أثارت دراسة فنية أعدها البنك المركزي المصري حول اتجاهات اسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة جدلا واسعا في أوساط الخبراء المصرفيين، حيث ذكرت الدراسة أن مودعي البنوك قد يتعرضوا لخسائر فادحة اذا ما شهدت اسعار الفائدة انخفاضا ملحوظا علي ودائع الجنيه.. وطبقا للدراسة فإن المودعين سيخسرون 7.6 مليار جنيه سنويا في حالة تراجع أسعار الفائدة بمقدار 1% يرتفع هذا الرقم الي الضعف حال حدوث انخفاض بنسبة 2%. ويأتي خروج هذه الدراسة وسط توقعات قوية بأن تنخفض اسعار الفائدة الي 7% منتصف العام مع تراجع مؤشرات التضخم. الخبراء من جانبهم انقسموا حول هذه الدراسة فيما اعتبر البعض الدراسة غير واقعية ولا يمكن أن تحدث متوقعين حدوث خفض تدريجي لاسعار الفائدة حذر فريق اخر من حدوث كارثة في حال حدوث هذه التخفيضات علي اسعار الفائدة محذرين من ان ذلك يعد فرصة جديدة لظهور شركات توظيف الاموال إلي الساحة مجددا بالاضافة إلي تضاؤل القنوات الاستثمارية المتاحة امام المودعين. يؤكد عبدالحميد أبوموسي محافظ بنك فيصل الاسلامي ان الاشارة إلي امكانية خفض اسعار الفائدة الدائنة إلي نحو 7 أو 8% في غضون الاشهر القادمة انما يشكل خطورة كبيرة علي اموال المودعين والسياسة النقدية بشكل عام مشيرا إلي انه لا يمكن بأي حال من الاحوال مقارنة الاوضاع السائدة في مصر بأي أوضاع في الدول الاخري. ورجح موسي ان يكون الانخفاض تدريجيا بالتناغم مع انخفاض معدلات التضخم وذلك علي نفس النسق الذي سارت عليه سيناريوهات رفع اسعار الفائدة وبالتالي فإنه في محاولة استقراء الاحداث القادمة فإن انخفاض معدلات التضخم ووفقا للتوقعات فإنه سيبلغ 10% في منتصف العام وسيكون مصحوبا بانخفاض في اسعار الفائدة ولكن علي نحو تدريجي قد يصل إلي 9% علي اقصي تقدير. وحول مدي تأثير مثل هذه الاجراءات علي مستقبل اموال المودعين اوضح موسي ان التأثيرات لن تكون ملحوظة ولا يمكن ان نتوقع ان تعود ظاهرة الدولرة من جديد خاصة في ظل الفجوة الكبيرة بين اسعار الفائدة علي الدولار والجنيه وهذا ينفي امكانية عودة الدولرة مجددا إلي السوق مشيرا إلي ان اموال المودعين تمثل نحو 99% من اموال البنوك وهو ما يعني صعوبة إقدام البنوك علي التخلص من هذه المصادر في ظل الازمة المالية الطاحنة التي يمر بها الاقتصاد العالمي. وفي ذات السياق يؤكد جمال محرم رئيس بنك بيريوس سابقا ان التكهنات التي تشير إلي امكانية انخفاض اسعار الفائدة إلي مستوي 7 8% مستبعدة حتي في ظل تراجع انخفاض معدلات التضخم إلي 10% معتبرا في ذات الوقت ان السياسة النقدية وأداءها لا يمكن ان يكون سببا في إيجاد أزمات مستبعدا ان يكون هناك هذا الحجم من الهوة بين التضخم واسعار الفائدة معتبرا ان الاساس في خفض أو رفع اسعار الفائدة يخضع لمستويات التضخم في السوق بما يراعي التدرج دونما ان يتعرض القطاع إلي هزات عنيفة. تباديل وتوافيق أما أحمد عادل المدير العام باحد البنوك العامة فقد اشار إلي ان معادلة إدارة السياسة النقدية في مصر تجعل الاحترافية شعارا لها ولا يمكن ان نتوقع ان يحدث الاسوأ من قبل هذه السياسة فما يحدث هو عملية من التباديل والتوافيق لانقاذ الاقتصاد المصري من الدخول في نفق الركود المظلم أسوة باقتصادات دول كثيرة مثل الولاياتالمتحدةالامريكية واليابان فالهدف الرئيسي هو تشجيع الاستثمار. واستبعد عادل ان يلجأ المودع إلي سحب مدخراته من البنوك في ضوء اعتبارها الملاذ الآمن لهذه الاموال في ضوء تقلبات البورصة وتراجع القنوات الاستثمارية الآمنه. ويؤكد الدكتور عبدالحميد رضوان الخبير الاقتصادي ان تخفيض الفائدة ستنتج عنه اثار جيدة عديدة منها تحفيز عمليات الاستثمار وزيادة القدرة التنافسية للمنتجات وكذلك تنشيط حركة الاسهم بالبورصة، موضحا ان الاقدام علي هذه الخطوة لم يأت بصورة فجائية فبعد ان قامت الحكومة بتفعيل آليات وسياسات جديدة تحافظ علي استقرار سعر الصرف، من المنطقي ان يأتي الدور لتخفيض سعر الفائدة علي المدخرات لمزيد من تنشيط العملية الاقتصادية، ويؤكد رضوان انه ليس هناك ثمة مخاوف من نقص الودائع المحلية من جراء هذا الخفض في سعر الفائدة حيث ان دالة الادخار لا تستجيب بالدرجة الاولي لسعر الفائدة فقط، وإنما ارتفاع مستويات الدخل وزيادة درجة النمو الاقتصادي يكون لهما الكلمة الاولي في زيادة معدلات الادخار. واضاف رضوان ان العوامل الاقتصادية الرئيسية "معدلات النمو، البطالة، الفائدة، التضخم، واسعار الصرف" ترتبط ببعضها البعض لدرجة ان اي تغيير ولو طفيف في أي عامل من هذه العوامل سيؤثر إما سلبا أو ايجابا علي العوامل الاخري، فزيادة نسبة النمو مثلا ستساعد علي خفض معدلات البطالة "بسبب زيادة عدد المشروعات".