"الأسوأ لم يأت بعد" هذا هو الانطباع الذي خرجت به الدراسة التي أعدها الخبير المصرفي أحمد آدم حول تأثيرات الأزمة المالية علي الاقتصاد المصري حيث أكدت الدراسة أن هناك تأثيرات موجعة ستصيب الاقتصاد المصري من جراء الأزمة المالية العالمية معتبرة أن الشفافية والافصاح من قبل الحكومة هو قاعدة الأساس في تقويض التداعيات بدلاً من إطلاق التصريحات الوردية ورصدت الدراسة آثاراً سلبية متوقعة علي جميع القطاعات. فعلي صعيد ميزان المدفوعات توقعت الدراسة أن تتزايد احتمالات تعرض ميزان المدفوعات إلي تراجع كبير بعد أن حقق فائضا خلال الأعوام الأخيرة نتيجة وجود فائض في ميزان الخدمات وصافي التحويلات والحساب الرأسمالي. ذكرت الدراسة أن التأثيرات السلبية ستكون كبيرة علي الميزان التجاري خصوصا مع استمرار التشوه الحاصل بسبب القفزات التي أحدثتها الواردات علي حساب الصادرات مشيرة إلي أن التراجع المستمر في أسعار البترول رغم قرار أوبك بخفض الإنتاج سيؤدي حتما إلي انخفاض مؤكد في حصيلة الصادرات والتي بلغت 20.8 مليار دولار في نهاية الربع الثالث من العام المالي 2006-2007 تحتل الجانب الأكبر من هذه الصادرات الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي بنسبة تبلغ 64% وهذا ما يمثل منبع الانخفاض المتوقع في إجمالي الصادرات في ظل السيولة الضخمة التي ضختها الولاياتالمتحدة في أوصال اقتصادها بالإضافة إلي دول الاتحاد الأوروبي وهو ما يتطلب من هذه الدول الاعتماد بجانب أكبر علي منتجاتها المحلية وإحلالها محل الواردات وبالتالي تستطيع الاستثمارات المزمع انشاؤها أن تدر عوائد تتغلب علي تباطؤ معدلات نمو السيولة. وتستطرد الدراسة في توقعاتها قائلة إن الركود المتوقع في العالم سيؤدي إلي زيادة العجز في الميزان التجاري بسبب زيادة الطلب علي الواردات السلعية مع انخفاض أسعارها. ولاسيما إذا كان الحديث علي المنتجات الأسيوية الصينية علي وجه الخصوص وبالتالي وبالنظر إلي هيكل الواردات السلعية إلي مصر سيلاحظ أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تشكل 19% من الواردات و35% لصالح دول الاتحاد الأوروبي و18% لصالح دول آسيا وهي كلها مؤشرات تعزز المخاوف من تزايد العجز في الميزان التجاري. ميزان الخدمات وتتناول الدراسة التأثيرات المتوقعة علي مكونات ميزان الخدمات من خلال عوائد السياحة وحركة الملاحة في قناة السويس حيث تتوقع أن تكون هناك تأثيرات سلبية علي حركة السياحة وعوائد قناة السويس بشكل ملحوظ قد تؤدي في حالة زيادة التراجع إلي المساهمة في زيادة عجز ميزان المدفوعات مقارنة بالفائض الذي حققه ميزان الخدمات في نهاية العام المالي 2006-2007 والذي بلغ نحو 11.4 مليار دولار. واعتبرت الدراسة أن الانكماش المتوقع في حركة النقل في قناة السويس سيكون بسبب سياسة الإحلال التي ستتبعها الولاياتالمتحدة وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي وما سيتبعها من انخفاض الطلب علي البترول فضلاً عن مخاطر القرصنة المنتشرة في عرض البحر الأحمر إن استمرت بصورتها الحالية حيث من المتوقع أن تؤثر بالسلب علي رسوم المرور والمقدرة بنحو 4.2 مليار دولار في نهاية عام 2006-2007 وصاغت الدراسة خارطة طريق لتقليل تداعيات الأزمة علي عوائد قناة السويس تتمثل في ضرورة تعميق القناة بشكل يسمح بمرور ناقلات البترول العملاقة حيث لا تزيد نسبتها بالنسبة لبقية السفن 18%. وتطرقت إلي مسببات التوقعات الخاصة بانكماش إيرادات السياحة حيث اعتبرت أن انخفاض معدلات النمو الاقتصادي في العالم سيؤثر بالسلب علي إيرادات السياحة البالغة 8 مليارات دولار في عام 2006-2007 وذلك عن طريق التأثير في دخول مواطني هذه الدول في أوروبا والولاياتالمتحدةالأمريكية والدول العربية البترولية ونسبتهم لا تقل عن 85% من إجمالي حركة السياحة الوافدة إلي مصر حيث تبلغ أعدادهم نحو 9.8 مليون سائح منهم 6.7 من أوروبا فقط وبالتالي لابد من تنشيط حركة السياحة من خلال إعادة تسعير الخدمات الفندقية المقدمة للمصريين بما يسمح بتشجيع السياحة الداخلية. وتنتقل الدراسة إلي قياس التأثيرات المتوقعة علي متحصلات دخل الاستثمار من عوائد الاستثمارات في الخارج الناجمة عن الاستثمار المباشر أو الاستثمار في الأوراق المالية أو علي ودائع البنوك حيث توقعت الدراسة أن يؤدي انخافض العوائد الدائنة والمدينة علي الاستثمارات المالية في الخارج إلي انخفاض العائد المحصل من استثمار الاحتياطي النقدي لمصر وإيداعات البنوك لدي المراسلين علي الرغم من الزيادة المضطردة في هذه المتحصلات خلال الفترة الماضية. وحول التأثيرات المتوقعة علي الفوائد المدفوعة علي القروض والتسهيلات الخارجية وودائع غير المقيمين وعوائد الاستثمارات الأجنبية المباشرة توقعت الدراسة أن تؤثر الأزمة علي ما سبق في صورة تراجع في مدفوعات دخل الاستثمارات في ظل انخفاض نشاط الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتراجع مؤشرات البورصة وهو ما اعتبرته الدراسة عاملاً إيجابياً قد يسهم في تحقيق التوازن بين متحصلات ومدفوعات دخل الاستثمارات وتوقعت الدراسة أن يحافظ ميزان دخل الاستثمار علي الفائض المحقق منه أو علي الأقل ألا يتحول الناتج إلي عجز. وتنتقل الدراسة إلي رصد الآثار المتوقعة للأزمة المالية علي صافي التحويلات والتي تنضم بدورها إلي تأثيرات متوقعة علي تحويلات العاملين في الخارج أو صافي التسهيلات الخاصة بالمنح والهبات من وإلي الخارج حيث توقعت الدراسة أن تنعكس الأزمة المالية بالسلب علي تحويلات العاملين في الخارج سواء أكان الحديث عن الدول العربية البترولية أو الدول الأوروبية بسبب انخفاض معدلات النمو الاقتصادي في العالم وتراجع أسعار البترول وهو ما سينعكس علي دخول العاملين في الخارج. وتوقعت الدراسة أن تمتد التأثيرات السلبية وبصورة كبيرة علي المنح والهبات الواردة من الخارج والتي تقدر بنحو 8 ملايين دولار في عام 2007. استثمارات مباشرة وبنظرة متشائمة تتوقع الدراسة أن تكون هناك تأثيرات سلبية وكبيرة علي حركة الاستثمار المباشر وبالأخص حتي عام 2010 علي الرغم من التصريحات التي خرجت بها الحكومة بأنه لا توجد تأثيرات سلبية حيث اعتبرت الدراسة أن اتجاه الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي إلي حث مؤسساتها علي توجيه الاستثمارات إلي داخل هذه البلدان إنما يعتبر مؤشراً قوياً علي تراجع حركة الاستثمار المباشر. كما بدأت البنوك الكبري المنتشرة في العالم في تقليص وضغط مصروفاتها والحد من توسعاتها ليس ذلك فقط بل وأيضا علي صعيد الاستثمارات الوافدة من الدول العربية. وتدعو الدراسة البنوك إلي ضرورة استثمار فوائض السيولة لديها في مشروعات واعدة وبالتالي تقليل تداعيات الأزمة من جهة ومساعدة المركزي من جهة أخري في حربه ضد التضخم.