جاءت التطمينات الوزارية بمحدودية الآثار السلبية المتوقعة من أزمة دبي الاقتصادية علي الاقتصاد المصري متوافقة مع رؤية الكثير من رجال الاعمال الذين تمادي بعضهم في التفاؤل متوقعين علي العكس من ذلك ان هذه الازمة ستأتي في صالح الاقتصاد المصري رغم مخاوف البعض الاخر من احتمالية ان تصبح هذه الازمة نقطة البدء في ماراثون الازمات الاقتصادية التي ستجتاح المنطقة العربية عامة ومصر بصفة خاصة، مما جعل البعض يطلق التحذيرات بضرورة البحث عن أسواق خارجية بديلة أو الانكفاء علي الذات بالاعتماد علي الطاقات المصرية أولا وأخيرا. "الاسبوعي" التقت العديد من رجال الاعمال في مختلف القطاعات للتعرف علي نظرتهم إلي مدي تأثرهم بالازمة وتوقعاتهم المستقبلية والحلول المتاحة. بداية توقع المهندس إسماعيل عثمان الخبير العقاري ان تأتي هذه الازمة في صالح متوسطي الدخل، حيث سيواكبها تراجع في بناء عقارات الاثرياء التي تخصصصت فيها شركات دبي العقارية "إعمار" و"داماك" من قصور وفيللات، والعودة لبناء العقارات لذوي الدخول المتوسطة والمنخفضة وانتشار لافتات "شقق للإيجار" وهي العودة التي تعكس السوق العقاري الحقيقي للمجتمع المصري، مؤكدا ضرورة تقديم الدعم الحقيقي للمقاول المصري والشركات العقارية المصرية. الأزمة بدأت مع "داماك" يتفق المهندس حسين صبور رئيس جمعية رجال الاعمال المصريين مع هذا الاتجاه مشيرا إلي ان عقارات الخليج بنيت بأيد مصرية داعما حديثه بمقولة: "لن يبني مصر غير المصريين"، وأكد صبور ان الازمات مع الشركات الاماراتية كانت قائمة قبل الازمة، حيث تعثرت في البداية داماك العقارية ولم تتمكن من تنفيذ التزاماتها فتدخلت البنوك الوطنية لمساندتها، كما نشبت خلافات بين إعمار والشريك المصري فتعطلت مشروعاتها، مشيرا إلي ان الشركات العقارية الاماراتية قد اعتمدت علي الابهار والبذخ في الاعلان عن نفسها، مما اجتذب فئة قليلة من محبي المظاهر رغم أسعارهم الباهظة، مشيرا إلي ان الازمة جاءت لصالح الشركات العقارية المصرية التي سيزداد الاقبال عليها من المصريين الاكثر حرصا علي أموالهم.. واكد صبور ان الازمة أتت كذلك لتلفت الانظار إلي أهمية ان يتركز الاقتصاد القوي علي مقومات الصناعة والزراعة وليس مجرد بناء القصور. حذار من غسل الأموال لفت د. شريف عزت رئيس شعبة المستلزمات الطبية باتحاد الصناعات إلي ضرورة الحرص علي الكشف عن أموال الاستثمارات الوافدة إلي مصر وعدم السماح بتسلل غسل الاموال إليها أو المجازفة بالدخول في المضاربات واستثمارات ذات مخاطر كبيرة حتي لا تتكرر الازمة أو تأتي بأضرار بالغة لا يمكن علاجها، مشيرا إلي ان الاقتصاد المصري لن يتأثر بالازمة الحالية لأن الاستثمار العقاري لدبي في مصر جاء بتمويل ذاتي أو من بنوك خارجية، ومن ناحية أخري أكد الدكتور عزت عدم تأثر قطاع المستلزمات الطبية بالازمة لعدم وجود سوق له بين البلدين. أما رجل الاعمال وليد هلال فقد عبر عن مخاوفه من انتقال عدوي الازمات الاقتصادية إلي مصر معتبرا دبي هي نقطة البداية إلا انه قد عبر عن تفاؤله من الجانب الآخر، حيث توقع ان تصبح مصر بديلا عن دبي لاجتذاب الاستثمارات الخارجية. مواد البناء علي الرغم من عدم تضرر أكثر القطاعات المصرية بأزمة دبي فإن هناك بعض القطاعات التي تضررت فعلا وقد اعترف اصحابها من رجال الاعمال بذلك. فقد أشار ياسر راشد رئيس شعبة المحاجر باتحاد الصناعات إلي تضرر سوق الرخام والجرانيت من بداية الازمة المالية العالمية منذ أكثر من عام وتوقع تزايد الاضرار بعد أزمة دبي التي تعتبر من أهم الاسواق المصرية للرخام والجرانيت، حيث يزدهر بها السوق العقاري الفاخر، مشيرا إلي اتجاه مصدري الخام إلي فتح اسواق بديلة في الدول الخليجية المجاورة داعيا إلي ضرورة توزيع المخاطر في العديد من الاسواق في الفترة الحالية بمختلف القطاعات التصديرية. فيما يلفت رؤوف عبدالله رئيس المجلس التصديري لمواد البناء والحراريات والصناعات المعدنية إلي وجود ما لا يقل عن 12 سوقا أخري للرخام والجرانيت المصري أهمها إيطاليا واسبانيا وأمريكا، مشيرا إلي ان اهمية سوق دبي في هذا القطاع ترجع إلي إستيرادهم للمنتج النهائي من الرخام مما يعظم الارباح، وأكد رؤوف عبدالله ان المتضرر الرئيسي ثلاث شركات تصدر نصف منتجها إلي دبي. أما مصطفي العجواني رجل أعمال يستورد معدات الورش والمصانع فقد أكد "الأسبوعي" ان تجارته تأثرت سلبا منذ عدة أشهر وسيزداد تأثرها بعد أزمة دبي التي يجدها سوقا رخيصة لاستيراد المعدات والآلات وبكميات كبيرة لافتا إلي اضطرار المستوردين للجوء إلي الاسواق الاوروبية للحصول علي احتياجاتهم بأسعار باهظة ستنعكس حتما علي أسعار بيع السلع المعمرة في مصر. وفي قطاع مماثل، وهو مواد البناء، يقول وليد جمال الدين رئيس غرفة مواد البناء باتحاد الصناعات إن الازمة الحقيقية واجهتها الشركات المصدرة لمواد البناء والمواد العازلة العام الماضي في الاشهر الثلاثة الاولي للازمة العالمية، وقد انخفضت الصادرات حينئذ بنسبة 50% فاتجه المصدرون إلي أسواق جديدة ومتعددة منها الخليج وشمال افريقيا وبعض دول أوروبا مما جعل الازمة الاخيرة ذات تأثير لا يكاد يذكر، مشيرا إلي ان صادرات مواد البناء قد بلغت 28 مليار جنيه طبقا لاحصاءات يونية 2009 وطالب جمال الدين الدولة بزيادة دعم الصادرات. وعلي الجانب الآخر، أبدي المهندس محمد نورالدين رئيس الشعبة المصرية في الاتحاد العربي للتنمية العقارية تعاطفه مع دبي مؤكدا ان الازمة قد افتعلتها شركات أجنبية لممارسة ضغوط علي الامارة للتعجيل بسداد ديونها خوفا من الازمة العالمية واحتمالية عدم قدرة دبي علي السداد في الفترة المقبلة، مشيرا إلي ان الاتحاد أصدر بيانا يؤكد فيه مساندة الامارات واستخدامه للعلاقات الدولية والعربية لاظهار هذه الحقيقة للعالم. وأكد نورالدين عدم معاناة دبي في أزمة الديون الحالية، حيث يحوي صندوق الامارات ما لا يقل عن 900 مليار دولار ومن ثم فإن الديون التي أعلن عنها لا تمثل 10% من قيمة ما يحويه هذا الصندوق. ركود سياحي وعلي جانب آخر، أكد د. جمال عبد الجواد الخبير السياحي حتمية تضرر المكاتب السياحية المصرية العاملة في دبي، والتي تقوم بنشاط سياحي مميز سواء في دبي أو في مصر، مما سينعكس سلبا علي السياحة المصرية.