بعد يومين تنطق القاضية في محكمة دريسدن بالحكم علي اليكس فارنر قاتل مروة الشربيني الصيدلانية المصرية ب 18 طعنة وهي أم حامل، وربما كان الحكم وهذا مجرد تخمين أو تكهنات السجن مدي الحياة بديلاً عن الاعدام لأن الدستور الألماني يحرم عقوبة الاعدام وهو يستحقه! وكنت قد سافرت إلي ألمانيا قاصدا محكمة دريسدن وعشت أجواء المحاكمة ونقلت جزءا من كواليسها لشاشة التليفزيون المصري. وتوقفت عند أكثر من نقطة بتأمل، فمن العبث أن أكون مجرد شخص ينقل وقائع محاكمة لألماني متطرف ويسرد حكايات باسمه، كان من المهم أن "اقرأ" الجريمة لا من ناحية التكييف القانوني ومدي عقوبتها ولكن من ناحية المجتمع الذي خرج منه هذا القاتل للصيدلانية مروة. إن المتأمل للجريمة يكتشف أنها ارتكبت بحالة غريبة من "الغل" هذا الغل في توجيه الطعنات أمام المحكمة علنا ونهارا تؤكد أن القاتل مشحون ليس ضد مروة الشربيني المصرية، إنما ضد أي "أجنبي"، خصوصا إذا كان عربيا مسلماً أو تركياً مسلماً. ولا ننسي مدي عذاب التراكوة علي أيدي ألمان متطرفين. ولا ننسي أن أفارقة قد تعرضوا للإلقاء من المترو علي إثر مشادة بين الطرفين وكان للجريمة دوي هائل في دريسدن عاصمة ولاية سكسونيا، جريمة إلقاء إفريقي من المترو أثناء سيره بسرعة في شوارع العاصمة تم بدرجة غريبة من الغل. معني هذا أن بعض الألمان المتطرفين الميالين لأفكار الحزب النازي في ألمانيا، وخصوصا الشباب الضال يلجأ لهذا العنف غير المسبوق لأنه مشحون ضد الأجانب، فالأجنبي علي أرض ألمانيا يعمل ويكسب وله حياة اجتماعية، بينما بعض المتطرفين في المجتمع الألماني يعانون من البطالة هذه "الشحنة" ضد الأجانب والمسلمين علي وجه التحديد يسمعها ويعيشها القاتل سنوات منذ الحادي عشر من سبتمبر وما قيل عن تنظيم القاعدة، وذلك الكلام ليس اجتهادا والدة قاتل مروة الشربيني قالت في شهادتها إن ابنها يسمع ليل نهار أن الإسلام كلمة مرادف للارهاب، وأن الأجانب يأخذون ثروات ألمانيا وهم "الألمان" عاطلون. وفي نفس السياق قال محامي المتهم "قبل أن تحاكموا موكلي اليكس فارنر، حاكموا المجتمع الذي ارضعه الحقد علي الأجانب" من عبارة المحامي انطلق للقول بأن القاتل كان من الممكن ان يوجه طعناته لصيدلانية مسيحية تعلق الصليب علي صدرها لأنها مصرية أي أجنبية ليس مهما لدي القاتل شكل المرأة المهم أنها أجنبية، وعربية، مسلمة أو مسيحية لا يهم. لهذا أقول إن قاتل مروة الشربيني الذي تنطق المحكمة بالحكم عليه بعد يومين، لن يكون الأخير طالما أن "الاندماج" بين ألمانيا والأجانب، خاصة العرب، متعثر ويعاني هزالا شديدا. أضيف إلي ذلك طبيعة مجتمع دريسدن في ولاية سكسونيا من ألماينا الشرقية والمهاجرين الروس إليها مثل القاتل وأمثاله.