تحاول وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ايجاد مخرج من حالة الجمود التي وصلت اليها مفاوضات السلام في الشرق الأوسط بين الفلسطينيين وبين اسرائيل، ولكنها ليست الوحيدة التي تريد ذلك. فقد نبه معظم زعماء دول العالم والمنظمات الدولية والحقوقية والانسانية إلي خطورة استمرار الأوضاع علي ما هي عليه. في سياق محاولات الولاياتالمتحدة تحاول كلينتون اقناع الفلسطينيين والإسرائيليين باستئناف عملية السلام، إلا أن جهودها تصطدم برفض الحكومة الإسرائيلية إيقاف توسيع المستوطنات في الأراضي المحتلة وإصرار الفلسطينيين علي ذلك. علي ما يبدو لم تستطع كلينتون تحقيق أي اختراق في هذه القضية ولا توجد دلائل تذكر علي تقديم تنازلات من اي جانب في اتجاه تحريك الموقف المتأزم. قاوم نتنياهو الذي يضم ائتلافه اليميني أحزاباً مؤيدة للاستيطان دعوات أوباما بشأن تجميد كامل للاستيطان في الضفة الغربيةالمحتلة، بينما أصر الرئيس الفلسطيني محمود عباس علي عدم استئناف المحادثات المباشرة قبل تطبيق التجميد الكامل للاستيطان. علي أنه ليس صحيحا أن الموقف متجمد أو أن عملية السلام اعتراها الجمود لأن واقع الحال يشير إلي الاستمرار في تدهور الأوضاع يوما بعد يوم في الأراضي المحتلة وارتفاع وتيرة المزايدة علي المواقف السياسية من جانب المتشددين علي الجانبين، هذه المزايدة في ظل الأوضاع الانتخابية تدفع السياسيين الذين يديرون تلك العملية الي خندق من النار حيث تعتبر المرونة المطلوبة في المفاوضات بمثابة اخلال بالبرامج الانتخابية التي تستقطب المتشددين. في الأسبوع الماضي تناولت تحليلات الصحف الأمريكية موضوع استئناف محادثات السلام بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي بصورة متباينة، فيري البعض أن الجانب الإسرائيلي لن يقدم أية خطوات عملية لتحقيق السلام وسيظل متمسكا بمواقفه المرفوضة من الجانب العربي بصفة عامة والجانب الفلسطيني بصفة خاصة. ويركز آخرون علي مؤشرات اخفاق عام يمكن استشعارها من تراجع الرئيس أوباما عن دعوته الي تجميد الاستيطان، إلي تأكيده علي ضرورة استئناف المفاوضات دون شروط مسبقة مكتفيا بدعوة الحكومة الإسرائيلية إلي اتخاذ خطوات من شأنها ضبط البناء في المستوطنات. في نفس الوقت تتصاعد الدعوة في واشنطن إلي تخليها عن السعي إلي عقد مفاوضات سلام كما أشار الي ذلك الكاتب دانيال بايبس المعروف بتحيزه لاسرائيل- في مقالته عملية السلام أم عملية الحرب؟ إسرائيل وأعداؤها، مؤكدا أنه لا أمل في إنجاح أي مبادرة لمباحثات السلام وأرجع فشل المباحثات السابقة إلي أن إسرائيل تستبعد خيار الحرب، لذلك ينبغي علي واشنطن التخلي عن المفاوضات والعودة بدلاً من ذلك إلي سياسة أكثر نجاحًا وهي القتال لتحقيق النصر. الغريب أن هذا هو نفس الكلام الذي يردده جانب من العرب المنتقدين لأسلوب المفاوضات مع اسرائيل.