علي مدار السنوات الماضية كان الجدل والنقاش يدور حول استيلاء الحكومة علي أموال التأمينات والمعاشات ولكن الخطورة ليست في اقتراض الحكومة لأموال صناديق التأمين والمعاشات لأنها في النهاية تحول العجز إذا ما حدث في احتياجات تلك الصناديق وذلك وفق الدستور بمعني أن الحكومة تضمن أموال صناديق التأمين والمعاشات، لكن الخطورة تكمن في عدم قدرة هذه الصناديق علي الاستمرار والوفاء بالتزاماتها تجاه أصحاب المعاشات ويؤكد علي ذلك الدراسات الاكتوارية التي يقوم بها الخبراء الاكتواريون كل خمس سنوات كإجراء دوري للتأكد من كفاءة النظام المالي للصناديق في أداء الخدمات التأمينية أو وجود عجز في الصناديق وعدم كفاءة الموارد الحالية لتمويل الزيادات الدورية في أموال المعاشات في المستقبل .. فالنتائج التي توصلت إليها الدراسات الاكتوارية علي صندوقي التأمينات أظهرت بالنسبة لصناديق التأمين علي العاملين في قطاع الأعمال العام والخاص أنه مر بظروف سوف تؤدي في المستقبل إلي عدم قدرته علي الوفاء بالتزاماته منها هذه الزيادات المتتالية للمعاشات من 30% و10% و7.5% خلال السنوات الأخيرة بتكلفة تجاوزت 2.5 مليار جنيه بخلاف 2.9 مليار جنيه تحملها الصندوق خلال العام المالي الحالي تكلفة تنفيذ حكمي المحكمة الدستورية وانتهت الدراسة إلي أن الصندوق يستطيع الصمود ولمدة 10 سنوات فقط مع التزام وزارة المالية برفع العائد الشهري لصك المديونية علي الخزانة العامة والذي يقدر ب700 مليون جنيه. التزام بالسداد أما بالنسبة للصندوق الحكومي فإنه أفضل حالا وذلك لأن كل المشتركين فيه ملتزمون بسداد هذه الاشتراكات والتي تبلغ سنويا 7 مليارات جنيه لكن الدراسة الاكتوارية أشارت إلي انخفاض موارده بالإضافة إلي تراجع عائد الاستثمارات نظرا لتراجع استثماراته بالبورصة بنسبة تصل إلي 20% مما يجعله قريب الحال بالصندوق الخاص بالعاملين في قطاع الأعمال العام والخاص ولذلك فالمشكلة تتعلق بقدرة هذه الصناديق علي الاستمرار والاستدامة المالية في المرحلة المقبلة. جوانب إيجابية تلفت الدكتورة أمنية حلمي الخبير الاقتصادي بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية إلي أن نظام المعاشات المطبق حاليا في مصر يتمتع بكثير من الجوانب الإيجابية لكنه يحتاج إلي تطوير فرغم أنه يوفر حماية من مخاطر عدة ويؤمن علي غالبية قوة العمل إلا أنه بحاجة لرفع كفاءته الاقتصادية وتعزيز قدرته علي الاستدامة المالية في الأجل الطويل. واقترحت الدكتورة أمنية حلمي لتحقيق الاستدامة لأموال التأمينات ضرورة تعديل نظام المعاشات الحالي من خلال تغيير بعض القواعد المتعلقة بهيكلي الاشتراكات والمعاشات ووضع آلية تلقائية للمحافظة علي القيمة الحقيقية للمعاشات وإجراء التعديلات التشريعية اللازمة لرفع كفاءة استخدام أموال المعاشات بتنويع مجالات الاستثمار وإيجاد جهة مستقلة متخصصة في وضع وتنفيذ سياسة للاستثمار الأمثل لهذه الأموال كل ذلك في الأجل القصير. أما في الأجل الطويل تري حلمي أن التطوير يستلزم تطبيق النظام التأميني المحول بالكامل باشتراكات محددة مع ضرورة أن يظل للدولة دور رئيسي في إعادة التوزيع لصالح محدودي الدخل، وضمان حماية حقوق أصحاب المعاشات عند التحول إلي النظام الجديد مع التدرج في التطبيق ووضع الإطار القانوني والتنظمي والرقابي اللازم. حقوق ومزايا بينما يري صفوت نور الدين المحاسب القانوني أن نظام التأمين الاجتماعي الحالي يقوم علي أساس تحديد الحقوق التأمينية مقدما وليس علي أساس تحديد الاشتراكات أي يتم تحديد الحقوق والمزايا التأمينية دون الربط بين هذه الحقوق وما يؤديه المؤمن عليه من اشتراكات خلال مدة حياته الوظيفية لتمويل هذه الحقوق والمزايا مما نتج عنه عددا من المشاكل أهمها: ضعف الملاءة المالية للنظام الحالي وعدم قدرته علي الوفاء بالتزاماته علي المدي الطويل فضلا عن ارتفاع قيمة الاشتراكات مما يؤدي إلي تهرب البعض من دفع هذه الاشتراكات. كما لا يقدم النظام الحالي أي خدمة لمحدودي الدخل والكلام لصفوت نور الدين وكذلك أصحاب الدخول غير المنتظمة وضعف العلامة بين الاشتراكات المدفوعة والمزايا الممنوحة مما يجعل الكثير من المستفيدين يشعرون بعدم تناسب المزايا الممنوحة مع حجم الاشتراكات المدفوعة، والأهم من ذلك عدم تناسب المعاشات المنصرفة مع ارتفاعات الأسعار المستمرة وبالتالي نجد الزيادة السنوية للمعااشات لا تتناسب مع الزيادة في معدلات التضخم.