كل عام وانتم بخير.. هذا رمضان اتي من جديد اعاده الله علينا وعليكم بالخير. ليس في وسع الانسان الا ان يشكر الله ويحمده علي عطائه له بالقدرة علي الصوم في رمضان تأكيدا للطاعة وحسن العبادة وتنفيذا لامر الله سبحانه وتعالي "فمن شهد منكم الشهر فليصمه". ما أحلي ان يجد الانسان في نفسه القدرة علي طاعة الله.. وفي هذه الحالة فإنه لا يشعر بالمشقة التي قد يسببها الصيام مثل الجوع والعطش او الارهاق. الواقع ان جانبا كبيرا من المشقة في ايامنا هذه يرجع إلي اسباب لا تتعلق برمضان او الصيام.. وان كان جانب من الزحام الشديد يكون بسبب رغبة الناس في العودة إلي بيوتهم في وقت واحد تقريبا قبيل موعد اذان المغرب. حتي هذه فهي عادة فلا شئ في الدين يقول للناس يجب ان يكون الافطار ساعة المغرب في البيوت.. ولا شيء يقول ان كل افراد الاسرة يجب ان يفطروا معا في وقت واحد. صحيح ان موعد الافطار هو اذان المغرب ولكن الافطار شيء، وتناول الطعام بالصورة المألوفة لدينا في مصر شيء آخر. شاهدنا في مجتمعات اسلامية أخري بل في تجمعات اسلامية في دول غير اسلامية المسلمين يفطرون ساعة المغرب بمعني "كسر الصيام" اي شرب قليل من الماء او اللبن مع بعض التمر او ما أشبه من الفاكهة المتاحة ثم ينصرفون الناس إلي صلاة المغرب وبعدها قد يتوجهون إلي تناول وجبة او في بعض الاحيان يؤجلونها إلي ما بعد صلاة العشاء. ليس هناك وقت محدد -اذن- لتناول الطعام، ولكن المواعيد الرمضانية هي موعد لبدء الصيام ساعة الفجر، وموعد لانتهاء ساعات الصوم المفروضة مع ساعة المغرب. هذان الموعدان ليس لهما علاقة مباشرة بتناول كمية من الطعام ولكن العادات الاجتماعية هي التي فرضت علي الناس التواجد لتناول الطعام في وقت واحد وهكذا ومع زيادة عدد السكان والازدحام الطبيعي في ساعات الذروة ان اصبح لدينا ساعة ذروة الذروة وهي الساعة التي تسبق موعد اذان المغرب لان معظم الناس يحرصون علي العودة إلي منازلهم في نفس الوقت. رمضان -اذن -ليس مسئولا عن رغبة الناس في اختياره يكون موعدا لتجمع الاسرة ساعة الافطار.. ولا مسئولا عن تنظيم حفلات الافطار ودعوة الاقارب والاصدقاء ولتناول وجبة الافطار في بيت احدهم او في مكان عام حسبما تيسر. الناس اذن هي التي تزيد من صعوبة الأمر عليها وتستند إلي الفرض الديني كفريضة الصوم في تحميلها بنوع من المعاناة هي ليست بطبيعتها من العبادة. فرض الله الصوم علي الناس ليس ليشقي ولكن ليطيع، ولكن الانسان هو الذي فرض علي نفسه المشقة. ولنا عودة.