مازالت حالة التململ تسيطر علي الأسواق العالمية بعد دخول أزمة الديون الحكومية اليونانية شهرها الرابع وعلي الرغم من حالة اللايقين المسيطرة علي الاجواء انتظارا لخطة صندوق النقد الدولي للإنقاذ وسط انتقادات حادة وجهت إليه إزاء تعامله مع الأزمة الأخيرة متهمة إياه بالتخاذل حيالها تبقي الأسواق الأوروبية والعالمية تتراقص علي نغمات الأزمة في صورة عدم استقرار في اليورو وأسواق الذهب الرغم من أن دول منطقة اليورو قد تعهدت بتقديم 30 مليار يورو (40،5 مليار دولار) لليونان هذا العام، لكنها لم تقدم أي التزامات لما بعد عام 2010 وفيما تتفاعل الأزمة داخليا علي الصعيد اليوناني ودراسة الحكومة من خلال اتخاذ رئيس الوزراء جورج باباندريو إجراءات وتدابير تقشف من شأنها الحد من النفقات الحكومية وتقليل العجز في المديونية وتوفير الحاجات الأساسية للمواطن اليوناني، وإلغاء إجراءات الإسراف ومظاهر البذخ الحكومية علي جميع الأصعدة. تبقي ثمة تساؤلات تطرق نفسها حول تأثيرات هذه الأزمة علي مصر خاصة أن مصر تعتبر أكبر شريك عربي وإفريقي لليونان وهل ستتأثر البنوك اليونانية العاملة في مصر بالأزمة وهل ستصدرها لمصر وما تأثيرها علي سوق الصرف؟ يذكر أن حجم التبادل التجاري بين مصر واليونان يبلغ 428 مليون يورو منها صادرات مصرية بقيمة نحو 299 مليون يورو وبلغت الواردات المصرية 129 مليون يورو، وتبلغ قيمة الاستثمارات اليونانية في مصر نحو مليار و50 مليون جنيه في 90 مشروعا في قطاعات السياحة والصناعة والبناء والزراعة والصناعات الغذائية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والخدمات والتمويل. الخبراء من جانبهم اختلفوا في تقييمهم لتأثيرات الأزمة حيث أكدوا أنها لن تؤدي لاضطرابات في سوق الصرف نظرا لتنويع سلة العملات في مصر. أضافوا أن التأثيرات ستقتصر علي الاستثمارات اليونانية القادمة إلي السوق المحلي وكذلك حركة الطلب علي الصادرت المصرية إلا أنهم اختلفوا في توقعاتهم حول تأثيرات الأزمة علي البنوك العاملة في السوق المحلي، حيث أكد بعضهم إمكانية حدوث اضطرابات في أداء هذه البنوك إلا أن البعض الآخر أكد أنها لن تؤثر حيث لاتوجد علاقة مباشرة بين البنوك الأم والبنوك الأم والبنوك العاملة. من جانبه قلل الخبير الاقتصاد محمد النجار من انعكاسات أزمة اليونان علي مصر، معتبرا أن البنوك اليونانية في مصر مستقرة ولا علاقة لها بالأزمة لأنها لا تصدر أموالها للبنوك الأم، كما أن سوق الصرف المصري سيكون مستقرا نظرا لتنوع سلة العملات التي يتعامل فيها المركزي وبالتالي فإن التذبذب سيكون محدودا حيث ستكون مصر هي الأفضل لاعتمادها علي سلة العملات مع وجود سياسة نقدية مرنة في إطفاء ذلك التذبذب لاستقرار العملات. ارتباط بالعملات يقول الدكتور حسن عبدالفضيل الخبير الاقتصادي إنه من غير المتوقع أن تنعكس آثار الأزمة المالية اليونانية علي الاقتصاد المصري بشكل حاد، استنادا إلي أسباب عديدة، أولها نجاح الاقتصاد المحلي في احتواء آثار الأزمة المالية العالمية وامتصاص انعكاساتها، وهي أزمة أثرت علي العديد من دول العالم، ومن بينها دول متقدمة ذات اقتصادات قوية، وكانت مصر من أقل الدول تأثرا بالأزمة، ساعدها علي ذلك عدم وجود استثمارات مصرية في البنوك الأمريكية المنهارة. وبالمقارنة بين الأزمتين الماليتين العالمية واليونانية ومدي قوتيهما يمكن القول بأن مصر لم ولن تتأثر كثيرا بالأزمة المالية اليونانية، ويدعم هذا الرأي ارتباط الجنيه المصري بسلة عملات، وهو ما يجنب المستثمرين المصريين الكثير من الخسائر في هذه الأزمة. إلا أن عبدالفضيل توقع الأسوأ عندما قال: في أسوأ الاحتمالات ستؤدي الأزمة إلي خلخلة اليورو واشاعة عدم الاستقرار المالي في بعض دول الاتحاد الأوروبي، وسوف تترك أثرها علي الأسواق المالية العالمية وقد يؤدي تفاقم أزمة ديون اليونان لاضطرابات في النظام المصرفي اليوناني ودول أوروبية أخري، مثل اسبانيا وإيطاليا وحتي ألمانيا بفعل الهزات الارتدادية وهو ما قد يكون لهآثار سلبية علي البنوك اليونانية العاملة في مصر. وهذا ما فنده الدكتور حمدي عبدالعظيم الخبير الاقتصادي قائلا إن البنك المركزي الأوروبي لن يسمح بانهيار أي قطاع مصرفي تابع لمنطقة اليورو لأنه ضامن لانتشاله من أي أزمة قائلا إن البنوك اليونانية قوية وأنها ذات ملاءة مالية جيدة وقادرة علي تجاوز الأزمة، كما أن البنوك اليونانية العاملة في مصر لا ترتبط بشكل مباشر مع البنوك الأم.