سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بفضل عملياته في الأسواق الناشئة ورفضه التعامل في المشتقات المسمومة
بنك ستاندارد تشارترد يصمد أمام الركود ويزيد أرباحه وقيمة أصوله ويضاعف أسعار أسهمه في 2008
غالبا ما تكون الأسواق الناشئة قاسية علي البنوك، فالحكومات هناك غير مستقرة، وسلوكيات إدارات الشركات تبدو ملتبسة كما أن ثقة المستثمرين متقلبة إلي الدرجة التي تجعل من الصعب التنبؤ بالمستقبل وذلك علي عكس الحال في الاقتصادات المتقدمة، ولكن الأزمة المالية العالمية كما تقول مجلة "تايم" قلبت الكثير من الأوضاع، ففي حين تتعثر كبريات البنوك في الولاياتالمتحدة وأوروبا نجد أن كثيرا من المؤسسات المالية في العالم النامي تتمتع بأوضاع أفضل. وهذا بالضبط هو ما يحدث لبنك ستاندارد تشارترد، فالمقر الرئيسي للبنك في لندن ولكن معظم عملياته تتركز في الأسواق الناشئة في آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا، والنتيجة هي أن البنك لم ينجح فحسب في تخطي الأزمة المالية العالمية وانما حقق أيضا نتائج مبهرة، فأرباحه قبل خصم الضرائب زادت بنسبة 19% وقيمة أصوله زادت هي الأخري 32% لتصبح 435 مليار دولار. والمسألة ليست مجرد صدفة أو ضربة حظ فقد أعلن ستاندارد تشارترد في مايو الماضي عن تحقيق أرباح قياسية في الربع الأول من عام 2009 كما أن أسعار أسهمه في لندن قد تضاعفت منذ شهر مارس الماضي.. وهذا الأداء الممتاز الذي تحقق رغم اسوأ ركود عرفه العالم منذ عشرات السنين جعل البنك يحتل مكانة متميزة ويزيد نصيبه من السوق ويجتذب المواهب والخبرات علي حساب منافسيه، ومن جانبه فإن بيتر ساندز - 47 عاما - الرئيس التنفيذي لبنك ستاندارد تشارترد يفسر هذا النجاح تفسيرا بسيطا بقوله انه كانت لديهم استراتيجية واضحة وأنهم كانوا حاسمين في ضرورة التمسك والألتزام بها. وهذه الاستراتيجية تتمثل في التركيز علي العمليات المصرفية الأساسية وعدم الولوج في سوق المشتقات الذي أورد البنوك الأخري في أسواق الغرب موارد التهلكة، وقد حرص ساندز علي عدم شراء أي قدر من الأوراق المالية المسمومة من مشتقات سوق الرهانات العقارية الأمريكية رغم أنها كانت ذات يوم تعد بأرباح عالية وقد تمسك ساندز بهذا الموقف إلي درجة أنه رفض قبول أية مشتقات لضمان قروض البنك لدي المصدرين الآسيويين الذين تعثروا نتيجة انخفاض طلب المستهلك الأمريكي. ولزيادة موقف البنك قوة قام الرجل بجمع 7.2 مليار دولار من إصدار أسهم قام ببيعها في البورصة في ديسمبر 2008 ورفع بذلك الطبقة الأولي لنسبة رأسمال البنك لتصبح 1.10% رغم أن نسبة 8% فقط تعتبر نسبة جيدة ويقول جازبال تسينج بيندرا الرئيس التنفيذي لعمليات ستاندارد تشارترد في آسيا إنهم تعلموا من الأزمات السابقة مثل الأزمة المالية الآسيوية عام 1997 كيفية توقي ما يتعرضون له من مشاكل ومنعها من التحول إلي أزمات. ورغم أن البنك كان قد واجه بعض المشاكل في الأسواق الناشئة فإنه ظل قادراً علي تحقيق 80% من أرباح العمليات من هذه الأسواق وبالذات من آسيا وإذا كانت بعض أسواق مثل سنغافورة قد شهدت أزمات إلا أن أسواقه الآسيوية الأخري ظلت جيدة وبالذات الهند التي يملك فيها ستاندارد تشارترد أكبر شبكة فروع متفوقا بذلك علي كل البنوك الأجنبية العاملة في الهند ويقول اليكس بوتر محلل البنوك في شركة السمسرة كولينز ستيوارت بلندن إن ستاندارد تشارترد من أفضل بنوك العالم وأن أرباحه عالية حتي في السوق البريطاني وأنه ليس في حاجة إلي اللهاث وراء سراب تحقيق الربح عن طريق الأوراق المالية المسمومة. وليس معني ما تقدم أن هذا البنك يعيش بلا مشاكل وإن كان معناه أن مشاكله لا تزال حتي الآن تحت السيطرة فمع استمرار الركود يتعرض كثيرا من عملاء ستاندارد تشارترد للتعثر وفي عام 2008 زادت نسبة قروضه المتعثرة 30% عما كانت عليه في عام 2007.. ورغم أن الظروف الاسوأ قد مرت علي الصين والهند أكبر أسواق ستاندارد تشارترد الآسيوية في العام الماضي فإن المحللين يرون أن البنك لن يحقق في 2009 نفس النتائج المتميزة التي حققها في 2008 وعلي سبيل المثال فإن شركة السمسرة CLSA تتوقع ألا تتجاوز الزيادة في أرباح البنك في عام 2009 قبل خصم الضرائب 4% فقط وفي نفس الوقت فإن وكالة ستاندارد آند بورز قامت في أبريل الماضي بإعطاء ستاندارد تشارترد درجة ملاءة سالبة ولكن المسئولين في البنك يرون أن عملياتهم تحت السيطرة وأن خسائرهم من القروض المتعثرة لن تكون كبيرة وللدلالة علي قوة مركز البنك فإنه يقوم بتوسيع قروضه لتمويل المشروعات الصغيرة في آسيا كما أن ساتدز يقوم بعقد صفقات اكتساب في الهند وغيرها من بلدان آسيا كما تمكن ساتدز من اجتذاب مائة من كبار العاملين ذوي الكفاءة في البنوك المنافسة ليدعم بهم قوته العاملة ويري المحللون أن البنك لا يزال لديه قدرة كافية لتخطي الأزمة العالمية من دون خسائر.