من التصريحات الجديدة القديمة ما يتردد عن زيادة نسبة الأمية الابجدية في مصر آخر هذه التصريحات منسوبة إلي وزير التعليم يسري الجمل يقول إن نسبته في مصر وصلت إلي 27% أي ما يقارب 17 مليون مواطن مصري لا يقرأ ولا يكتب. الحديث عن الأمية وعن محو الأمية.. وعن تعليم الكبار.. لم ينقطع مطلقا علي مدي العقود الماضية، وعلي ما أذكر منذ وعيت علي الحياة العامة قبل نحو ستين عاما. مشكلة الأمية الأبجدية ورثها نظام ثورة يوليو.. ومنذ عام 1952 وبرامج محو الأمية تتوالي ونظم تعليم الكبار وحوافز للذين يمحون أمية الكبار ولم تتقدم هذه المشكلة في مسار الحل بل علي العكس حدثت مضاعفات أبرزت الانتقال إلي مرحلة أسوأ وهي الأمية العلمية والثقافية والصحية والسياسية. الأمية الأبجدية أقل أنواع الأمية ضررا لأن من لا يستطيع القراءة أو الكتابة يقع ضرره علي نفسه بالدرجة الأولي فقد يتعرض للنصب نتيجة جهله بالقراءة والكتابة.. وقد لا يحظي بفرصة عمل مناسبة وهكذا. المشكلة في الذين يحصلون علي شهادات متوسطة أو جامعية ويعانون من الأمية في مجال اكتسابهم للمعرفة.. ومعني ذلك اضاعة المزيد من الوقت والجهد والأموال في تعليم لا طائل من ورائه. اشتكت بعض الدوائر من أن أطباء حاصلين علي شهادات الدكتوراة معلوماتهم محدودة ولا يستطيعون التصدي لتقديم الخدمة العلاجية الصحيحة الأمر كذلك بالنسبة لخريجي كليات نظرية أو عملية أخري، فالذي يدرس المحاسبة يتخرج ولا يعرف ماذا درس ولماذا؟ ويحتاج إلي إعادة تأهيل كاملة إذا كان يريد أو لديه الرغبة في أن يصبح محاسبا.. وهكذا. لا أعرف كيف يتخرج طلبة في معهد السكرتارية وهم لا يجيدون استخدام لوحة مفاتيح الكمبيوتر فضلا عن البرامج الاساسية التي تؤهلهم لكتابة خطاب بصيغة رسمية لقضاء مصلحة. التدهور الشديد في مستوي التعليم يجعل الحديث عن مسألة ال17 مليونا وعن نسبة ال27% الذين يعانون من الأمية الأبجدية نوعا من الترف الذي لا يمكن أن يناسب ظروف دولة ومجتمع يريد أن ينهض ويزعم أن له دورا محوريا اقليميا ودوليا. الذي تعلم الآن هو من يريد أن يتعلم بمجهوده الخاص وبقدرته علي الانفاق علي التعليم أما ما تنفقه الدولة فهو تضييع لموارد لا يستفيد منها أحد من الانفاق لسد الذرائع والزعم بأن الدولة تنفق كذا وكذا علي التعليم. ان حالة الذين يتخرجون من المدارس والجامعات لا تبشر بالخير أبدا والمهم أن تركيز الأمر علي الأمية الابجدية يتصور البعض أنه قد يوجه النظر بعيدا عن مشكلة انعدام التعليم في مصر.