بينما تراجعت عدة بلدان من مرتبة الأسواق الناشئة، إلي ما يسمي مرتبة النامية، وهذا عامل يذكر جيدا بصعوبة التنبؤ في الأجل الطويل، ومن ثم هناك تساؤل يطرح نفسه وهو، كيفية تفسير الأداء الضعيف لأسهم الأسواق الناشئة إلي جانب وجود ميل في الارتفاع لمعدلات النمو؟ وتجيب الصحيفة بأن هناك احتمالا قويا أن أسواق الأسهم تفشل في فهم واستيعاب النمو بصورة مناسبة، وفي اقتصاد تسوده المشروعات الكبري، يكون النمو هو ما يحدث في الأسس والقواعد، وما إن تصل الشركات إلي الأسواق، حتي يكون الأفضل قد مضي، وهذه فكرة يدعمها النمو البطيء بصورة ملحوظة، أو حتي الأرباح المتراجعة في كل البلدان تقريبا بمرور الزمن، ويظهر ذلك بصورة تدعو إلي الشك، متعلقا بما أشار إليه بنك جولدمان ساكس بتفوق دول البريك الصين والبرازيل، وروسيا، والهند. وقد يكون بعض مديري الشركات مثل المستثمرين يدفعون مقابل النمو أكثر مما يساويه بالفعل، فالاقتصادات سريعة النمو لابد أن تكون لها معدلات عمر استهلاكي أسرع وربما يعود ذلك إلي أن قطعة من مصنع، أو إحدي المعدات تصبح قديمة الطراز علي نحو أسرع. ومن الواضح أن الشركات يجذبها إغراء النمو لتجعل أسعارها متدنية لدي دخولها الأول إلي الأسواق أي عند طرح أسهمها للمرة الأولي في السوق، وبالتالي تزداد أرباحها في أسرع وقت مع الناتج المحلي الاجمالي، ولكن إذا كانت نقطة بدايتها متراجعة للغاية، فإنها تقع في الخطأ ذاته الذي يرتكبه مستثمرو المحافظ الذين يشترون الأسهم بأسعار مرتفعة جدا، وتكون النتيجة النهائية في الحالتين عوائد مخيبة للآمال في الأجل الطويل. ولكن هل يعني ذلك أن علي المستثمرين البعد عن الأسواق الناشئة؟ لا، علي الإطلاق فهذه الأسواق، أدت أداء جيدا في أوقات الأزمة، وفي أوقات الرخاء توفر نوعا من التنوع الذي له قيمة كبيرة جدا، ولكن ينبغي في حال بدء الاستثمار في الأسواق الناشئة شراء بعض من أسهم الأسواق المتقدمة ذات النمو المتدني. وقالت الصحيفة إن المستثمرين الأفراد في أسواق الأسهم الناشئة حققوا أرباحا ايجابية خلال الفترة الماضية، مضيفة أنها تتمتع بامكانات كبيرة ساعداتها علي النمو، ومازالت فرص الاستثمار أمامها كبيرة جدا، كما أن أسهم البلدان الناشئة سجلت ارتفاعا وصلت نسبته إلي نحو 75%، بنهاية العام المنقضي، مقارنة بمعدل قدره 50% للأسواق المتقدمة، وخلال العقد الماضي سجلت مؤشرات الناشئة أرباحا جاوزت 100%، علي عكس مثيلاتها المتقدمة. وأجري بنك أوف أمريكا ميريل لينش استطلاعا عن الأسواق الناشئة لمديري الأصول، وصناديق الاستثمار في بريطانيا، شهدت نتيجته ما نسبته 37% من الذين شملهم الاستطلاع يتوقعون تحقيق الأسواق الناشئة أرباحا أفضل من نظيراتها المتقدمة خلال العام الحالي ،2010 و45% توقعوا إمكانية ارتفاع الأصول في الناشئة أيضا، في حين قال خبراء وصلت نسبتهم إلي نحو 25% أن أسهم الأسواق الناشئة لاتزال مقومة بأقل من قيمتها السوقية. وأشار إلي أن الأسواق الناشئة لاتزال بعيدة كل البعد عن مستوياتها المرتفعة التي سجلتها في أكتوبر من عام ،2007 وفي ظل اقتناع العديد من المستثمرين بأن تصحيح الأسواق بدأ بطريقة عدوانية في أعقاب انهيار بنك ليمان براذرز الأمريكي في سبتمبر من العام قبل الماضي ،2008 كما أن مؤشر فاينانشال تايمز للأسواق الناشئة لاتزال نسبة صعوده 28% منذ اندلاع الأزمة، إلا أنه كانت هذه أقل نسبة ارتفاع شهدها ذلك المؤشر في نهاية أكتوبر سنة ،2007 فضلا عما شهدته تلك الأسواق من الارتفاعات التي حدثت في أسهمها وعملاتها.