اضحك دائما من الذين يتصورون أن مارينا هي بلاج الفسق والفجور وعظائم الأمور. وسبب الضحك أني من أهل مارينا التي تتجمع فيها كل طبقات المجتمع المصري، بكل فصائله وفضائله ورذائله أيضا . وهاهو العام الثاني عشر لي في مارينا ولم أشهد ما يتصوره البعض من فجور، بل هناك العديد من الشركات التي تستأجر شاليهات لمن يعملون فيها، وهناك أيضا نفس أمراض بقية الشواطئ المصرية حيث يوجد بعض من حلل المحشي خاصة علي شاطئ نادي السيارات وهناك العديد من السيدات اللاتي ينزلن المياه في هذا الشاطئ الساحر وهن بالحجاب، وأقسم أني رأيت سيدة منقبة وهي تنزل المياه، ولم أسألها بطبيعة الحال ومافائدة حبس نفسك في هذا الزي الأسود العجيب؟ فقد تكفل حفيدي ابن الرابعة بأن يقول لها هناك مايوه للمحجبات، فلماذا لا تشترين واحدا لنفسك؟ فرفعت عن وجهها النقاب وقبلته قائلة في المرة القادمة سوف أفعل ذلك وفي نفس الوقت هناك بنات في البيكيني، حيث لم تعد هناك مايوهات قطعة واحدة تغطي الجزع في المحال الأوروبية، ولم تعد هناك صناعة للمايوهات هنا في مصر اللهم إلا للمحجبات . وبطبيعة الحال هناك محال يتم السهر فيها إلي الفجر، وهناك مقاه لهواة الشيشة ولست منهم، بل أنا من هواة الجلوس في حديقة المنزل الصغيرة التي تطل علي مساحة خضراء، وأعيش في مناخ درجة حرارته تقل عن القاهرة ستة درجات . وحين أقرأ عن خيالات من يتوهمون أن مارينا هي شاطئ الفجور العام أضحك متذكرا أيام بلاج ميامي بالإسكندرية في أواخر الخمسينيات، حين كانت شويكار طوب صقال تقلب البلاج رأسا علي عقب، لحظة أن تربط القميص الرجالي الذي كانت ترتديه علي وسطها، أو حين تخطو زبيدة ثروت بخطوات من حنان هامس علي أرض ميامي، أو حين تطل نادية لطفي بسحرها النصف مصري والنصف بولندي، وكانت نظرة الرجال إلي النساء فيها من الاحترام وعدم الخشونة فوق ما يتخيل أي أحد. وكانت كابينة أستاذنا إحسان عبد القدوس تزدحم بأجيال منوعة من البنات والشباب وأهل الرأي . هل كانت العفة موجودة في العيون والقلوب قبل أن يعلو الحديث عنها كما هو حاصل حاليا؟ علي أية حال، في مارينا شباب يعمل من أجل قوت الشتاء، قادم من الريف ويقوم بأعمال الزراعة، وهناك شباب يملأ الملاهي الصيفية ليسهر ويخدمه شباب مثله قادم من قاع المجتمع ويحاول إدخار ثمن اشتراك المدينة الجامعية . ومازال السؤال قائما: لماذا يكثر الحديث عن الفضيلة والفجور، بينما ينتشر الفجور في أماكن كثيرة ليس منها مارينا التي أعرفها علي أية حال؟ أما الفضيلة فهي سمة المجتمعات التي تكفل الحد الأدني لشبابها وهذا غير موجود في بلدنا المحروس، لأن الموجود هم شباب يأخذ الواحد منهم 100 جنيه مصروف، وهناك شباب ينام العشرة منهم في غرفة واحدة بمدينة العلمين كي يقوموا من الفجر للعمل الذي يستمر طوال النهار، وهناك من ينامون في المحال التي يعملون فيها من أجل توفير أجرة السكن المهين . منير عامر