كل عام وانتم بخير.. هذا رمضان يحلو فيه الحديث عن الصوم ومآثره والعبادة وأداء الفريضة. قلنا بالامس ان معظم المشقة في رمضان يفرضها الانسان علي نفسه وان رمضان ليس مسئولا عن القرار الاجتماعي الذي التزم به الناس طواعية بالذهاب الي بيوتهم في وقت واحد لتناول وجبة الافطار. قلنا ان افطار الصائم فرض ساعة المغرب ولكن تناول وجبة مسألة اخري لان الافطار معناه انهاء الصوم في ذلك اليوم بشرب قليل من الماء او اكل بعض الطعام. ولم يرد في اي اثر ديني ان هناك كمية محددة من المشروب او المأكول لانهاء الصوم.. ومادام الصائم قد نوي الافطار فأي شيء يدخل جوفه ينهي ساعات صومه. الطعام وانواعه والشراب وانواعه.. الولائم العامرة والدعوات علي الافطار هي في الواقع تسبب العبء والمشقة علي الناس وتزيد من مصاريفهم وقت الغلاء.. وهي في نفس الوقت ليست من الدين في شيء ولا علاقة مباشرة بينها وبين الصوم او رمضان. اعتاد الناس علي اقامة الولائم او التوسعة علي انفسهم وعلي اهليهم في شهر رمضان ولا بأس في ذلك.. من وجهة نظري لا بأس ان يدعو الناس بعضهم بعضا للتزاور والاكل وقضاء بعض الوقت ولكن في أي شيء؟ إن البعض يفصل تماما بين نهار رمضان وبين ليل رمضان، ويعتبرون رمضان هو في النهار دون الليل، وهؤلاء أظنهم مخطئين لان شهر رمضان صدر الامر الالهي بالصوم فيه "فمن شهد منكم الشهر فليصمه" ومعني ذلك ان الشهر بليله ونهاره له قدسيته كل ما في الامر ان ساعات الصوم تحددت بطلوع الفجر الي غروب الشمس.. يعني تلك الساعات يجب الامتناع فيها عن الطعام والشراب ونحوه من مفسدات الصوم الحسية. أما مفسدات الصوم غير الحسية فهي اكثر بكثير من الطعام والشراب او ما يدخل الجوف او يثير الشهوة الجنسية. الصوم في حقيقته طاعة لامر الله سبحانه وتعالي وليس مجرد امتناع عن تناول طعام او شراب ولكنه امتناع أو فرصة للامتناع عن كل ما نهي الله عنه سواء كان حسيا او معنويا، وكذلك التصميم علي تنفيذ ما أمر به الله سواء كان حسيا او معنويا. في تقديري ان اهم ما أمرنا الله به هو التقوي في قلوبنا والصوم مدعاة للتذكير بالتقوي والتركيز عليها بالكف عما نهي الله عنه والحرص علي ما أمر به. ان يتقي الانسان الله في نفسه وفي غيره هو الغاية من الصوم في رمضان دون التركيز باستمرار علي المشقة التي يتحملها بسبب الجوع او العطش او الازدحام وكثرة المصاريف. ولنا عودة..