مازالت الرؤية غير واضحة حول تداعيات الأزمة المالية العالمية التي يتابعها العالم عن كثب وفي ظل تكهنات متباينة لأول مرة في تاريخ الأزمات بين آراء متشائمة ومتفائلة وفي إطار محاولة "الأسبوعي" لصياغة خارطة طريق لمستقبل الاقتصاد المصري والاهتمام بالأجيال الجديدة في مجتمع الأعمال قمنا باستطلاع آراء شباب المصرفيين علي اعتبار أن تعدد المدارس المصرفية يساعد في ميلاد آراء جديدة تساعد في قراءة الأحداث.. وهكذا كانت القراءة الشابة المصرفية للأزمة المالية العالمية وتأثيرها علي مصر. من جانبه أكد أحمد فرج - خبير الاستشارات المالية لعدد من البنوك - أن الأزمة المالية العالمية التي حدثت مؤخراً تشير إلي تراجع الولاياتالمتحدةالأمريكية كلاعب رئيسي في الاقتصاد العالمي وأصبح الاتجاه الآن إلي دول أخري مثل الصين في عالم سيكون متعدد الأقطاب. وأشار فرج إلي أن الأزمة المالية لم تؤثر حتي الآن علي مصر بدليل وفرة السيولة في البنوك المصرية وعدم التأثير علي المشتقات المدينة في البنوك مما يشكل حائط مواجهة ضد أي مشكلة اقتصادية قد تواجه مصر خلال الفترة المقبلة، موضحا أنه لم يتوقع أحد أن تكون استجابة القطاع المصرفي للصدمة بهذه المرونة فإذا كانت الآثار التي تمخضت عن الأزمة عالميا فاقت التوقعات فإن الوضع محليا كان الأكثر هدوءا علي الرغم من الأصوات المتشائمة التي مازالت تنطلق بين الحين والآخر، ويري أن تأثيرات الأزمة علي مصر اقتصرت علي الاقتصاد العيني بعيدا عن النظام المالي الذي تحكمه ضوابط جيدة مما جعله في مأمن من تداعيات الأزمة العالمية. وأكد أن ما حدث في البورصة المصرية من تراجعات هو تأثيرات طبيعية محدودة بحكم ارتباط الاقتصاد المصري بالعالمي وأن الانخفاضات تعد محدودة بالقياس إلي البورصات الأخري ولا تأثير يذكر علي الهيكل الاقتصادي المصري لأن معظم الشركات العاملة في البورصة تتمتع بمراكز مالية قوية ولا يعكس انخفاض اسهمها ضعفا في قوة هذه الشركات. ويصوغ فرج خارطة طريق للاقتصاد المصري خلال الفترة القادمة حتي يستطيع أن ينجو من الأزمة والتي تضمنت زيادة الانفاق العام مع إعادة ترتيب أولوياته بحيث يوجه للاستثمار القطاعي وبخاصة قطاعي الزراعة والصناعة، وليس للبنية الأساسية وبرر فرج عدم التركيز علي البنية الأساسية بأنها لا توفر فرص عمل كبيرة مقارنة بما يوفره الاستثمار القطاعي وطالب بالاستفادة من الحجم الكبير للسيولة النقدية بالبنوك المصرية. وحول سياسة الاقراض وقطاع المستورديين، حث فرج البنوك علي تمويلهم مع خفض تكلفة الاقراض، مطالباً بوقف قطار الخصخصة وبخاصة قطاع البنوك وشركات التأمين علي الأقل بالمرحلة الحالية، كما طالب فرج بتحرك سريع في مواجهة رؤوس الأموال عابرة الحدود، وزيادة معدلات الادخار، مع الأخذ في الاعتبار وضع قيود علي الاستهلاك والاستيراد الترفيين كما طالب بفك الارتباط بين الجنيه والدولار وتكوين سلة عملات من النقد الأجنبي، وطالب فرج أيضاً بضرورة تحديد الدروس المستفادة من الأزمة الأخيرة وتحديد اخطاء الرأسمالية حتي يتجنب الوقوع فيه خلال الفترة المقبلة متمنيا في ذات الوقت أن تكون مصر هي الأبعد عن مركز الزلازل حتي تقل تأثيراته بقدر الأمكان. ويري محمد مرجان نائب مدير تمويل الشركات في بنك المؤسسة العربية المصرفية أن الازمة المالية العالمية لم تخترق الاقتصاد المصري حتي الآن بشقيه العيني والمالي مشيرا إلي أن الازمة برمتها حتي الآن تعتبر ميزة قبل كونها أزمة حيث ستسهم في تصحيح مسار العديد من النقاط مقارنة بالآثار السلبية علي الاقتصاد الحقيقي إلا أن القطاع المالي وبأي حال من الأحوال مازال الأبعد عن الأزمة في ظل الضوابط التاريخية والهامة التي يضعها المركزي ونجحت بالفعل في تقليل تداعيات الأزمة. وأكد مرجان أن هناك خطوات يفترض أن تسهم في تعويض الخسائر التي ستقع جراء الأزمة المالية، ومنها التعويل علي العالم العربي وأموال الخليج والسعودية في تعويض نقص الاستثمار الأجنبي المباشر والتعويل أيضاً علي قوة الطلب المحلي. وأكد أن المتفق عليه زيادة الاستثمارات الحكومة حتي لو أدي ذلك إلي زيادة في عجز الموازنة، يث يجب العمل علي خفض التضخم إلي 10 - 11%، وأن مما سيساعد علي ذلك أن 85% من التضخم مستورد، وأن الأسعار العالمية تميل إلي الانخفاض. وطالب مرجان المنتج بعدم الانقياد وراء الشائعات والانطباعات، وإهمال التصدير والتركيز علي السوق المحلية أو تخفيض الإنتاج مطالبا الحكومة بضرورة الجمع بين منهجين الأول منح حوافز للمنتجين والمصدرين والآخر زيادة الاستثمارات، حتي إن وصل الأمر إلي الجمع بينهما.